رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الحرية المطلقة التي تصل لحد التفلت أحد سمات العصر الحالي

 الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن من سمات هذا العصر "الحرية المطلقة" والحرية في مقابل كلمة Freedom باللغة الإنجليزية ولو أننا كنا من مكان المترجمين الأوائل لاخترت لهم كترجمة (التفلت) وليست الحرية، فـ (Freedom) في بعض معانيها أو في كثير من دلالاتها تعني (التفلت) ولا تعني كلمة الحرية التي يعنيها هذا المصطلح في استعماله التراثي بإزاء العبودية، الحرية أمر طيب يتشوف له الشرع الشريف، يغير كثير من الأحكام من أجل تشوفه للحرية ، فعندما نسمي شيئا له تحميلات فلسفية أخري قد تتوافق وقد تتخالف مع ما لدينا فبهذا حصل احتلال لهذا المصطلح، وحدث اختلال لمعناه وأصبح هناك هذا مما يزيد الفجوة بيننا وبين موروثنا.

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية، قائلا نبهنا رسول الله ﷺ إلى أمر مهم من مهمات الدين وهو عدم التلاعب باللغة، ونبهنا أن التلاعب باللغة سيجر علينا أبواب شر كبيرة لا نستطيع أن نغلقها، ونستحل بها الحرام ونحرم بها الحلال، ونأمر بذلك بالمنكر وننهى عن المعروف على عكس مراد الله من خلقه، وعلى عكس ما أراده الله سبحانه وتعالى لنا من طريق مستقيم.

وأضاف يقول النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ عن شأن آخر الزمان (يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها) ولنقف عند هذه الجملة ونرى ما وراءها ونرى سيد المرسلين وهو يوجه أصحابه الكرام إلى هذه القاعدة، وهذا المفتاح وذلك الباب الذي إذا التزم به الناس تميزوا في دعوتهم إلى الله وإذا ما تركوه فرط عقدهم وانفرط نظامهم (يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها) وقد كان، نعم أسموها بالشمبانيا وبالويسكي وبالجِن وبأنواعٍ لا تتناهى لا يحصرها الخمّار، شاعت وذاعت في البلاد والعباد، وأخذ الناس يتساءلون عن الفرق بين الشمبانيا وبين الخمر، وكأن الخمر قد حُصِرت في نباتٍ معين، والنبي ﷺ يقول: (كل مسكرٍ خمر) ونهى رسول الله ﷺ " عن كل مسكرٍ ومُفَتِّر" فنهى عن المسكرات ونهى عن المخدرات، وأجمعت الأمة على أن الحشيشة التي تخدّر عقل الإنسان وتغيبه عن وعيه وعن التكليف الذي أمره به ربه أنها حرام شأنها شأن الخمر لأنها تُذهب العقل.

وأشار فيجب علينا أن ننتبه إلى قاعدة عامة وهو أننا ينبغي ألا نُطلق الكلمات التي وضع الله لها معانٍ في اللغة العربية وعلمها لآدم وأنزلها في كتابه وأجراها على لسان نبيه المصطفى ﷺ وعلّق عليها الأحكام ونقلتها الأمة جيلاً بعد جيل لا ينبغي أن نتلاعب بمعانيها ولا ينبغي أن نضع الألفاظ بإزاء معانٍ أخرى نستحدثها.. نتأثر فيها بالشرق والغرب أو نتأثر فيها بهوى أنفسنا.

وأكد أن التلاعب على هذا الشأن ذاع وشاع وأطلقنا الحرية وهي الكلمة التي جعلها رسول الله ﷺ بإزاء الرق والعبودية جعلناها عنوانًا على التفلت ، نتفلت من كل شيء وندّعي أن ذلك التفلت يولّد لدى الإنسان الإبداع، والإبداع كلمة محترمة لطيفة في اللغة العربية لأن فيها إيجاد وفيها فن ، لأن فيها جمال لكننا قد خرجنا عن حدود الجمال وعن حدود الفنون وعن حدود الإيجاد الذي يُصلح الأرض إلى بعض سمادير السكرانين، والسمادير هي هذه الخيالات المريضة التي يراها السكران أثناء سكره ،أصبحت هذه السمادير هي أساس الإبداع عندنا فأطلقنا الإبداع على غير اسمه ،وأطلقنا الحرية على غير اسمها كما نبهنا رسول الله ﷺ إلى الخمر ألا تطلق على غير مسماها.