رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أجهضت الأجهزة الأمنية تكرار «هجوم الروضة» في الشرقية؟

مسجد الروضة
مسجد الروضة

الإرهابيون يعتبرون غرب القناة «بنك دعم لوجستى» لعملياتهم


أثار تمكن قوات الأمن من ضبط خلية إرهابية داخل إحدى مزارع منطقة «الصالحية» التابعة لمركز «فاقوس» بمحافظة الشرقية، وتصفية أفرادها «٩ إرهابيين»، فى تبادل لإطلاق النار- سؤالًا فى غاية الأهمية: «لماذا الصالحية تحديدًا؟»، أو بشكل عام: «لماذا ترتبط الشرقية بمعظم الخلايا الإرهابية ذات الصلة بالنشاط الإرهابى فى شمال سيناء؟».
ذلك السؤال حول تلك الخلية، والأخرى المرتبطة بها التى تم إلقاء القبض عليها فى القاهرة «٩ إرهابيين» تزداد أهميته إذا ما علمنا أن النسبة الكبرى من المتهمين فى قضية «أنصار بيت المقدس الأولى»، ينتمون إلى محافظتى الشرقية والإسماعيلية.



المجموعة دخلت من السودان.. والارتباط القبلى مع سيناء سبب تمركزهم فى الشرقية
أول الأسباب المفسرة لذلك الارتباط، هو أن الشرقية والإسماعيلية تمثلان امتدادًا جغرافيًا وقبليًا بسيناء، ويكاد يكون المكون القبلى بينهما واحدًا، فأكبر القبائل السيناوية المنشأ تنتشر فى المناطق الواقعة غرب القناة.
وتتشابه كذلك مكونات الحالة الدينية، حتى إن ضريح الشيخ «عيد أبوجرير»، مؤسس كبرى الطرق الصوفية فى سيناء «الجريرية»، موجود فى مدينة «سعود» التابعة لمحافظة الشرقية، التى تقع على بُعد ١٥ كيلومترًا، عن مدينة «الصالحية القديمة»، ونحو ٤٠ كيلو عن «الصالحية الجديدة».
كل ذلك قد يشير إلى أن تلك الخلية الأخيرة خططت لاستهداف ضريح «الشيخ عيد» فى الشرقية، خاصة أن المبايعين لتنظيم «داعش» فى سيناء هددوا باستهدافه، إلى جانب مسجد «الروضة» الذى تم استهدافه بالفعل.
ويتميز الشريط المحازى لغرب القناة بالسهول الرملية، التى انتشرت فيها عشرات الآلاف من المزارع التى استُصلحت أراضيها فى الـ٥٠ سنة الماضية، فباتت بعد ذلك مرتعًا خصبًا لفلول الهاربين من الأحكام الجنائية، ثم بعد ذلك ملاذًا لخلايا الإرهاب.
وشهدت هذه المنطقة انطلاق تحركات «خالد مساعد»، ورفيقه «نصر خميس الملاحى»، اللذين أسسا تنظيم «التوحيد والجهاد»، النواة الأولى لمبايعى «داعش» فيما بعد.
وحرص التنظيم - منذ تكوين هيكله الأساسى- على تنصيب مسئول لمحافظة الشرقية، ووجه إياه بعدم التركيز على تنفيذ عمليات هناك، بل يتركها مأوى آمنًا لخلاياه وعناصره، حتى يأمن بذلك تأمين قاعدة تكون منطلقًا لعمليات الدعم اللوجستى له فى سيناء، أو الانطلاق بعملياته ناحية الدلتا والعاصمة.
وفيما يتعلق بما ورد فى بيان «الداخلية» حول دخول من تم إلقاء القبض عليهم فى القاهرة من إحدى «الدول المجاورة»، قالت مصادر أمنية لـ«الدستور»، إن هذه المجموعة مبايعة لتنظيم «داعش» الإرهابى، وانتقلت لمصر عن طريق الحدود السودانية، لافتة إلى أنه ألقى القبض من قبل على ٨ أشخاص، أثناء تلقيهم تدريبات على مختلف أنواع الأسلحة، فى صحراء أسوان، واعترفوا بأنهم تابعون للمجموعات النوعية المسلحة لجماعة «الإخوان»، وأنه تم تكليفهم بتلقى التدريبات خلال أسبوع على أقصى تقدير، ثم الذهاب إلى القاهرة لتنفيذ عمليات إرهابية ضد رجال الإعلام، لإحداث أكبر صدى.
ودفعت السيولة الحدودية مع السودان بالعشرات إلى الدخول لمصر، وتخزين الأسلحة فى المناطق الجبلية بمنطقة «وادى النقرة»، جنوب مدينة أسوان التى تبعد عن القاهرة ٨٧٩ كم.
ومن الملاحظ أن أهم طريق استخدمه قيادات جماعة الإخوان للهروب خارج مصر، هو الحدود السودانية، ومن قبل جرى ضبط ٥ من قيادات «الإخوان» وأنصارهم، ومن بينهم صفوت عبدالغنى القيادى بـ«الجماعة الإسلامية»، ورئيس الوزراء الأسبق فى حكومة الرئيس المعزول هشام قنديل، وذلك أثناء محاولتهم الهروب إلى السودان، وهناك مَنْ نجحوا فى الهروب، ومنهم حسين عبدالعال، ومحمود حسين، وغيرهما.


أرقين والأربعين وحلايب وبرنيس.. مسارات تحركات «الدواعش»
ما بين مصر والسودان، هناك ما يمكن اعتباره حدودًا «شبه مفتوحة»، التى تؤدى إلى تحرك هذه التيارات وتنقلها من مكان إلى آخر بقدر من الحرية، ما مكّنها من التنسيق فيما بينها، ما كان له تداعياته المباشرة على التنظيمات، خاصة «أنصار بيت المقدس»، وأدى إلى ارتفاع مستوى العنف وتحوله لإرهاب متصاعد.
وتتم عملية الهروب من وإلى السودان، عبر عدة طرق برية أهمها طريق «أرقين» الحدودى، وطريق «درب الأربعين»، وحلايب وشلاتين، حيث تتخذ الجِمال والسيارات طرقًا، وممرات داخل دروب الصحراء، المعروفة لدى القبائل الموجودة هناك، التى من أهمها قبائل «الرشايدة».
ويسلك المهربون طريق «درب الأربعين» بين مصر والسودان عن طريق الجِمال، وتستغرق الرحلة حتى الوصول إلى مدينة «دراو» وسط محافظة أسوان حوالى ٤٠ يومًا كاملة.
وهناك منطقة جبلية فى الحدود الشرقية بين محافظتى أسوان والبحر الأحمر، وهى المعروفة باسم «برنيس»، يتم استخدامها أيضًا فى نقل الإرهابيين، الذين حاولوا فى الآونة الأخيرة إقامة أكثر من معسكر تدريب، وتمركز مثل معسكر مدينة «ديروط»، الذى تم رصده وتصفيته.
المصريون الدواعش بدورهم نجحوا فى خلق محطة قرب واحة «سيوة» فى الطريق من واحة «جغبوب» لنقل خطوط إمداد جديدة للمقاتلين من تنظيم «داعش سيناء»، كما كانوا هم من يستقبلون المقاتلين الأجانب من منطقة المثلث الحدودى مع دولة السودان من نقطة جبل «العوينات»، فسياراتهم تمر بهذه المنطقة، ومن واحة «الكفرة» وجبل «عبدالمالك».
واستغل الدواعش جبل «العوينات»، وهو منطقة وعرة ليهربوا منه إلى ليبيا أو يعودون منه إلى الداخل المصرى، ويكثر فى محيطه نشاط المهربين وتجار الأسلحة والمخدرات، وهو بمثابة نقطة حدودية هشة بسبب طبيعتها الجغرافية المعقدة.
بينما يقع جبل «عبدالمالك» داخل الأراضى الليبية وقرب شريط الحدود المصرى، وعلى بُعد نحو ١٦٠ كيلومترًا من منطقة «العوينات»، وتوجد بمصر صعوبة كبيرة فى التأمين الكامل للمنطقة الحدودية الغربية، بسبب صعوبة التضاريس فى بعض المناطق.
ويتضح من ذلك أن «داعش» استغل السودان كمحطة للانتقال فى إفريقيا، ووضع مصر فى ضغط دائم.
نقلا عن جريدة الدستور