رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انهيار أفغانستان.. أزمة تهدد العالم من جديد!

.. وضع "Atlantic Council الأطلسي الجديد"، أحدث التقارير الدولية المتخصصة عن الوضع المزري، المأساوي في أفغانستان، بعد الانسحاب الأمريكي، وهو القرار الذي أحرج المجتمع الدولي وأشغل مؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الأممية والإنسانية والاغاثة والأطفال.

.. بوسعك أن تقرأ مثل هذا العنوان: "أفغانستان على وشك الانهيار" (...)، تتلقى الصدمة بنوع من اللامبالاة، والقرف، وتقول، بين نفسك وعقلك:
- كل هذه الأزمات والكوارث والأوبئة ومتاعب المناخ، واختلاف الطقس، وملايين اللاجئين والمهجرين،.. ياه! 
Atlantic Council يأخذ دور الشيف الماهر، فيضع رؤيته لوصفة، ليس شرطا أن تكون لذيذة..!. 
ويقول:
"إليك، ما يجب على الولايات المتحدة فعله حيال ذلك".
.. ويحرج نهارك، أن "أجراس الإنذار تدق"، ويبدو أنها ستدق حتى تغطي على أجراس بابا نويل واحتفالات أعياد الميلاد المجيد. 

.. خضع الأطلسي الجديد، بكونه مركزا للأبحاث الاستراتيجية والأمنية، إلى  شهادات وقراءات وضعها نخبة كبيرة، لها مكانتها السياسية والأمنية والدبلوماسية، منهم: جون إف كامبل وريان كروكر وجيمس كننغهام وجيمس دوبينز وهوجو لورنز وبي مايكل ماكينلي وجون نيكلسون ورونالد إي نيومان وريتشارد أولسون وديفيد بتريوس وإيرل أنتوني واين.

.. تنحاز ديباجة هذا التنبيه/ الوصفة، إلى ما حذرت منه  الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجتمع المانحين، من تداعيات وتبعيات الكارثة الإنسانية الناشئة، مع الانهيار "الوشيك" للاقتصاد الأفغاني. 
.. طريقة انسحاب القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها من البلاد، أدى إلى تفكك جمهورية أفغانستان الإسلامية، ما نتج عنه سيطرة نوعية، درامية متباينه، أضف إلى ذلك، سوء حال البلد أصلا من حيث الزراعة وتقنيات الري والسد د، فكان الجفاف الذي طال أمده، والذي تزامن مع تفشي جائحة COVID-19، فيروس كورونا. 
.. ومع الانسحاب، حدث تفكك، وغياب قسري لـ"الخدمات الحكومية"، بحسب التقرير، الذي يلفت إلى أن  برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حذر من أن: "أفغانستان تتأرجح على شفا الفقر العالمي"، ويعنى ذلك توقع الأسوأ، إذ يواجه ما يصل إلى 97 بالمائة من السكان خطر السقوط تحت خط الفقر بحلول منتصف العام المقبل  2022. 
.. هل تمر أعياد الميلاد على الولايات المتحدة، والمجموعة الأوروبية وروسيا وحتى الدول المانحة في غرب آسيا، دون أي إحساس بالكارثة التي اجتاحت أفغانستان، وتتأزم مع فصل الشتاء القارس؟.

يقدر برنامج الغذاء العالمي، أن 5 في المائة فقط من الأسر الأفغانية لديها طعام كاف لتناولها كل يوم ، ويتوقع أن:( تصبح أفغانستان أكبر أزمة إنسانية في العالم)،.. وفي هذا السياق، تذكر الملخصات التقنية، التي أكدها منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة وقدمها وهو "يأسف" لأن اقتصاد أفغانستان ينهار "أمام أعيننا".

