رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة: الإخوان تستغل تدين المجتمع لأغراض أيديولوجية

الإخوان
الإخوان

كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز “تريندز” تحت عنوان “الإسلاموية تحدي أيدلوجي خطر تنظيم” للباحث فريد بن قاسم، عن مخاطر جماعات الإسلام السياسي.

وأكدت الدراسة أن جماعات الإسلام السياسي تنظيمات تستغل جملة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تخلق وضعًا متسمًا بالهشاشة لتكون فاعلة على أرض الواقع، وتتراوح تجاربها بين المعارضة بمختلف أشكالها من السلمية إلى الاحتجاجية والعُنفية وممارسة الحكم الذي وصلت إليه بوسائل مختلفة.

وتابعت الدراسة: أن جماعات الإسلام السياسي تستغل  حالة التدين الفطري لدى الشعوب العربية والإسلامية وميلها إلى الدين في أوقات الأزمات، ونمطًا معينًا من المعارف والتصورات الدينية التي تورث أرضية ملائمة لاستغلال الدين لأغراض أيديولوجية منها بالخصوص الميل إلى التقليد والاتباع وتمجيد الماضي، والاستعداد لتصديق كل من يتكلم باسم الدين.

وتضيف الدراسة: لقد تنامت جماعات الإسلام السياسي منذ نهاية ستينيات القرن العشرين، فظهرت اتجاهات قوية في الأوساط العلمية لأسلمة العلوم سواء كانت علومًا طبيعية أو إنسانية فكثر الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن والإعجاز الطبي وعن علم الاجتماع الإسلامي وعلم النفس الإسلامي وعلم الاقتصاد الإسلامي وغيرها من العلوم.

ولم يقتصر الأمر على المجال العربي الإسلامي بل تعداه إلى الدول الغربية، فقد ظهرت اتجاهات سياسية وعلمية فيها تروّج لما يُعرف بالمالية الإسلامية وتخصص لها شعباً وفروعاً لتدريسها في جامعاتها في سعي للاستفادة من الإغراءات المالية التي تقدمها البنوك الإسلامية.

 

الإسلاموية خطر تنظيمي

ووفقا للدراسة الاسلام فإن السياسي يضم تشكيلات حركية تضم فاعلين نشطين وتتخذ أشكالًا تنظيمية مختلفة تتراوح بين تنظيمات المجتمع المدني من جمعيات ونقابات وحركات دعوية، والأحزاب السياسية، والحركات العسكرية، وتجمع في أنشطتها بين العملين العلني والسري. 

وتنتظم الجماعات الإسلاموية سواء كانت جماعة أو حركة أو تنظيماً أو حزباً وفق بنية هرمية تقوم على عصمة الزعيم سواء سُمي مرشداً أو شيخاً أو أميراً أو قائداً أو رئيساً،  خلعوا عليه  هالة من الأمثلة التي تصل إلى حد التقديس، ولعل حسن البنّا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية ومرشدها الأول أبرز الأمثلة في هذا المضمار.

 فقد قال عنه عمر التلمساني (1904-1986) بعد أن ارتفع به إلى مقام النبوة في تعامله مع أصحابه: “إنه نعمة الله على هذا الجيل والله وحده العليم، على أي صورة كانت أحوال المسلمين ستكون، لولا هذا الداعية الكبير الذي بصّر المسلمين وأيقظ أذهانهم وحرّك هممهم في الوقت المناسب وكأن الله قد أرسله على قدر مع الأحداث فعلاً فلولا فضل الله على المسلمين بظهور حسن البنّا في هذه الفترة الحرجة الخطيرة من تاريخ المسلمين لكانت المأساة فادحة والطامة كبرى والكارثة طامة عامة ولكن الله سلم”.

وأشارت الدراسة ألى أن  الحركات الإسلاموية ولاسيما في مرحلة النشأة قد كانت متأثرة في تنظيمها بالحركات الفاشية، وهو تنظيم قائم على ثلاث ركائز أساسية وهي الشعبوية وعصمة الزعيم والانضباط التام للقواعد لما يصدر عن القمة.

العمل السرى لدى الإسلام السياسي

وقالت الدراسة إن العمل السري جزء من بنية التنظيمات الإسلاموية سواء كانت حركات “جهادية” التي بحكم نزعتها العنيفة وانخراطها في العمل العسكري والقتالي غالباً ما تمارس أنشطتها الإرهابية في كنف السرية والتكتم، أو كانت حركات تنسب نفسها إلى الاعتدال والوسطية مثل الجماعات الإخوانية التي دأبت على تكوين أجهزة سرية جنباً إلى جنب مع جهازها العلني على غرار النظام الخاص التابع لجماعة الإخوان المصرية ويكون الانضمام إليه بالبيعة باستعمال المصحف والمسدس وتحت شعار الجهاد والموت في سبيل الله.

