رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تونس تنتفض للمساواة التامة بين الرجل والمرأة في «الميراث»

مظاهرات الميراث في
مظاهرات الميراث في تونس

بعد مسألة زواج المسلمة من غير المسلم 
وزير الأوقاف التونسي يبرر لـ"أمان": مجرد مقترحات والبرلمان صاحب القرار
باحث تونسي: لسنا دولة شريعة.. وآيات الحدود يطبقها المتطرفون فقط
عضو "كبار العلماء": تونس تحارب الله ورسوله.. ولا يعرفون شيئًا عن الإسلام

دخل المجتمع التونسي في انتفاضة جديدة لتطبيق مسألة المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الميراث، وتسخر منظمات المجتمع المدني الآن كل أسلحتها لخوض تلك المعركة التي أعطى الرئيس التونسي الباجي قائد السيبسي، الضوء الأخضر لتنفيذها، في ظل رفض كبرى المؤسسات الدينية في الوطن العربي لما تفعله تونس وعلى رأسها الأزهر الشريف.

نظمت مئات‭‭ ‬‬التونسيات مسيرة حاشدة إلى مقر البرلمان، السبت الماضي، وتجهز لمسيرات آخرى خلال الأسبوع المقبل، للمطالبة بالمساواة في الميراث ليفتحن الجدل من جديد بعد مسألة "زواج المسلمة من غير المسلم".


رفعت المتظاهرات شعارات: "تونس دولة مدنية واللي ليك ليا" و" المساواة حق موش مزية". وقالت كل من سناء بن عاشور، رئيسة جمعية "بيتي" لدعم النساء، ومنية بن جميع، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، إن مجرد مناقشة الأمر يشكل انتصارًا وعبرت عن الأمل في التصويت على قانون في هذا الاتجاه عام 2019، وإن قوانين الميراث وفق الشرع الإسلامي في تونس "هي أحد آخر معاقل المجتمع الأبوي، ويجب أن تتحقق المساواة في الحقوق كما نص عليه الدستور".

كان الرئيس التونسي الباجي السبسي طالب في 13 أغسطس الماضي، بإلغاء المنشور الصادر عن وزارة العدل التونسية سنة 1973، والقاضي بمنع زواج المرأة التونسية المسلمة بأجنبي غير مسلم، معلّلًا قراره بالتغيّرات الاجتماعيّة التي تعيشها المرأة في تونس وظروف دراستها وعملها في الخارج، كما أعلن تشكيل هيئة للنظر في مشروع قانون يساوي بين الجنسين في الميراث خلافًا لما جاء في القوانين القديمة. 


دعوة السبسي أثارت ردة فعل غاضبة من قبل المؤسسات الدينية التي اعتبرتها، مخالفة للإسلام نفسه، وهو ما دفع وزير الشئون الدينية التونسي، المستشار أحمد عظوم، للقول في تصريحات خاصة لـ"أمان"، إن مسألة "زواج المسلمة من غير المسلم، والمساواة في الميراث"، ليست فتاوى، لكنها مجرد أفكار وآراء"، لافتًا إلى وجود لجنة دينية كونها رئيس الجمهورية لجمع جميع الأفكار المشابهة ودراستها، وعرضها بعد ذلك على مجلس نواب الشعب، لتشريعها قانونيا، ولكنها لم تكن فتاوى على الإطلاق.

غير أن هادي يحمد، الباحث التونسي البارز في شؤون الجماعات الإسلامية، قال في تصريحات خاصة لـ"أمان"، إن التمسك بتطبيق آيات الميراث في القرآن دون غيرها يجعلنا في مأزق حقيقي، مضيفًا: "على هؤلاء أن يدافعوا عن آيات الحدود أيضًا، لأن هذه آيات قطعية الدلالة ولا تحتمل تأويلًا، ونحن في تونس تجاوزنا هذا الأشكال بالاقرار بمدنية الدولة، ونحن في تونس لسنا دولة تطبق الشريعة وهذا مثبت في الدستور".



