رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثروه مصر العقارية إلى أين؟


نعلم جميعًا أن وحداتنا المحلية والأحياء غارقة في الفساد منذ سنوات عديدة، هذا الفساد أدي لتجاوزات عشوائية في ارتفاعات العديد من المباني دون تراخيص، فوجدنا علي سبيل المثال لا الحصر عقارات بالإسكندرية مرخصة بارتفاع سته أدوار، تم تعليتها بدون ترخيص لأكثر من عشرة أدوار، بل وصلت بجاحة بعض الملاك بتحديد سعر للدور غير المرخص بعد التفاهم مع الحي لإدخال المياه والكهرباء والصرف الصحي للشقق المخالفة مقابل مبلغ معلوم.
كانت النتيجة الطبيعية لتلك الفوضي انهيار العديد من العقارات، وكان الحل الأمثل وقف التراخيص تمامًا ومراجعة الأحمال التصميمية للعقارات المخالفة، عن طريق المكاتب الاستشارية ونقابة المهندسين، ثم صدور قانون التصالح بأن يقوم المالك المخالف بدفع مبالغ ضخمة للدولة شريطة سلامة المنشأ الخرساني، أو إزالة الأدوار المخالفة، لو لم يكن العقار سليمًا إنشائيًا.
إلي هنا والأمور تبدو أنها تسير في الاتجاه الصحيح للمحافظة علي الأرواح والحد من الفساد والمحافظة علي الثروة العقارية.
لكني بالأمس استمعت إلي خطاب السيد الرئيس وهو ينوه بوقف تراخيص البناء لمدة عشر سنوات، وأن الدولة فقط هي التي ستقوم بالبناء، إلي أن تستقيم الأوضاع، وألا يزيد ارتفاع أي عقار عن أربعة أدوار.
أتفهم أن التوسع الأفقي سيقلل من تكلفة البنية التحتية، لكن يا سيادة الرئيس سيكون ذلك علي حساب تكلفة المباني، فلو افترضنا قطعة أرض سعر المتر فيها ١٠ آلاف جنيه، لو أقيمت فوقها أربعة طوابق سيكون نصيب المتر في الدور ٢٥٠٠ جنيه، بينما لو أقيمت فوقها ٢٠ طابقًا سيكون نصيب المتر في الدور ٥٠٠ جنيه فقط، أي أن الشقة سيزيد سعرها علي المشتري خمسة أضعاف، لو اكتفي المالك ببناء أربعة طوابق، بالطبع ذلك سيؤثر سلبًا علي أسعار كل الشقق.
أتفهم أن تفكير السيد الرئيس هو الحد من شقق التمليك، وهو يحلم بأن تقوم الدولة ببناء مساكن شعبية، وتأجرها مفروشة للشباب، الفكرة ثبت فشلها في تجارب اشتراكية سابقة، القيمة الإيجارية ستكون فوق طاقة الشباب، وبعد عدة سنوات لن تكون تلك الشقق الصغيرة مناسبة للسكن الأسري، والشقق الكبيرة لن تكون في مقدرة شباب الطبقة الوسطي ولا الدنيا، لكن قيام الدولة ببناء مساكن منخفضة التكاليف سيسهم في حل مشكلة قانون الإيجار القديم الفاشل، الذي يمثل صداعًا مزمنًا في رأس الدولة، بما يحتويه من ظلم بين علي ملاك العقارات القديمة، خاصة أن هذا القانون السيئ السمعة تم إلغاؤه في جميع دول العالم عدا مصر، وأفتي الأزهر الشريف بعدم شرعيته.
أتمني من سيادة الرئيس مراجعة قرار وقف تراخيص المباني ١٠ سنوات، وقصرها علي ٤ طوابق، وإعادة الدراسة مرة أخري حفاظًا علي ثروات مصر العقارية.