رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماجدة خيرالله: السينما تأثرت بالمرأة في جميع مراحلها.. ومنة شلبي الأجرأ بين نجمات جيلها (حوار)

ماجدة خيرالله
ماجدة خيرالله

"المليونيرة الحافية، إنذار بالقتل، الستات، العفاريت، والمزاج"، كُلها أعمال سينمائية سطرت بقلم كاتبة واحدة، قدمت سلسلة من الأعمال الفنية، بداية من ثمانينات القرن الماضي، وحتى أوائل الألفية الجديدة، تنوعت بين أفلام سينمائية، مسلسلات، وعدد من السهرات التليفزيونية، المنتشرة في ذلك الوقت، لتسقر أخيرًا في ذهن المشاهد العادي، بأنها الكتابة، والناقدة الجريئة ماجدة خيرالله.

ومع بداية التسعينيات، عٌرض فيلم "العفاريت"، والذي حقق نجاحًا كبيرًا، وجدلًا كبيرًا أيضًا حول الطفلتين وأيًا منهم ابنة البطلة، حتى تجدد الجدل مؤخرًا بعد التصريحات الأخيرة التي أثارها الفنان محرم، بتحديد ابنة الفنانة مديحة كامل، الأمر الذي أثار حفيظة الكاتبة، لا لأنها تريد أن تحتفظ بالسر وحدها، وإنما لأن الفيلم كان يضم رسالة أكبر من ذلك.

فتقول خير الله: "إن كل من يتحدث في هذا الموضوع، لايدرك على وجه التحديد الهدف الأول من الفيلم، والرسالة التي يتضمنها بضرورة إعلاء مبادئ الإنسانية والرحمة".

 

المزيد حول السينما، التلفزيون، والنقد، حدثتنا عنه، الناقدة ماجدة خير الله، وكان لنا معها الحوار التالي:

 

بداية.. ماذا عن كتاب "امرأة من كبرياء" وتكريم نيللي في مهرجان السينما؟

تكريم نيللي تأخر كثيرًا، فهي سينمائية من الطراز الأول، ولا يمكن تصنيفها على أنها فتاة استعراض فقط، هذا الإطار الذي يصمم كثيرين على حصرها فيه، دون النظر إلى الاسهامات الكبيرة والأدوار المتعددة التي قدمتها طول مشوارها الفني، والذي قدمت فيه عدد من الأعمال التي أثبتت من خلالها أنها مختلفة ومتميزة.

 

هل يمكن أن نضع مهرجان القاهرة بتاريخه العريق في مقارنة مع مهرجان الجونة؟

المقارنه هنا ليست مناسبة، فالقاهرة مهرجان له صفة دولية تتبناه الدولة، أما الجونة فهو مهرجان خاص عمره خمس سنوات فقط، وبالرغم من ذلك، فإن نجاح أحدهم لا يلغي نجاح الأخر، لأن لكل منهم طبيعة مختلفة وجمهور مختلف، وفي المجمل يقدم كلاهما أفلامًا جيدة في الأقسام التي يضمها، وهي في النهاية خدمة لكل عشاق السينما، في كل مكان.

 

فيما يتميز مهرجان القاهرة عن مهرجان الجونة؟

مهرجان القاهرة له جماهيره عالية جدًا، نظرًا لمركزيته في العاصمة، وسهولة الوصول إليه، فالأوبرا تفتح أبوابها لكل عشاق السينما من كل مكان، ولكن لا تستطيع كل الجماهير مشاهدة أفلام الجونة، الذي يقوم بإرسال دعوات للفنانين والنقاد وعدد من الضيوف، ويشكل ذلك كله تكلفة كبيرة تقع على عاتق المنظمين، بالطبع لن تتسع لاستيعاب كل الجمهور الذي يريد الوصول إلى هناك، ومن ثم يقتصر الأمر على من تسمح له الظروف بحضور الأفلام على نفقته الخاصة.

 

في رأيك مهرجان الجونة سينمائي أم تروجي للمدينة؟

هذا ليس صحيح.. فالجونة كمدينة ليست في حاجة إلى ترويج، فهي من البداية خاصة بكل من يستطيع إليها سبيلًا، يقضون فيها أوقاتهم من قبل المهرجان، ولن يبعث المهرجان بأفواج جديدة طالما أنهم ليسوا من الفئة التي اعتادت الذهاب إلى هناك.

 

لماذا قررتي التوجه إلى دراسة السينما بعد دراستك الأولى للعلوم؟ 

لأني مؤمنة منذ اللحظات الأولى التي اتجهت فيها لدراسة العلوم، أن هذا المجال لن أكمل فيه، وأن هذه الدراسة هي من أجل الحصول على الشهادة التي تشبع طبيعة العائلة التي نشأت فيها، فإن كانوا بالفعل محبين للفن وقارئين، لكنهم في النهاية لن يقبلوا التفرغ للسينما باعتبارها عمل، خاصة وأن أحد لم يسبقني إلى هذا القرار من أبناء العائلة، واعتقد أنه كان لديهم شيء من الحق في ذلك، فليس كل خريجي السينما يعملون بالفن، وليس كل من يعمل بالفن هو حقًا موهوب وناجح. 