.. بارقة أمل صغيرة، لفت إليها مجتمع "الأطلسي الجديد"، عندما توقع  بعض الأمل في  القادم من الأيام، إذ: "يستعد المجتمع الدولي لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لأفغانستان، والبنك الدولي بصدد الإفراج عن بعض الأموال لدعم هذا الجهد"… ويحبط المعنويات، عندما قال:
-(لكن؟)، مدوية..! 
.. وهي، بحسب الخبراء، تعني: هناك حاجة إلى مزيد من المساعدة لدرء الكارثة، هذا أولا، وإلى الغذاء والدواء ، وهذا ثانيا. 
.. أما ثالثا، فما تحتاجه  أفغانستان، الآن، خطة إدارية تنمية، تصلنا، إلى وسيط ثابت للتبادل ونظام مصرفي فعال لتجنب التعرض لفشل اقتصادي وحوكمة واسع النطاق.
.. وتحتار في رابعا، إذ تؤكد التقارير، أن الناس في أفغانستان، يحتاج المهنيون الصحيون والمعلمون والعاملون الأساسيون الآخرون، إلى دفع رواتبهم؛ حفاظا على الوظائف الأساسية التي تعد عماد الدولة، وهي التي تسيير الأعمال والاقتصاد والخدمات. 
.. وخامسا، يستحق الأفغان العاديون الوصول إلى أموالهم المجمدة، منذ الانسحاب الأمريكي، في البنوك المحلية أو الدولية، التي تشعر بالقلق من العقوبات الأمريكية والدولية واحتمال انهيار النظام المالي الأفغاني.
.. مع كل ذلك، تدرك "الأطلسي الجديد"، ما يتناقل وينتشر منذ انسحاب آخر جندي أمريكي من أفغانستان، من أن إدارة الرئيس جو  بايدن، أصبحت مثل الجهات المانحة الأخرى لأفغانستان، مترددة بحق في فعل أي شيء يساعد طالبان على فرض حكمها القمعي المتوقع على البلاد، وهو ما أكدته التقارير الأخيرة عن عمليات القتل والاختفاء خارج نطاق القضاء. 
.. اقتصاديا، تغلب التقرير على حرج القول إن هناك جلسات وعديد المناقشات التي تجري، أو جارية في واشنطن وأماكن أخرى لاستكشاف وسائل مختلفة لتحقيق الاستقرار في العملة الأفغانية (...) وتجنب انهيار النظام المصرفي، دون تزويد "طالبان" بالموارد التقديرية التي يمكن استخدامها لأغراض إرهابية أو متطرفة أو داعمة لها. 
.. في الواقع، تعري التقارير، التي وصفت الواقع السياسي، بأنه "واقعيا وعمليا": تتوفر الأفكار الجيدة لكيفية القيام بذلك، بما في ذلك المقترحات السابقة سفراء الولايات المتحدة ، مدراء USAID، ومسئولي البنك الدولي، من بين أمور أخرى.
.. لأن أي مخطط تنحاز "الرؤية  النظرية في الواقع المعاش الآن"، على هذا المنوال، سيكون مثيرًا للجدل للغاية، ولن يكون هناك نظام تحكم مثالي. 
.. هذا يعني سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعياً، حاجة المجتمع المهيمن على صنع القرار في أفغانستان، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، عليها أن تعلم، أو تدرك، أن: "المطلوب هو الشجاعة للتصرف"،.. والخوف أنه كلما طال تأجيل القرارات، زادت صعوبة منع الكارثة الإنسانية التي تلوح في الأفق في البلاد وموت  العديد من الأفغان.

.. تعود،  Atlantic Councilإلى الوراء، خلال السنوات العشرين الماضية، وتؤكد بدبلوماسية العارف، وتقول: قادتنا، جميعًا الجهود الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية لدعم ظهور أفغانستان أكثر حداثة وازدهارًا وديمقراطية. 
.. وتعزز نتائجها: نحن أكثر من غير راضين عن النتائج، والعديد منا اختلف مع قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من البلاد.
.. ومن ناحية أخرى، نعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها يمكن وينبغي عليهم العمل بطريقة أكثر تضافرًا من وراء الكواليس وعلناً لإرسال رسائل واضحة إلى قادة طالبان فيما يتعلق بالقضايا الأساسية مثل التعاون في مكافحة الإرهاب، وتوسيع تمثيل غير طالبان داخل الحكومة، والتمسك بالحقوق الأساسية للمرأة، والأشخاص من جميع المجموعات العرقية، ولا سيما الأقليات، والأفغان المرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالولايات المتحدة.

