رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جاهزون لاصطياد «الأفيال».. لماذا لا ينبغى الخوف من كوت ديفوار فى «موقعة دور الـ16»؟

منتخب مصر
منتخب مصر

حالة كبيرة من الخوف الذى تطور إلى ذُعر أصاب القطاع الأكبر من محبى الكرة المصرية، خلال متابعته ما فعله منتخب كوت ديفوار بنظيره الجزائرى حامل لقب أمم إفريقيا، ما تسبب فى الإطاحة بـ«محاربى الصحراء» من البطولة، وتصدر «الأفيال» مجموعته الخامسة، ليكون على موعد مع «الفراعنة» فى دور الـ١٦، فى السادسة مساء الأربعاء المقبل.

اكتفى «الأفيال» بثلاثية لهدف فى مرمى «محاربى الصحراء»، وكادت هذه الثلاثية تصل إلى سداسية وربما أكثر، لولا الاستهانة والرعونة وغياب التوفيق، لكنهم فى المجمل أظهروا قوة بدنية جبارة، وسرعات رهيبة، وهجومًا كاسحًا، وقدرة غير عادية على خلق فرصة تهديف مؤكدة مع كل هجمة.

كل تلك العوامل جعلت الجمهور المصرى يضع يده على قلبه وهو يشاهد هذا الموج البرتقالى الكاسح، ويتخيل دفاع منتخب مصر أمام انتفاضة جيل يريد كتابة اسمه فى هذه البطولة بقوة. 

ورغم اتفاقنا الكامل مع كل الخبراء والمتابعين حول قوة هذا الفريق الاستثنائى، وكونه مرشحًا أقوى للعبور إلى الدور التالى، بل الوصول إلى قمة هذه البطولة، نثق تمامًا فى أن نسخة أخرى ستواجهنا غير تلك التى واجهت الجزائر واكتسحتها.

لم يكن كوت ديفوار منتخبًا قويًا بهذا الجبروت إلا بضعف فوق العادة لدى الجزائر، الذى راهن مدربه جمال بلماضى على طريقة لعب انتحارية هى «٤- ٢- ٤» سهّلت مهمة «الأفيال» ومنحتهم مساحات للتنزه لا لمجرد اللعب، مساحات أكثر اتساعًا من أكبر شوارع وميادين العالم.

ظن «بلماضى» أن أزمته فى الهجوم، وأنه بحاجة إلى عدد أكبر من المهاجمين، فتحولت «مُقامرته» إلى انتحار مكتمل الأركان، بعد أن وجد الإيفواريون مساحات شاسعة فى الوسط وخلف لاعبى الارتكاز: رامى زروقى وإسماعيل بن ناصر، اللذين تقدما بشكل مبالغ فيه أيضًا.

كل هذا يجعلنا نميل إلى طرح قائم على أن «منتخب الجزائر كان ضعيفًا، بصورة أكبر مما يتخيله البعض عن قوة كوت ديفوار»، والدليل على ذلك ما قدمه «الأفيال» أمام التكتلات الدفاعية فى مباراتى سيراليون وغينيا الاستوائية بالجولتين الأولى والثانية.

أمام غينيا الاستوائية لم يجد كوت ديفوار فرصًا كافية، وفاز بهدف وحيد بشق الأنفس، وأمام سيراليون خرج متعادلًا بنتيجة ٢- ٢، فى مباراة شهدت ندية كبيرة، رغم الفجوات الكبيرة بين جودة الأسماء هنا وهناك.

فى الجزائر سجل كوت ديفوار الهدفين الأول والثالث، حتى الرابع الملغى، من التحولات والارتداد، عبر قطع الكرة واستغلال المساحات، وكذلك سجل الهدف الثانى من كرة ثابتة سرح فيها اللاعب الجزائرى «زروقى» تاركًا المهاجم وحيدًا.

المقصد هنا أن «الأفيال» لم يسجل من هجوم منظم، لذا حينما يرتبط الأمر بمنافس يدافع بشكل جيد، ولديه كثافة عددية فى الثلث الأخير ونصف ملعبه، ولا يتبع أسلوب ضغط مبكرًا بعدد كبير من اللاعبين، سيجد المنتخب الإيفوارى صعوبات بالغة فى خلق الفرص.

إذا عدت للمباراة ثانية، ستتأكد تمامًا أن كل الفرص الخطرة التى سنحت لكوت ديفوار كانت عبر التحولات لا الهجوم المنظم.

وإذا قابل كارلوس كيروش، المدير الفنى لمنتخبنا الوطنى، هذا الطوفان والسرعات الكبيرة لدى الإيفواريين بواقعية خططية، ولم يباغت فى عملية الضغط، سيصبح «الفراعنة» قادرًا على تقديم مباراة كبيرة جدًا، بل وإحراج كوت ديفوار، ولِمَ لا نطيح به من البطولة؟

أكثر ما يحتاجه «كيروش» فى هذه المباراة هو عدم اللجوء للضغط العالى، وعدم التمسك بالاستحواذ على الكرة. 

ينبغى عليه اتباع أسلوب ضغط متوسط، مع تقارب الخطوط، والالتزام الكامل من الجناحين، وتقديمهما مساعدة دفاعية للظهيرين حال فقدان الكرة.. حينها سيكون بمقدورنا خنق «الأفيال».

يحتاج «كيروش» أيضًا لحرمان كل من نيكولاس بيبى، وماكس آلان جراديل، من المساحات عبر الطرفين، وألا يجعلهما فى موقف لاعب على لاعب أمام الظهيرين الأيمن والأيسر، فى الثلث الأخير من الملعب، وهذا يتطلب دعمًا كافيًا لكل من أيمن أشرف وعمر كمال.

يعول الإيفواريون على إيصال الكرة لأى من الجناحين، ثم تقدم لاعبى الوسط فرانك كيسى وإبراهيم سنجارى، وهنا ستكون بحاجة لثلاثى وسط ملتزمى تمامًا بالعودة، خاصة المحورين.

ويدخل المدرب البرتغالى هذه المباراة مستفيدًا من انتقال الضغوط إلى كوت ديفوار، الذى يخوض المواجهة بضغوط أكبر، كونه المرشح الأقوى بعد ما فعله بحامل اللقب.

كما أن تصور الجمهور المصرى بأن الخصم أقوى بكثير يجعل اللاعبين المصريين مُحررين من عبء كبير، وأكثر رغبة فى إظهار أنفسهم بصورة جيدة.

لا يزال لدينا وقت كبير للوصول إلى أفضل طريقة وعناصر يمكنهما إيقاف كوت ديفوار، لكن المؤكد والأكثر وضوحًا من الآن أن علينا اتباع استراتيجية أكثر حرصًا والتزامًا، وهى أفضل بكثير من المغامرة غير المحسوبة التى انتهجها الجزائر، وحينها ستكون لـ«الفراعنة» انطلاقة جديدة تعيد الثقة الغائبة والاتزان المفقود.