 

هل دارسة السينما ضرورة لممارسة عملية النقد؟

بالطبع نعم.. فإن كل من يقوم بممارسة النقد لابد أن يعرف أولًا مكونات الفيلم السينمائي.

يستطيع شخص يشاهد فيلمًا أن يصدر أحكامًا حول طبيعة الفيلم هل هو جيد أم غير ذلك، لكن لا يستطيع أن يفند الأسباب التي دفعت هذا الفيلم ليكون سيء، من إضاءة لاختيار كادر، لدور المخرج، إلا إذا كان دارسًا، وملمًا بصناعة السينما ومكونات الفيلم، وهذا هو الفرق بين رأي المشاهد العادي، ورأي الناقد الفني. 

 

هل حدث أن قدمتي نقد لازع لأحد الأعمال التي قُمتي بكتابتها ؟ 

لا استطيع أن أقدم نقدًا لعمل فني قمت بكتابته، أترك هذا للنقاد الآخرين الذين قاموا بدورهم وشاهدوا العمل، لكن كثيرًا ما تسير الأمور على غير المتفق عليه، أو يتم إحداث تغيرات دون الحصول على موافقتي، تنتجة لضعف الإنتاج، أو اختيار المخرج للحلول الأسهل، وهنا تظهر أخطاء من شأنها أن تشوه صورة العمل ككل، ولكني في هذه الحالة لا أملك إلا عدم التعاون مرة أخرى مع الشخص المتسبب في ذلك، أو مجموعة العمل بالكامل.

 

ماذا عن الضجة الكبيرة التي أحدثها فيلمك "العفاريت" مؤخرًا؟

أنا سعيدة جدًا لأن هذا الجدل قائم منذ ظهور الفيلم وحتى هذه اللحظة، فهناك عدد من الأجيال المتلاحقة التي شاهدت الفيلم ولا تزال تسأل من هي ابنة مديحة كامل، بلية أم لوزة.

والحقيقة أن كل من يسأل هو لا يعرف على وجه التحديد الهدف والرسالة من الفيلم، فليس من المهم أن نعرف من هي الإبنة الحقيقية، ولكن الأهم، أن نعلي قيمة المسؤولية تجاه هؤلاء الأطفال، فأثناء كتاباتي للفيلم لم أضع في ذهني أيهم طفلتها فعلًا، ولكني أردت عرض قضية، بضرورة احتضان هؤلاء، فالأفضل كان ألا تعرف الحقيقة، وتحتوى الطفلتين معًا.

 

هل يمكن أن نعتبر الهدف من الفيلم هو ما نشاهده الآن من احتضان أسر لأطفال غير بيولوجيين لهم؟

بالضبط.. وأنا في البداية رسمت الشخصية على أنها مذيعة أطفال، لها دور في الحفاظ على هؤلاء الأطفال والاقتراب منهم، وتشعر من داخلها بمسؤولية تجاه الجميع، فلا عجب في أن تقوم باحتضان ورعاية طفلين أحدهم ابنها.

 

ماهي هي المرحلة التي يصطلح أن نقول عليها مرحلة المرأة في السينما؟

بداية من ليلى، زينب، وغيرها من الأعمال التي حملت اسم المرأة منذ بداية عهد السينما وحتى وقت قريب، كانت المرأة مؤثرة جدًا، وضمت أفيشات الأفلام على مدار تاريخها، عدد من النجمات في كل مرحلة حتى وصلنا إلى بداية الألفية الجديدة.

في عام 2000، اختلفت السينما تمامًا، وبدأ دور المرأة في التلاشي شيء فشيء، وأصبحت هي مجرد زوجة أو حبيبة للبطل وفقط، بل أن عدد من النجمات كان يخشى تقديم أدوار بطولة في التلفزيون، كل لايؤثر ذلك على قرارات النجوم الرجال في اختيارهم للأدوار الثانوية بأفلامهم، ومنى ذكي من النجمات التي كان من الممكن أن تقدم شيء إذا قامت ببطولة أعمال سينمائية وحدها.

 

ماهو تقيمك لمصطلح السينما النظيفة؟

هو مصطلح حديث، بدأ في الظهور خلال العشرين سنة الأخيرة، وهومصطلح غرائزي بامتياز، كما أنه يطعن في كل الأعمال التي قدمت من قبل، كأننا نقول أن الأعمال التي قدمت قبل ذلك ليست نظيفة، وهذا أكبر تمثيل لعدم إدراك القيمة الحقيقة والمعنى من الأفلام. 

