رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحديات التنمية.. مؤتمران واحتفالية

مع الظروف الاستثنائية، غير المسبوقة، التى يمر بها الاقتصاد العالمى، بسبب وباء كورونا وتداعياته المتشعبة، أعطت المتغيرات الجيوسياسية، التى يشهدها العالم حاليًا، مزيدًا من الأهمية للنسخة الرابعة من «الأسبوع العربى للتنمية المستدامة»، والنسخة الثانية من «مؤتمر التنمية المستدامة»، واحتفالية إطلاق الاستراتيجية القُطرية الجديدة للتعاون بين مصر والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.

بالتعاون بين اتحاد الصناعات المصرية ومؤسسة الأورمان وتحت رعاية رئيس مجلس الوزراء أقيمت النسخة الثانية من «مؤتمر التنمية المستدامة»، بمدينة الأقصر، تحت عنوان «الاستدامة والتحولات الاقتصادية والاجتماعية»، وشارك فى فعالياتها، التى انتهت أمس الأول السبت، غالبية الوزراء، وعدد من خبراء الاقتصاد المصريين والأجانب، ورؤساء البنوك، وممثلون عن كبرى الشركات العالمية. وخلال أربعة أيام، جرت مناقشة سبل تطبيق مبادرات المسئولية الاجتماعية للشركات، وكيفية تفعيل التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية، لخلق شراكات إيجابية بين المجتمع المدنى والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية.

اجتمعت، أو تشاركت، فى المؤتمر، إذن، أضلاع المثلث الذهبى للتنمية: الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى. كما تحققت فيه إحدى الركائز الرئيسية لـ«رؤية مصر ٢٠٣٠»، والهدف رقم ١٧ من أهداف خطة التنمية المستدامة الأممية، الذى يدعو إلى «تعزيز وسائل التنفيذ وتفعيل الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة». وهو ما تحقق أيضًا فى «الاستراتيجية القُطرية الجديدة للتعاون بين مصر والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية»، التى أطلقتها وزارة التعاون الدولى، يوم السبت، فى احتفالية شارك فيها وزراء الخارجية، الكهرباء والطاقة المتجددة، البترول والثروة المعدنية، السياحة والآثار، البيئة، النقل والمواصلات، الصناعة والتجارة، وبعثة البنك الأوروبى، وعدد من ممثلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى.

على مدار السنوات الأربع الماضية، كانت مصر أكبر دولة عمليات بالبنك الأوروبى فى منطقة جنوب وشرق المتوسط. وتهدف الاستراتيجية الجديدة، إلى ترجمة الأبعاد الإضافية التى اكتسبها التعاون بين الطرفين، إلى واقع عملى ملموس، وتحقيق الاستفادة القصوى من التمويلات التنموية لتنفيذ رؤية مصر ٢٠٣٠، ارتكازًا على ثلاث أولويات أساسية: دعم جهود الدولة لتحقيق نمو اقتصادى شامل ومستدام، تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتعزيز التنافسية وزيادة معدلات النمو وتحفيز دور القطاع الخاص فى التنمية. والأولويات الثلاث تم وضعها من خلال مشاورات، جرت على مدار العام الماضى، بين وزارة التعاون الدولى وكافة الوزارات والجهات المعنية ومسئولى البنك الأوروبى، بالإضافة إلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى.

بالإضافة إلى ظروف الاقتصاد العالمى الاستثنائية، وما يشهده العالم من متغيرات جيوسياسية، جاء إطلاق الاستراتيجية، أيضًا، فى سياق استعداد مصر لاستضافة الدورة المقبلة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المُناخ، COP 27. ومن المتوقع، أو المأمول، أن يمارس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية دورًا مهمًا فى دعم الجهود المصرية، الهادفة إلى وضع العالم على الطريق الصحيح نحو تنفيذ الالتزامات والوفاء بتعهدات اتفاق باريس، سنة ٢٠١٥، وتحقيق التحول العادل نحو الاقتصاد الأخضر.

قبل هذه الاحتفالية، وذلك المؤتمر، استضافت مصر، أيضًا، منتصف الشهر الماضى، النسخة الرابعة من «الأسبوع العربى للتنمية المستدامة»، تحت عنوان «معًا لتعافى مستدام»، بالتعاون مع جامعة الدول العربية والبنك الدولى ومنظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبى. وخلال هذا الأسبوع، جرى إطلاق تقرير «تمويل التنمية المستدامة فى مصر»، الذى يعد جزءًا من مشروع واعد يهدف إلى إيجاد آلية مستدامة لتمويل التنمية فى الدول العربية. وكان هذا التقرير، كذلك، إحدى ثمار التعاون التنموى، إذ ساهمت فيه وزارة التخطيط بالبيانات، وكتب فصوله خبراء وأساتذة وباحثون مصريون مستقلون، تحت إشراف الدكتور محمود محيى الدين، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لتمويل أجندة ٢٠٣٠، المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن إجراءات وسياسات وجهود الدولة التنموية، طوال السنوات السبع الماضية، أسهمت فى تعزيز مرونة وصمود الاقتصاد المصرى فى مواجهة الظروف الاستثنائية، وجعلته أكثر قدرة على امتصاص الصدمات وتجاوز الأزمات: ما مرّ منها، كتأثيرات وباء كورونا وتداعياتها المتشعبة، وما قد يترتب على المناخ السياسى الدولى المرتبك، والمتغيرات الجيوسياسية التى يشهدها العالم حاليًا.