وتابعت الدراسة تلجأ الجماعة للعنف والاغتيال حيث  يقول أحد قادة التنظيم “يولع الإخوان دائماً بجمع المعلومات والتجسّس على الآخرين، وهم يفخرون دائماً أن لديهم جهاز مخابرات قادر على جمع المعلومات وتحليلها، فهم يتجسّسون على كل شيء، على الأحزاب والهيئات، والحكومات، بل على الأجهزة، وكل فرد في موقعه جاسوس لحساب الجماعة، فكل موظف وكل عامل يرسل باستمرار بأسرار وظيفته أو عمله إلى قيادة الجماعة، بل كل ضابط وكل شرطي يقوم بالعمل نفسه لحساب قيادته داخل الجماعة”.

كما وحذت حركات أخرى حذو الجماعة المصرية الأم فأنشأت أجهزة سرية عسكرية وأمنية واستعلاماتية على غرار حركة النهضة في تونس.

وفي واقع الأمر إن الصلات بين الجماعات الإسلاموية خصوصاً الإخوانية متينة ووثيقة لا في صعيد الأطروحات الأيديولوجية فقط، وإنّما في الصعيد التنظيمي أيضاً سواء في مستوى ما يعرف بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين أو في مستوى أخطبوط الجمعيات متعددة الأدوار أو في مستوى الروابط المالية، وهي بذلك ذات حضور وتأثير يتجاوز دولة بعينها إلى الإقليم العربي فضلاً عن الدول الأوروبية والغربية وبعض الدول الآسيوية والأفريقية.

مخاطر الإخوان والإسلام السياسي 

  • تسعى  على إحداث تغييرات جذرية في النظام الاجتماعي لتعيد بناء المجتمع برمته وبمختلف فئاته وطبقاته وفق تصورها في نطاق ما تسميه المجتمع الإسلامي، وهي تمارس منذ عقود ضغطاً مستمراً على المجتمعات العربية وخصوصاً فئة النساء من أجل فرض نموذج اجتماعي معين.

 

  • فرض رؤيتها المجتمعية سواء بما تسميه الدعوة أو بالقوة من توترات داخل المجتمع تنذر بانقسامه وتصدعه، ففي تونس على سبيل المثال استهدفت الجماعات الإسلاموية المختلفة ما بين الأعوام 2011 و2014 بالعنف اللفظي والمعنوي والمادي الفنانين والنقابيين والإعلاميين والمثقفين الذين اعتبروهم لا معارضين لحكم حركة النهضة فقط بل مخالفين للتوجهات الأيديولوجية الإسلاموية ورافضين لمحاولة جعلها الأيديولوجيا المهيمنة في المجتمع أيضاً.

 

  • لعل أشد مظاهر خطر التنظيمات الإسلاموية تلك التي تتعلق بالدولة، و معارضة كيان الدولة ذاته أي الدولة الوطنية الحديثة كما نشأت في العالمين العربي والإسلامي منذ الثلث الأول من القرن العشرين بعد انهيار نظام الخلافة في مارس 1924. فالتنظيمات الإسلاموية تنطلق من موقف مبدئي يعتبر الدولة الوطنية قد انحرفت عن طريق الإسلام وليست مؤامرة من القوى المعادية للأمة الإسلامية من جهة.

 

تسعى تلك التنظيمات المحموم إلى السيطرة على مقاليد الحكم والسلطة سواء بانخراط بعضها في العمل السياسي، أو بجنوح بعضها الآخر إلى افتكاك الحكم بالعنف المسلح أو بالانقلابات. وفي كلتا الحالتين كشفت تجارب حكم الإسلامويين في الدول العربية عما يشكله وصول حركة إسلاموية إلى الحكم من مخاطر.

 وفي هذا المضمار يقول أحد الباحثين عن طريقة صنع القرار داخل حركة الإخوان المصرية عند تسلمها السلطة “كانت عملية صنع القرار لدى الإخوان تأثرت بعمق بالاعتبارات الأيديولوجية وبالحسابات الانفعالية قصيرة المدى التي تفتقد التحليل الاستراتيجي المستند إلى مبدأ التكلفة والفوائد. كان الوصول إلى السلطة بمنزلة “نهاية التاريخ” للجماعة، ما أدى إلى تهميش مرونتها ونفعيتها البراغماتية الشهيرة”.

مكافحة الإسلام السياسي

اختتمت الدراسة بكيفية مكافحة الاسلام السياسي على اربعة محاور وهم تجديد الفكر الديني، ومراجعة وضع المؤسسات المتخصصة في الشأن الديني، وإصلاح مناهج التربية والتعليم، ومراجعة حضور الخطاب الديني في وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت.