رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهرجان سعد زغلول الثقافى بأسيوط


كان المهرجان الرابع لمؤسسة زغلول حدثاً إبداعياً أوجد عصفاً فكرياً ووعياً ثقافياً وساهم فى وضع البذور لتربية الشباب على تكوين الإحساس الصحيح لاستيعاب الفنون الراقية من موسيقى وشعر.

فى ظل الظروف العصيبة التى يعيشها الوطن الآن فى مواجهة الإرهاب الأسود، يخطئ من يتصور أن مواجهة هذا الإرهاب تقتصر على المواجهة الأمنية فقط، فعلى الرغم من أهمية هذه المواجهة الأمنية للإرهاب فى لحظته الآنية، فإن العمليات الإرهابية هذه ليست نبتة اللحظة ولكنها نتيجة لفعل تراكمى زمنى اعتمد على فهم خاطئ للعقيدة ونشر أفكار مشوشة وارتكز على ثقافة متخلفة لا تتوافق مع الواقع وتكرس الهجرة إلى ماض تعداه الزمن وتجاوز التطور.

ولذا هذه المواجهة لهذا الإرهاب يجب أن تسير بالتوازى فى المجال الدينى بخطاب دينى تنويرى يعتمد على المقاصد العليا للدين التى تسقط أى تناقض مشبوه بين الدين فى جانب وبين العلم والثقافة والفن فى جانب آخر، ولذا فالمواجهة مع الإرهاب بعد بعدها الأمنى يجب أن تعتمد على البعد الدينى والفكرى والثقافى، الشىء الذى يجعل من القوى الناعمة بكل أساليبها ووسائلها من موسيقى وسينما ومسرح وشعر وأدب وفن تشكيلى وسيلة أساسية لمواجهة الإرهاب على المدى المتوسط والبعيد.

وهنا يصبح دور منظمات العمل الأهلى ذا أهمية خاصة فى هذا الإطار، ولكن للأسف الشديد إن تلك المنظمات تتصارع على كعكة ما يسمى بـ«الحقوق السياسية» طمعاً فى تمويل يأتى من منظمات دولية تسعى إلى فرض أجندة بذاتها تخدم أهدافها السياسية.

أما منظمات العمل الأهلى التى تهتم بالفكر والفن والثقافة فهى قليلة وهامشية وليست ذات أثر ملموس وعلى ضوء ذلك تأتى أهمية مؤسسة سعد زغلول للحفاظ على الفنون والتراث فى أسيوط، وسعد زغلول هو فنان تشكيلى مبدع ارتبط بالوطن واهتم بالمواطن المصرى حيث تشكل وعيه السياسى والفكرى إضافة إلى نغمة الإبداع التى تميز بها فى العهد الناصرى.

فظل وحتى الآن مخلصا وفيا لموقفه ولفكره ولوطنه، فأقام تلك المؤسسة التى حافظت بداية على فن أسيوطى رائع كاد يندثر بل إنه قد اندثر بالفعل لولا زغلول الذى أحياه من خلال تعليم فتيات بسيطات لهذا الفن الذى أصبح الآن فنا عالميا وهو فن «التلى»، ثم اتسعت آمال زغلول وارتفعت طموحاته لتشمل مؤسسته هذه جميع أشكال الفن والإبداع، فأصبح يقيم مهرجانا ثقافيا وفنيا كل عام فى أقاصى الصعيد المحروم دائما فى أسيوط وكان المهرجان الرابع لمؤسسة سعد زغلول فى أسيوط من 2/4 حتى 4/4/2014 وكان هذا المهرجان مثل سابقيه، لقاء فكرياً وعرساً فنياً وفرحاً جماهيرياً لكل أبناء أسيوط، فقد تم تكريم عدد من الفنانين والمبدعين والمفكرين بتقديم درع مؤسسة زغلول مع درع المحافظة للفنان حمدى أحمد والفنان خليل مرسى والدكتورة عواطف عبد الرحمن والشاعر عزت الطيرى والأستاذ سمير غريب.

وعلى مدى أيام المهرجان بقصر ثقافة أسيوط الذى احتضن المهرجان بمساعدة الشاعر سعد عبد الرحمن - رئيس الهيئة - بعدما تم تشتيت مكان المؤسسة الذى كان سعد زغلول يستأجره من المحافظة تحت أحد الكبارى العلوية والذى حوله زغلول إلى موقع سياحى وشعلة ثقافية وملتقى ثقافى لكل أبناء المحافظة نظير إيجار شهرى، ولكن لأن هذا يتعارض مع توجه الإخوان فقد تم طرد زغلول من المكان بأمر المحافظ الإخوانى السابق وقد تحول المكان الآن إلى مقلب زبالة وملتقى لكل ما هو غير شرعى، والغريب أن محافظ أسيوط مازال يفكر ويفكر ويفكر، ومع ذلك فقد استمر المهرجان الرابع فى فاعلياته الفنية والأدبية والموسيقية مع الفنان أحمد إسماعيل وحضور المبدعين فى كل المجالات الشاعر شوقى حجاب والفنان طارق الدسوقى والفنانة وفاء الحكيم والفنانة حنان شوقى والفنان التشكيلى د. عز الدين نجيب والفنان الشاب الوطنى محمد كمال والشاعر ماجد يوسف وأسامة عفيفى، والصحفيين الأساتذة أبو العباس محمد وحمدى حمادة وقد شارك ابن أسيوط الشاعر درويش الأسيوطى غير مجموعة من المبدعين على مستوى محافظات الصعيد، وهكذا كان المهرجان الرابع لمؤسسة زغلول حدثاً إبداعياً أوجد عصفاً فكرياً ووعياً ثقافياً وساهم فى وضع البذور لتربية الشباب على تكوين الإحساس الصحيح لاستيعاب الفنون الراقية من موسيقى وشعر، ناهيك عن معرض الفن التشكيلى الذى كان فى شكل مسابقة للمشاركين على مستوى الجمهورية عن فن سيد درويش الوطنى، حيث إن المهرجان باسم فنان الشعب سيد درويش الذى ساهم فى تكوين الوجدان الثورى لأجيال المصريين منذ أوائل القرن العشرين وحتى قابل الأيام.

هذا هو الفنان والوطنى الذى يقدم ما يستطيع لوطنه وأهله، الفنان سعد زغلول، وهذه هى مؤسسته الرائدة، وهذا هو المهرجان الرابع، حين نتمنى أن يكون هذا مثلا وقدوة يحتذى بها الجميع من أجل مصر الوطن الذى يمثل هذه الأعمال الرائدة العظيمة سيكون وطناً لكل المصريين.

■ كاتب برلمانى سابق