رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جورج أبيض سمي جده بـ"حانوتي" واكتسب لقبه من لون بيته في بيروت

جورج أبيض
جورج أبيض

تحل اليوم الذكري الثالثة والستين، علي رحيل واحد من رموز الفن العربي والمصري، والذي رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 1959. إنه الفنان الكبير جورج أبيض والذي قال عنه زكي طليمات: "هو عملاق المسرح العربي بلا منازع٬ وهو الأستاذ الأول للمسرح العربي". وقال عنه يوسف وهبي: "جورج أبيض احتل المركز الأول في تاريخ مسرحنا لفترة هامة في هذا التاريخ٬ نبرات صوته لم تمنحها الطبيعة حتي اليوم لفنان عربي آخر."

كان جورج أبيض أول من درس أصول التمثيل في فرنسا ليعود بعدها ويؤسس في "دار الأوبرا" في القاهرة، فرقته التي كانت فاتحة المرحلة الثانية من تاريخ المسرح العربي، بعد مارون نقاش رائد المرحلة الأولي. ويعود إلي " جورج أبيض" الفضل في استقبال دار الأوبرا للمسرحيات العربية بعدما كانت تقتصر العروض علي الفرق الأجنبية. وكانت أولي مسرحياته بعنوان "جريح بيروت"، التي كتبها الشاعر حافظ إبراهيم تعاطفا مع مأساة بيروت آنذاك. إذ تعرضت للقصف من قبل الأسطول الإيطالي في بدء عزو إيطاليا لليبيا. وكان إيراد المسرحية لمنكوبي القصف الذي راح ضحيته الكثير من اللبنانيين.

ــ لقب جده بـ"حانوتي" واكتسب لقبه من لون بيته في بيروت
ولد جورج أبيض في عام 1880 في فندق صغير في ساحة البرج ببيروتو اسمه "فندق السعادة"، وكان اسم عائلة جده "حانوتي"، إلا أن بيته المطلي بالأبيض صار لقبه. بدأ جورج هوايته في سن مبكرة علي خشبة مدرسة الحكمة في بيروت، حيث تلقي علومه الأولي.

وكان أول دور مثله جورج أبيض في مسرحية فرنسية اسمها "القروش الخمسة"، وصادف أن أحد الممثلين الفرنسيين "جان فريج"، الذي لعب في باريس الدور نفسه، كان حاضرا التمثيل، فتقدم نحو الممثل الناشئ ليشجعه علي مواصلة موهبته المسرحية. ومنذ تلك اللحظة كما يقول جورج أبيض، وعرف أن التمثيل هو قدره. اشتغل جورج أبيض في بداية حياته "تلغرافجي" في شركة السكة الحديد الفرنسية في بيروت. ثم نقل بأمر من إدارة الشركة إلي حوران في سوريا، ولم يلبث أن هرب في باخرة متجهة إلي الإسكندرية، حيث كان يقيم عمه "سمعان" الذي أمن له وظيفة ناظر محطة "سيدي جابر" التي كانت مصيفا للخديوي.

ــ جورج أبيض يرسل رسالة للخديوي من 90 صفحة
كان جورج أبيض آنذاك قد بلغ التاسعة عشرة من عمره، وصار بحكم وظيفته يلتقي الخديوي كل مرة كان ينتقل فيها الأخير إلي مصيفه. وكان جورج ينتظر أن تبعث إليه أمه حصته من ميراث والده لينفقه علي هوايته. لكن أمه كانت تنصحه كلما طالبها بحصته من ميراث والده بـ"الدخول إلي مصح للمجاذيب"، كما يقول كريم مروة في كتابه "الرواد اللبنانيون في مصر.. في الصحافة والفكر والأدب والفن". فلم يجد بدا من مفاتحة الخديوي بأمره، فأرسل إليه رسالة من تسعين صفحة، لكنه لم يتلق جوابا، فأرسل إليه ثانثة وثالثة. وإذا به يوم يلتقي الياوران الذي أرسله الخديوي لتلبية طلب جورج. وكان طلب جورج أبيض آنذاك حضور الخديوي مسرحية يقوم هو بإعدادها لتقدم علي مسرح "زيزينيا"، فاستجاب الخديوي لطلبه، وأذ أعجبه تمثيل جورج، قرر إيفاده إلي باريس لدراسة أصول فن التمثيل.

ومن أطرف ما جاء في المذكرات التي سجلتها ابنة جورج أبيض عن أيام والدها في باريس، أن المخرج الذي كان يتولي امتحان الطلاب لقبولهم في المعهد استبعده من أول جملتين ألقاهما في دور "طرطوف" لموليير، وعندما سأله الفتي عن السبب أجابه المخرج بأن صوته لا يصلح للتمثيل، فانسحب خائبا. ويروي ثم جورج أبيض: "إن هذا الأستاذ لم يصدق في العام التالي عندما تقدمت ثانية إلي امتحان الدخول إنني الطالب نفسه الذي كان قد رفضه قبل سنة". ويقول جورج أبيض: "قضيت وقتا أراقب الممثلين، ثم انعزلت في غابة بولونيا لأتمرن بعدما عرفت "السر".