رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أبو الغيط»: مرت على العالم العربي عشرية صعبة لا زالت آثارها تتداعى

الامين العام لجامعة
الامين العام لجامعة الدول العربية

افتتح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابوالغيط، اليوم الأحد، مجلس وزراء الثقافة العرب، المنعقد في دبي.

واستهل أبو الغيط كلمته قائلا:« يطيب لي أن نلتقي مجدداً في هذا اليوم الذي يحفل بالأحداث المهمة فبعد افتتاح قمة اللغة العربية التي سعدت بحضورها إلى جانبكم، ها نحن الآن نواصل أعمالنا لبدء الدورة (22) لمؤتمر الوزراء المسئولين عن الشئون الثقافية في الوطن العربي، هنا في اكسبو دبي، واسمحوا لي باسمكم جميعاً التقدم بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافتها الكريمة لهذه الدورة حرصها على توفير كل الظروف المناسبة لإنجاحها». 

أضاف أبوالغيط: «ولا يفوتني في هذا الصدد، الإشادة بالاختيار الحكيم بعقد أعمال هذه الدورة بالتزامن مع قمة اللغة العربية، وذلك للارتباط الوثيق بين اللغة والثقافة، فاللغة هي وعاء الثقافة، وهي أداة التفكير، وناقل الأفكار، وهي المرآة العاكسة لازدهار الثقافة وثرائها». 

تابع:« إننا نستأنف اليوم أنشطتنا حضوريا بعد أن حلّت بالعالم جائحة لم يُشهد لها مثيلاً من قبل، اضطرتنا إلى التواصل عن بعد لمناقشة الأوضاع الثقافية في ظل هذه الظروف الصحية الاستثنائية، وأشيد هنا بمخرجات الاجتماع الافتراضي المنعقد في مايو2020 والذي تناول بعض التوصيات الهامة لحماية العاملين في القطاعات الإبداعية والثقافية من أفراد ومؤسسات، ودعم الإنتاج الثقافي الرقمي وغيرها». 

وأردف: «لقد مرت على العالم العربي عشرية صعبة، لا زالت آثارها تتداعى، وتأثيراتها تتدافع وتتوالى على المجتمعات، وبعض هذه الآثار محزن وباعث على الأسى الشديد، فقد طال التدمير الإنسان والعمران، وتفككت دول ومجتمعات، وهُجِّر بشرٌ من منازلهم، وخُربت حواضر ومدن».

وتابع: «غير أننا نتوقف، في هذا المقام، أمام آثار هذه العشرية الصعبة، على الثقافة والفكر، وهي في نظري آثار ليست كلها سلبية، فأوقات الأزمة كثيراً ما تكون دافعاً للتأمل والمراجعة، والزمن الصعب يدفع أهله لإعمال الفكر بحثاً عن الحلول، ويحملهم على الخروج من أسر المسلمات والأفكار المعلبة سعياً وراء مخرج واقعي وعملي من الأزمة».

وأعتبر الأمين العام للجامعة العربية، أن ما جرى خلال السنوات الأخيرة كان باعثاً وراء حركة قوية للإصلاح الديني وتجديد النظر في التراث، موضحًا «ليست تلك هي المرة الأولى التي تظهر فيها حركةٌ كتلك بكل تأكيد، فالإصلاح حاضر على أجندة الفكر العربي منذ زمن نهضته الأولى، وحمل لواءه أعلامٌ مثل رفاعة الطهطاوي وابن باديس ومحمد عبده وغيرهم.. غير أن مشروع الإصلاح تعثر وتأجل،  وطغت عليه مشروعات فكرية وثقافية وسياسية أخرى، مثل مشروع التحرر الوطني، وكذلك مشروع العروبة والوحدة، واليوم يعود الإصلاح الديني ليحتل مكاناً بارزاً على أجندة الثقافة العربية».

تابع: «إن الإصلاح الديني وتجديد النظر إلى التراث قضية شاملة، لا تخص المؤسسات الدينية وحدها، ولا المثقفين دون غيرهم، فهي قضية مجتمع يعيد النظر في طريقة تناوله لتراثه، ويخوض مراجعة صعبة لتجليات الفكر الديني في مختلف أوجه حياته، واضعاً في الاعتبار ما شهدناه جميعاً من آثار مدمرة للفكر المتطرف، وما يُمكن أن يفعله هذا الفكر إن هو تمكن من عقول الشباب وهيمن على وعيهم، أو إن استطاع السيطرة على مجتمع من المجتمعات وتحكم في مصيره». 

وأضاف أبو الغيط خلال كلمته بوزراء الثقافة العرب : « وظني أن تجربة السنوات العشر الماضية قد عززت حالة المراجعة هذه، ليس لدى المثقفين وحدهم، وإنما لدى المواطن العادي الذي صار يُدرك الخطورة الشديدة التي ينطوي عليها الفكر الديني المنحرف أو الضال، بل صار يعرف الوسائل التي يتبعها أصحاب هذا الفكر في التسلل إلى المجال العام، توطئة للهيمنة عليه، وإلغاء الجميع».

فيما أشار أحمد ابوالغيط إلى قضية ثانية خلال كلمته، متعلقة بمفهوم الدولة الوطنية، قائلاً:« وهو مفهوم برز على صدارة الأجندة الفكرية والسياسية أيضاً خلال العشرية الفائتة، وقد انتبهتْ إليه أيضاً "الخطة الشاملة للثقافة العربية». 

 كما أكد من جانبه، إن تطورات الأوضاع في المنطقة العربية قد كشفت، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن اهتزاز مفهوم الدولة الوطنية لدى الشعوب هو أول الطريق إلى التفكك والدمار، لافتا إنه  البوابة التي تنفذ منها أجندات التقسيم والتفتيت على أساس ديني أو عرقي أو طائفي أو مناطقي.

فيما قال الامين العام:« أما القضية الثالثة فتتعلق بانفتاح الثقافة العربية على الثقافة العالمية، وقد أبرزت تجربة السنوات العشر الماضية أن انغلاق المجتمعات، وتقوقعها يجعلها أكثر عُرضة للوقوع بسهولة تحت أسر الفكر الواحد والرأي الواحد.،فتيارات الظلام والتطرف تنشط في أجواء الانغلاق.. حيث لا تجد منافساً لها، ولا تصادف من يتحدى مقولاتها، لهذا تحارب هذه التيارات كل انفتاح على الثقافات الأخرى، بدعوى الحفاظ على الهوية في مواجهة الغزو الفكري، وهو قول حقٍ يُراد به باطل، فالهوية تتجدد بالتنوع، وتزدهر بالانفتاح والتواصل». 

 وشدد على أن تعزيز التواصل مع الثقافة العالمية، بمختلف روافدها العلمية والأدبية،  ضرورة مُلحة، ويتطلب هذا تواصل في الأساس بزوغ حركة ترجمة نشطة نرصد بعض المؤشرات الإيجابية على تصاعدها، وإن لم يكن بالمستوى المأمول.