رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احذر يا كيروش.. لماذا نتخوف من اختيارات مدرب المنتخب لـ«أمم إفريقيا»؟

كيروش
كيروش

بشغف كبير تترقب الجماهير المصرية إعلان القائمة النهائية للمنتخب الوطنى، الجمعة المقبل، استعدادًا للمشاركة فى بطولة كأس الأمم الإفريقية بالكاميرون، خلال يناير المقبل.

فى قائمة منتخب الجزائر شاهدنا طوفانًا فى كل خطوط اللعب، ٣ فرق تستطيع أن تتنافس على اللقب من كثرة النجوم التى حوتها هذه الأسماء الاستثنائية لـ«محاربى الصحراء»، وعند منتخب المغرب كنا أمام مفاجآت من العيار الثقيل، أبرزها استبعاد حكيم زياش، لاعب تشيلسى الإنجليزى.

أما فى حالتنا نحن، ورغم أننا أمام حالة كبيرة من الاستقرار حول الأسماء التى من المفترض وجودها، خاصة بعد بطولة كأس العرب وما شهدته من تجربة عناصر عديدة، فإن هناك شيئًا نخشاه ويجعلنا نرتاب أمام كبرياء وغرور وعنجهية البرتغالى كارلوس كيروش. إذا سألت أى مشجع عادى ومنحته القائمة المبدئية للمنتخب ليختار من بينها اللاعبين المستبعدين، ستجد اتفاقًا ربما يصل إلى إجماع حول هؤلاء اللاعبين، لأنك أمام أسماء تمرّست على اللعب الدولى، وأخرى لم تحصل سوى على دقائق قليلة ولم تقدم ما يشفع لها بالظهور مع المنتخب فى معركة إفريقيا المقبلة. لكن، ولأننا أمام مدير فنى غير عادى، لا يعترف سوى بمنطقه ولا يحب أن يكون تقليديًا، عليك من الآن أن تتوقع أى شىء، أى شىء يخطر ببالك مع «كيروش» حتى لو كان محالًا، عليك توقع حدوثه بكل سهولة.

فى أول معسكراته مع «الفراعنة» استبعد محمد شريف، الذى كان المهاجم رقم ١ فى المنتخب المصرى بقيادة حسام البدرى، على مدار موسم كامل حقق فيه أرقامًا طيبة مثل ما قدمه من أرقام رائعة أيضًا مع الأهلى فى الموسم المنقضى.

وكذلك فاجأنا باستبعاد محمد مجدى «أفشة»، أفضل صانع لعب ليس فى مصر فحسب بل ربما داخل قارة إفريقيا كلها، وفقًا لنتائج وأرقام فعلية حققها اللاعب فى آخر موسمين.

على غير المتوقع، قرر «كيروش» حينها استبعاد النجمين، وحينما استدعاهما بعد ذلك وظفهما فى غير مركزيهما، الأمر الذى أدى إلى ظهورهما بشكل بائس جدًا، وربما يؤثر على مستقبلهما مع «الفراعنة».

هكذا هو تاريخ البرتغالى، دائمًا ما يحاول إبراز قوة شخصيته وتفرده بالقرارات، وإن كان ذلك صحيحًا يكلفه الأمر صدامات كبيرة مع نجوم وأساطير، وربما يدفعه إلى قرارات خاطئة نخشى أن يقع فيها وهو يختار القائمة النهائية المشاركة فى أمم إفريقيا، فيكلفنا خسارة اسم أو اثنين من بين الأسماء التى لا غنى عنها.

فى رحلته مع البرتغال اشتكى منه كريستيانو رونالدو فى أحد المؤتمرات الصحفية، بسبب طريقة لعبه الدفاعية التى أعاقت «الدون»، وفى مانشستر يونايتد اشتبك مع الأسطورة روى كين، الذى اضطر لسبّه بسبب طريقته فى نقده، ولما تولى منتخب كولومبيا استبعد نجمه جيمس رودريجز، فهو دائمًا ما يحب أن يكون مثار جدل، وأن يرتدى ثياب الحاكم بأمره والرجل الذى لا أحد فوق قواعده.

إذا طبّق «كيروش» هذه الفلسفة وتلك السياسات فلن يكون غريبًا إذا استبعد «أفشة» من قائمة المنتخب، المقرر إعلانها الجمعة المقبل، وهنا سنكون أمام أول خطيئة ما يجب أن نقع فيها، وقد تكلفنا الكثير.