وبالرغم من ذلك فإنني أرى في تلك الأفلام التي يقولون عنها إنها نظيفة شيء من القذارة، لم نرى خلالها مشاهد خارجة صراحة، ولكن تم التلميح لها بشكل يوحي للمتفرج باستنتاج كل ما كان يحدث، فالأزمة بالطبع ليست في القُبلات.

 

أيهم يتأثر بالأخر.. السينما تتأثر بالمجتمع أم المجتمع هو من يتأثر بالسينما؟

السينما هي من يتأثر بالمجتمع، فهناك عدد كبير من الجرائم التي حدثت في المجتمع، لم يكن يخطر ببال السينما يومًا أنها يمكن أن تحدث، فمثلًا لا يصح القول بأن محمد رمضان قدم البلطجة فالمجتمع أصبح كذلك، ولكن على العكس، فإن هذه الشخصيات موجودة بالفعل ورمضان يقدم نموذج منهم، أما الخطف والاغتصاب وغيرها من الجرائم، فموجودة من قبل السينما.

 

إذا ما دور الرقابة في كل هذا؟

تختلف طبيعة الرقابة من مرحلة إلى أخرى، فالمسموح في فترة، قد لا يكون كذلك في الفترة التي تأتي بعدها، ولكن باختصار يمكن القول أن الأسس التي يتم بناء عليها التقيم، في تراجع.

 

على ذكر الرقابة ما رأيك في الدور الذي يلعبه هاني شاكر في قضية مطربي المهرجات؟

"هو متصور إن دوره يبقى عسكري".. تقول نصر الله، إن المسألة فيها عدم توفيق من قِبل نقيب المهن الموسيقية،  فليس من حق أحد الحكم على نوع من أنواع المزيكا، أنها مؤدبة، أو أن شخصًا لابد أن يحصل على شهادات كي يكون مطربًا، عبدالباسط مثلًا صوته رائع، لكن لايمتلك شهادات، وآخرين لا يمتلكون صوتًا ولا شهادات ولكن الناس أحبتهم.

إن الشيء الوحيد الذي يمكن تقيمه هي الكلمات، وحتى هذا هو دور الرقابة وليس دور النقيب، أما بخصوص اللحن فهو موجود طوال الوقت، ويتم تقديمه في الأفراح، لأن هذا الإيقاع يناسبها، فمن غير المنطقي أن تُسمع أم كلثوم في مناسبة كالأفراح.

 

نعود مرة أخرى إلى السينما.. هل يمكن أن تخبرينا بأكثر الفترات تألق في تاريخ السينما من وجهة نظرك؟

لا يمكن أن نفصل الفترات عن بعضها، فكل فترة تضم الجيد والشيء، ولكن دعني أقول أن الستينات، كانت أكثر الفترات ثراء بسبب دور مؤسسة السينما، التي أقدمت على إنتاج أفلام، كان من غير الممكن أن يقدم القطاع الخاص على إنتاجها، خوفًا من الخسارة، لكنها أصبحت علامات فارقة في تاريخ السينما، أمثال البوسطجي، المستحيل، ثرثرة فوق النيل، وميرامار، بالإضافة إلى تلك الأفلام التي كانت من بطولة فرقة رضا، فمن من المنتجين كان يمكن أن يقتنع أن فيلمًا من بطولة فرقة موسيقية ولا يضم نجمًا واحدًا، أن ينجح، لكن نجحت فرقة رضا وقدمت لنا "غرام في الكرنك"، أحد أهم علامات السينما الآن.

كذلك منحت الدولة الفرصة لعدد من الكُتاب، المخرجين، والممثلين الجدد من خريجي الدفعات الأولى لمعهد السينما، الفرصة لتقديم أنفسهم، وخرج من بينهم عدد كبير من النجوم في مناحي الفن المختلفة.

 

قُلتي إن منى ذكى كان يمكن أن تقدم أفضل في السينما.. ماذا عن أفضل نجمات هذا الجيل بشكل عام؟

أنا بعتبر منة شلبي هي الأجرأ والأكثر تنوعًا، وموهبة بين أبناء جيلها، وثبت منة ذلك في كل عمل جديد تقدمه.

 

أخيرًا.. قرارات الإنسان إلى أي مدى يمكن أن تضعه في ورطة.. وهل يمكن أن تتراجعي عن بعض آرائك؟

"لأ.. عمري ما قول كدا رغم إني ببقى في أزمة حقيقية".. هكذا أجابت خيرالله، وأوضحت أنها لايمكن أن تتخلى عن آراءها مهما كانت النتائج، حتى أن أحد هذه الأراء جعلها تدفع ثمنه أموال كثيرة وقضايا لا تزال قائمة، إلا أنها وبحسب قولها، إن عاد بها الزمن، فسوف يكون لها نفس الرأي.