رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البرنامج القُطرى الجديد

البرامج القطرية، بضم القاف وتسكين الطاء، وضعتها «منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية»، سنة ٢٠١٤، لدعم عدد محدود من الاقتصاديات الناشئة، التى حققت قدرًا من الإصلاح الاقتصادى. وأمس الأول الخميس، بدأت ورش عمل المشاورات الوطنية مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، لإعداد البرنامج القُطرى الجديد، للسنوات الخمس المقبلة، ٢٠٢٣-٢٠٢٧، استكمالًا للمشاورات الشاملة بين الحكومة المصرية والأمم المتحدة، التى تشارك فيها حوالى ٨٠ جهة تابعة للطرفين.

منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، المعروفة اختصارًا باسم «OECD»، تضم الدول التى تطبق مبادئ الديمقراطية التمثيلية واقتصاد السوق الحرة. وتأسست فى ٣٠ سبتمبر ١٩٦١، لتحل محل منظمة التعاون الاقتصادى الأوروبى، «OEEC»، التى تأسست سنة ١٩٤٨ للمساعدة على إدارة مشروع إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، مشروع مارشال، وبعد فترة تم توسيعها لتضم دولًا غير أوروبية. 

خلال زيارته فرنسا، قام الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى ٢٦ أكتوبر الماضى، بتوقيع مذكرة تفاهم بشأن البرنامج القطرى مع ماتياس كورمان، سكرتير عام المنظمة، الذى أكد خلال مؤتمر صحفى، أن «مصر لديها الاقتصاد الأكبر فى منطقة شمال إفريقيا، وتزخر بشعب يتصف بالشباب والحيوية». كما أكد أنها ساهمت، عبر تاريخها، فى الحضارة الإنسانية، ووصفها بأنها «لاعب رئيسى فى منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية». وقال إن هذا البرنامج سيدعم الاستثمار، التنمية المستدامة، البنية التحتية، التحول الرقمى، و... و... وتحويل الشركات للاقتصاد الرسمى.

مصر، كما قال رئيس وزرائها، لديها اقتناع بأن «البرنامج القطرى» سيساعدنا على الاستمرار فى العمل على برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى المتميز، الذى تبنته الحكومة منذ ٤ سنوات. كما أوضح مدبولى أننا «نعوّل على منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية للاستفادة من قدراتها المتفردة»، وأكد أننا «فخورون بما تحقق من نتائج إيجابية فى مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى، ولكوننا من بين الدول القليلة التى نجحت فى تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال فترة جائحة كورونا». 

عن مذكرة التفاهم، قال مدبولى إنها «تدفعنا إلى العمل بشكل أكبر مع المنظمة، وأن نصنع مرات أخرى قصة النجاح المشتركة فى القطاعات المختلفة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية». ومع أن رئيس الوزراء لم يذكر المرات أو قصص النجاح السابقة، لكنه كان يقصد، على الأرجح، مشاركة مصر، سنة ٢٠٠٥، فى إطلاق مبادرة المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن الحوكمة والقدرة التنافسية من أجل التنمية، وتوليها بين عامى ٢٠٠٧ و٢٠٠٩، الرئاسة المشتركة للمبادرة.

قبل توقيع مذكرة التفاهم مع المنظمة، أطلقت الحكومة المصرية، خلال يونيو الماضى، مشاورات شاملة مع الأمم المتحدة، لتعزيز الحوار المشترك، وتبادل الرؤى ووجهات النظر بين الأطراف ذات الصلة، لوضع رؤية للتعاون للخمس سنوات المقبلة، تتواكب مع الطفرة التنموية التى تشهدها مصر، وتعزز التوجهات التنموية الوطنية، وتتماشى مع برنامج الحكومة الحالى «مصر تنطلق ٢٠١٨-٢٠٢٢»، و«رؤية مصر التنموية ٢٠٣٠»، ومساعيها لتحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة.

تأسيسًا على ذلك، عقدت الحكومة جلسة نقاشية، لتحديد أولويات مصر، فى إطار «البرنامج القطرى»، شاركت فيها وزارات التخطيط والتعاون الدولى والتربية والتعليم والصحة والشباب والرياضة والمجالس القومية للسكان والمرأة والأمومة والطفولة. ويجرى، حاليًا، العمل على إعداد الاستراتيجيات المشتركة مع البنك الدولى والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية وبنك الاستثمار الأوروبى وبنك التنمية الإفريقى، لدعم رؤية مصر التنموية ٢٠٣٠، وتنفيذ برنامج عمل ٢٠٢٣-٢٠٢٧، الذى يستهدف تنفيذ المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، وحماية الموارد الطبيعية وتطوير رأس المال البشرى والاستثمار فيه، وتعزيز الشفافية والحوكمة والشراكات الشاملة، وزيادة الإنتاجية والتوظيف وتمكين المرأة.

.. وتبقى الإشارة إلى القطر، بضم القاف وتسكين الطاء، هو الناحية أو الجهة أو الجانب، وتوصف به البلاد التى تتميَّز باسم خاص، والجمع أقطار. أما القطر، بفتح القاف وتسكين الطاء، فهو كل ما نزل من السوائل على شكل نقاط. وتوضيحًا للفارق، قال أبوالعلاء المعرى: كأنّما شُبّ، فى أقطارِه، قطرٌ.. بالغيثِ، أن بالَ فيه الثورُ والأسدُ. فَوَيحَهُم بِئسَ ما رَبّوا وَما حَضَنوا.. فَهىَ الخَديعَةُ وَالأَضغانُ وَالحَسَدُ.