لماذا؟

يريد «كيروش» أن يلعب بطريقة «٤- ٣- ٣»، وهنا سيتخلى عن صانع اللعب فى مركز ١٠ الذى يجيده «أفشة».

لنفترض معًا أن «أفشة» لن يكون عنصرًا فاعلًا فى هذه الطريقة، وهذا أمر غير سليم بالمرة، لكن وجوده ضرورة حتمية لخلق التنوع الخططى، وخلق حالة أمان تضمن لك استبدال الطريقة وفقًا لظروف المباراة.

لو هناك احتمال ١٪ لفشل الطريقة الحالية- المؤكد أن نسبة عدم النجاح ستكون أعلى بكثير من ذلك- فإننا سنكون فى حاجة إلى استبدالها للشكل الاعتيادى «٤- ٢- ٣- ١»، وهذه طريقة لا يمكن أن تجيدها إلا فى وجود «أفشة».

من الآن نؤكد لـ«كيروش» أنه سيضطر فى بعض المباريات، ربما خلال الشوط الثانى أو الجزئيات الأخيرة، إلى استبدال الطريقة والاعتماد على صانع لعب يجيد ربط الخطوط.

كذلك فى طريقة «٤- ٣- ٣» لن يكون الدفع بثلاثى وسط بمواصفات «الديفندر» أمرًا فاعلًا، وسيحتاج «كيروش» إلى لاعب وسط بمواصفات صانع لعب، وهنا ستكون الحاجة لـ«أفشة» كبيرة جدًا، إذا ما نجح فى توظيفه بمركز «٨».

استبعاد «أفشة» ليس الكارثة الوحيدة التى نخشى وقوعها، فهناك محمد شريف الذى أظهر «كيروش» عدم إيمان شديد به كرأس حربة صريح، ومع عودة مصطفى محمد وأحمد ياسر ريان فإن خروج «شريف» بات قريبًا جدًا.

ومثلما الحال مع «أفشة»، نحذر «كيروش» من استبعاد «شريف».

لماذا؟

فى طريقة «٤- ٣- ٣»، التى ينفذها «كيروش»، لن يفلح مصطفى محمد ولن يكون النموذج الأمثل، وحتى إذا أجاد، فإن أفضل بديل له هو محمد شريف.

هذه الطريقة تتطلب مهاجمًا يجيد اللعب خارج الصندوق كثيرًا، قادرًا على خلق المساحات واللعب على الأطراف والنزول إلى الأسفل لتحقيق هدف أساسى هو تفريغ المساحة لمحمد صلاح. وإذا بحثت عن مهاجم نموذجى قادر على أداء هذا الدور من الأسماء الثلاثة، سيكون محمد شريف أفضلها، لأن مصطفى محمد تقتصر كل قوته على اللعب داخل مناطق الخصم، ولن يسهم فى مساعدة «صلاح» على الطريقة التى يفضلها ويلعب بها فريقه ليفربول. كذلك يُعد إمام عاشور بين أبرز الأسماء المرشحة للخروج، وفق ما يتحدث به بعض أعضاء الجهاز الفنى للمنتخب بشكل غير معلن، لكن هذا سيكون أمرًا أقرب للخطأ منه إلى الصواب. يمتلك منتخب مصر فى وسط الملعب محمد الننى وحمدى فتحى وعمرو السولية، وباستثناء الأخير لن تجد لاعبًا بمواصفات هجومية قادرًا على منح الإضافة وتبديل الشكل، وهذا يستدعى وجود إمام عاشور. فى بعض المباريات التى ستضيق المساحات فيها، أو تريد اللعب بكل أوراقك، سيكون إمام عاشور حلًا مثاليًا، لأنه أفضل مسدد بين هذه الأسماء وأكثرهم جرأة، وكذلك يستطيع اللعب على الأطراف. وتتعاظم أهمية ضم «عاشور» مع إصابة عمرو السولية، ورغم التقارير التى تقول إنه يمكنه العودة والمشاركة من المباراة الثانية أو الثالثة، فإنه من الطبيعى أن تؤثر الإصابة على مستواه، سواء لعب فى المجموعات أو الدور الثانى. تباهى «كيروش» بتجربة ١٠ عناصر جديدة يلعبون للمرة الأولى فى بطولة كأس العرب، ولأننا نخشى عناده وغروره، قد يصر على اصطحاب عدد كبير منهم لإثبات صحة رؤيته ونجاح تجربته هذه، على حساب عدد من الثوابت والأسس التى ما يجب أن يهدمها قبل انطلاق بطولة الأمم الإفريقية، حتى لا نعود نادمين لا قدر الله.