وأضاف الباحث التونسي: "الدفاع عن آية الميراث يجبر المنادين بذلك على الدفاع عن آيات حد السرقة وحد الزنا وحد الحرابة وآيات السبي والرق. وكل هذه الآيات لم يعد معمولًا بها لمقتضيات العصر، فقط الروية الدينية المتشددة التي تتبناها التيارات الدينية المتطرفة هي التي مازالت تطالب بحرفية تطبيق آيات الحدود".

يشار إلى أن الدستور التونسي لعام 2014 ينص على: "المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات وحرية الضمير والمعتقد".

في سبتمبر الماضي 2017، أعلنت المتحدثة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة القراش، إلغاء جميع النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بأجنبي. وكتبت القراش على الصفحة الرسمية للرئاسة بـ"فيسبوك"، إن "منشور عام 1973 والقرارات ذات الصلة المتعلقة بمنع زواج التونسية بأجنبي تم إلغاؤها، وأصبح لنساء تونس حق حرية اختيار القرين (الزوج)".

وبشأن المسيرات التي تطلقها السيدات في تونس خلال الفترة الحالية، قال "يحمد"، مسيرة "التحالف الوطني من أجل المساواة في الميراث"، كانت بمثابة عملية استباقية وورقة ضغط قبيل إصدار لجنة المساواة والحريات الفردية تقريرها. 

تابع الباحث التونسي: "من المنتظر أن تقدم هذه اللجنة تقريرها بعد الانتخابات المحلية في 6 مايو المقبل. إذًا من المهم النظر إلى مسيرة 10 مارس في هذا الإطار أي في إطار الضغوطات التي يقوم بها المجتمع المدني والقوى الديمقراطية في تونس من أجل تحقيق مطلب المساواة التامة بين الرجال والنساء والتي أقرها الدستور التونسي الجديد".


فيما شن الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء، في تصريحات لـ"أمان"، هجومًا شديدا على تونس ومسؤوليها، قائلًا: "هذه التحركات النسائية بتونس؛ حرب على الله ورسوله والمؤمنين؛ موجه من أعداء الدين الإسلامي والمقصود منها محاربة مصر والأزهر الشريف"، مستدلًا بقول الله -عز وجل - في مسألة الميراث في سورة النساء:" فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ".

وأضاف مهنا: "أن وجب على رئيس الدولة الحالي أن يضرب بيد من حديد، ويفعل على الحجم من هذه الأفعال، التي يريد منها محاربة الله ودينه من الدول الغربية، وخاصة أمريكا وأوروبا وفرنسا، وكانت بداية هذه الحرب من تونس التي لا تعرف شيئًا عن الدين الإسلامي، رغبة منهم للمحاربة الإسلام والأزهر الشريف، فاستخدموا المرأة أداة لمحاربته؛ نظرًا لأنها لا تعرف شيء عن الإسلام وجاهلها، أن المجتماعات العربية تعحكم بالشريعة الإسلامية".

وتابع عضو هيئة كبار العلماء: "رؤساء تونس لم يعرفوا شيئًا عن الإسلام، كـ الحبيب بورقيبة، وقبله زين العابدين بن علي، الذين حرموا صيام رمضان حجتهم في ذلك إنه يعطل الإنتاج، دائمًا الأزهر يرد على تونس التي لا تعرف شيء عن الإسلام في جميع مسألها المحاربة للإسلام، كما منع من زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم".

واتفق معه في الرأي الدكتور محمد عثمان صالح، رئيس هيئة علماء السودان، في بيان أصدره بشأن تونس، بالقول: "المطالبة بمساواة الرجل والمرأة فى الميراث ناتجة عن سوء فهم النظام الاجتماعى فى الإسلام الذي يقوم فيه الرجل بكفالة الأسرة المسلمة"، ونفى صحة أن الرجل في كل الحالات يأخذ نصيبًا في الميراث أكثر من المرأة، مشيرًا إلى أن أكثر من عشرة حالات أو مسائل في الإسلام تأخذ فيها المرأة زوجة كانت أو أختا أو أما نصيبا أكثر من الرجل أو مساويا له فى الميراث.