.. وتقر الدراسة، أو لنعود إلى كلمة الوصفة: لا يزال المجتمع المدني الأفغاني موجودًا، ومن المهم أن تواصل الولايات المتحدة والمانحون الدوليون الآخرون العمل معه.

لذلك، والتحذير من نتائج أعمال وأبحاث "الأطلسي الجديد" نوصي بأن تسرع إدارة بايدن نظرها في هذه القضايا، والعمل بالتنسيق الوثيق مع الحلفاء الرئيسيين، والتقدم بمقترحات ملموسة للمساعدة في استقرار الاقتصاد الأفغاني لمناقشتها مع المانحين الآخرين وتقديمها في النهاية إلى طالبان".. 
.. ذلك أن التأخير لن يؤدي إلا إلى المزيد من الموت والمعاناة.

.. هنا، مكمن الخطر، التأخر في اقتناص النتائج التي أقرها :الجنرال جون إف كامبل "الجيش الأمريكي ، متقاعد" هو القائد السابق لقوة المساعدة الأمنية الدولية التابعة للناتو وللقوات الأمريكية في أفغانستان.

.. والسفير ريان كروكر و السفير الأمريكي في أفغانستان "2011-2012". كما شغل منصب سفير الولايات المتحدة في العراق وباكستان وسوريا والكويت ولبنان.  

والسفير جيمس كننغهام سفير الولايات المتحدة ونائب ممثلها لدى الأمم المتحدة "1999-2004"، وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل "2008-11"، ونائب السفير الأمريكي وسفير الولايات المتحدة في أفغانستان "2011-2014".

بمشاركة كل من: السفير جيمس دوبينز كان المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان "2001-2002" والممثل الخاص لأفغانستان وباكستان "2013-2014"، وكذلك مساعد وزيرة الخارجية لأوروبا والسفير لدى المجموعة الأوروبية.

و هوغو لورنز، مساعد رئيس البعثة الأمريكية في أفغانستان "2012-2013" والقائم بالأعمال الخاص "2016-2017"، وكذلك سفير الولايات المتحدة في هندوراس.

ومايكل ماكينلي كان نائب سفير الولايات المتحدة وسفيرها في أفغانستان "2013-2016"، وكذلك سفير الولايات المتحدة في بيرو وكولومبيا والبرازيل.

والجنرال جون نيكلسون "الجيش الأمريكي ، متقاعد" هو القائد السابق لبعثة الناتو للدعم الحازم وللقوات الأمريكية في أفغانستان.

ورونالد إي نيومان سفير الولايات المتحدة في أفغانستان "2005-2007" وكذلك سفير الولايات المتحدة في الجزائر والبحرين.

ومراجعة من السفير ريتشارد أولسون كان الممثل الأمريكي الخاص لأفغانستان وباكستان "2015-2016"، وسفير الولايات المتحدة في باكستان "2012-2015"، والمدير التنسيقي للتنمية في كابول "2011-2012". شغل سابقًا منصب سفير الولايات المتحدة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.

والجنرال ديفيد بتريوس "الجيش الأمريكي ، متقاعد" هو القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، والقائد السابق لقوة المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان، والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية.

والسفير إيرل أنتوني واين، نائب سفير الولايات المتحدة ومدير تنسيق التنمية في كابول "2009-2011" وعمل في إعادة إعمار أفغانستان كمساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية والتجارية. كما شغل منصب سفير الولايات المتحدة في المكسيك والأرجنتين.

.. انهيار أفغانستان، يطيح بالاستقرار الدولي، ويضع المنطقة على سطح بارود ساخن. 
.. التقرير، ذكي، تنبه إلى أنه، ليس مجرد ملفات تحفظ؛ أنه: أكثر من مجرد لفتة إنسانية، فهو يمثل أفضل استمرار ممكن للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
.. وهو الرد على سؤال عالمي، أممي شائع:
انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان الكامل. . ماذا بعد؟