رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما يعنينا فى الأزمة الأوكرانية

الصفيح الساخن، الذى يقف، أو يجلس، عليه العالم الآن، بسبب الأزمة الأوكرانية، تقف عليه مصر أيضًا، ليس باعتبارها جزءًا من العالم فقط، ولكن لتأثرها المباشر بتداعيات تلك الأزمة. وعليه، وكما ناشد أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، الرئيس الروسى أن يوقف الحرب «باسم الإنسانية»، وكما طالبت الخارجية الصينية «جميع الأطراف المعنية» بممارسة ضبط النفس وتجنب المزيد من تصعيد التوترات، تمنّى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن تنتهى الأزمة سريعًا دون أن تتطور إلى أبعاد أخرى. 

بقلق بالغ، تتابع مصر التطورات المُتلاحقة، وأكدت وزارة الخارجية، فى بيان، على أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية، والمساعى التى من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًا، حفاظًا على الأمن والاستقرار الدوليين. ومن مختلف الجوانب، تناولت الحكومة المصرية تداعيات الأزمة، على الصعيدين الدولى والمحلى، فى اجتماع عقده رئيس مجلس الوزراء، مساء الأربعاء، بحضور وزراء البترول والثروة المعدنية، السياحة والآثار، التموين والتجارة الداخلية، المالية، التجارة والصناعة، ومسئولين آخرين. وخلال الاجتماع عرض السفير إيهاب نصر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة. 

الحكومة المصرية، كما قال رئيس الوزراء، تتابع عن كثب تطورات الأزمة، لأن «مثل هذه الأحداث يكون لها تأثير واضح على أسعار عدد من السلع الأساسية على مستوى العالم». وفى هذا السياق، أوضح مدبولى أن حكومته عكفت منذ بدء الأزمة على دراسة مدى تأثيرها المحتمل على عدد من السلع، على رأسها القمح. وأشار إلى أن «لدينا احتياطى كافٍ من القمح لمدة تزيد على ٤ أشهر، وننتظر بدء الموسم الجديد لتوريد القمح المحلى خلال شهر أبريل المقبل». كما أكد رئيس الوزراء المصرى أن «الحكومة لديها حلول لتوفير القمح فى حالة تأزم الموقف عبر تنويع مصادر توريده من عدد من الدول، وهو ما يتم بالفعل». 

مع القمح، الذى عرفنا أن لدى الحكومة خطة جاهزة لاستيراده من ١٤ سوقًا بديلة، والذى واصلت أسعاره ارتفاعها لليوم الثالث على التوالى، وبلغت أعلى مستوياتها منذ أكثر من تسع سنوات، ناقش اجتماع مجلس الوزراء أيضًا موقف جميع السلع التى يتم استيرادها من روسيا وأوكرانيا، وعرض وزير التموين مستويات أسعار السلع المختلفة عالميًا، وخطط الوزارة لتوفير مخزون استراتيجى منها. كما استعرض الاجتماع تداعيات الأزمة على قطاع السياحة، و... و... وعلى أسعار البترول، خاصة فى ظل صعودها نتيجة الظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم فى مرحلة التعافى من تداعيات فيروس كورونا المستجد. 

ما قد يُطمئن، أو يقلل سخونة الجزء الخاص بنا من صفيح الأزمة، هو أن مصر تحولت من دولة مستوردة للغاز الطبيعى إلى مصدّرة، منذ سنة ٢٠١٨، وأن قيمة صادراتها قفزت من ٦٠٠ مليون دولار، سنة ٢٠٢٠، إلى ٣.٩ مليار دولار، خلال السنة الماضية، ومن المتوقع أن يرتفع الإقبال على الغاز المصرى، لتعويض نقص إمدادات الغاز الروسى لأوروبا. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك أن السياح الأوكرانيين باتوا، فى المواسم الأخيرة، يمثلون نسبة ضئيلة من السياحة الوافدة لمصر، بعد تحسن أعداد الوافدين من دول أخرى.

من جوانب الأزمة، يعنينا أيضًا موقف الجالية المصرية بأوكرانيا، التى عرفنا أن وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج تتواصل معها بشكل مستمر، عبر غرفة عمليات تتابع تطورات ومستجدات الموقف داخل المدن التى يتواجد فيها المصريون، للتعرف على متطلباتهم فى المرحلة الراهنة والعمل على تلبيتها بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية. كما تواصلت الوزارة مع الدارسين المصريين هناك، للاطمئنان على أوضاعهم، ويجرى التواصل مع الوزارات المعنية لبحث الحلول البديلة لهم.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الجالية المصرية فى أوكرانيا، أكدت أن هناك تنسيقًا كاملًا وتواصلًا مستمرًا مع السفارة المصرية فى كييف، ووزارتى الخارجية والهجرة، وطمأنت أولياء أمور الطلاب المصريين الدارسين هناك، لافتة إلى أنها تنسّق مع الجهات المعنية بشأن إمكانية سفرهم واستكمال دراستهم «أونلاين»، وناشدت الجالية مَن لم يسجلوا بياناتهم لدى الجهات المعنية، بسرعة الانتهاء من ذلك، حتى يسهل التواصل معهم.