رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سماح الحريري: الكاتبات أصدق في التعبير عن قضايا المرأة (حوار)

المؤلفة سماح الحريري
المؤلفة سماح الحريري

قبل عشرين عامًا ومع بداية القرن الحالي، بدأت المؤلفة والسيناريست سماح الحريري، رحلتها في عالم الكتابة، وخرج من بين أيدها عدة أعمال مهمة للنور، ففي عام 2003، قدمت لنا مسلسل "أولاد الأكابر"، و"الحقيقة والسراب"، الذي حقق عددًا كبيرًا من المشاهدات، ولا يزال يُروج لمشاهد منه حتى الآن، بالإضافة إلى كوكبة كبيرة من الأعمال الفنية التي مازلت تُعرض على مختلف القنوات.

وتعتبر الحريري، أحد أهم المؤلفات التي منحت قضايا المرأة عناية خاصة، ويبدو هذا جليًا في الأعمال التي قدمتها ومن بينها: "أحلام لا تنام"، "القاصرات"، وأخيرًا "ساحرة الجنوب"، وتقول "الحريري"، إنها شاهدت بطلات "القاصرات" في الواقع، كما أنه مسلسل لن يستطيع الرجل كتابته بهذه المشاعر.

"الدستور" التقت الكاتبة سماح الحريري، وأجرت معها حوارًا حول أعمالها بشكل عام، والأعمال التي تضمنت قضايا المرأة خاصةً.. وإلى نص الحوار:

* بداية.. أريد أن نبدأ من حيث انتهيتي، حدثينا عن مسلسلك الأخير والذي تقومين بكتابته حول الحارة المصرية، ولماذا قررتي الحديث عنها الآن؟

- لقد اخترت الحديث عن الحارة المصرية، لأنني لاحظت أن كل ما يُقدم في الفترة الأخيرة من ألفاظ نابية وسلوكيات خاطئة، هي بالطبع ليست من الحارة المصرية في شيء، فالبعض يتجه إلى كتابة المشاهد التي تحتوي على الصراعات من أجل المشاهدات لا من أجل الحارة، ولذلك كان لابد من وجود عمل يتحدث عن الحارة الحقيقية بما فيها من جمال ومجمالة المصريين لبعضهم البعض والأخلاق الطيبة، وهذا ما دفعني إلى كتابة عملي الأخير.

* قدمتي أعمال كثيرة كان العنصر النسائي مسيطر على الأبطال فيها، فماذا عن كواليس العمل معهن؟

إلهام شاهين:

- أولًا أود أن أتحدث عن الفنانة الكبيرة إلهام شاهين، والتي قدمت معها مسلسل "أحلام لا تنام"، ونشأت بيننا صداقة قوية أثناء العمل على المسلسل ومستمرة حتى الآن، وكان بيننا عدد من المشروعات الأخرى إلا أنها لم تكتمل، وهي سيدة رائعة، لا تهتم بتفاصيل شخصيتها فقط وإنما تهتم بالعمل ككل وبأدوار باقي الممثلين، حيث أنها حريصة على أن يخرج العمل على أكمل وجه، وتقود حركة العمل داخل الكواليس.

ميرفت أمين:

- إنها "الليدي الراقية".. فإن هذا التعبير أصدق ما يمكن أن أصف به الفنانة المتلزمة، ليس بالنص فقط، وإنما بمواعيدها، حيث أنها تتواجد داخل موقع التصوير قبل موعدها بساعة على الأقل حتى تنتهي من الحفظ وتكون جاهزة على الموعد.

حورية فرغلي:

- إن حورية فرغلي، لها خصوصية تجعلني أتحدث عنها منفردة، إنها بطلة مسلسل "ساحرة الجنوب" بأجزاءه، ولا أنكر أنه في لحظات الترشيح الأولى لها لم أقتنع بأنها من الممكن أن تكون على قدر الشخصية، ولكنها أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أنها الأقدر على تقديمه، الأمر الذي دفعني لتكون هي بطلة عملي الأخير، على الرغم من أنها لم تكن ببالي، إلا أن الضجة التي أحدثتها حالتها الصحية، وضعتها أمام عيني.

* على ذكر حورية فرغلي، دعينا نتجه للحديث عن "ساحرة الجنوب"، والفتوى التي أدت إلى وقف عرض المسلسل وعدم استكمال أجزاؤه؟

- لم يكن لي أية علاقة بقرار المنع، ولو كان القرار في يدي لما استجبت للفتوى، لأنني أدرك تمامًا أن ما قدمته لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالكفر، إنه عالم موجود بالفعل والحالات المصابة موجودة أيضًا، كما أنني قمت بعلاج الحالة في المسلسل بالقرآن، وكنت أوجه رسالة ضمنية بأن أعمال السحر من الممكن أن تنتهي متى ابتعدنا عن الجدل واتجهنا إلى القرآن الكريم.

وأكبر دليل على رأيي، أنني حاولت التواصل مع الشركة المنتجة لاستكمال الفكرة في مكان آخر، لكنهم تمسكوا بحقهم فيها، ولا شيء في ذلك.

* هل كانت فكرة "ساحرة الجنوب" من وحي خيالك بالكامل أم لها علاقة بالواقع؟

- نعم، رأيت حالات عدة في الواقع تعاني من السحر، كما أنني اتجهت إلى قراءة الكتب والمراجع الخاصة بهذا العالم، حتى اتهمني البعض بأنني سوف أتجه إلى الشعوذة، لكن هذا كله غير صحيح، وإنما نتجت الفكرة عن مشاهدات في الواقع وقراءات في فترة سيطر على تفكيري فيها البحث فيما يخص هذا العالم وما وراء الطبيعة بشكل عام.

* وماذا عن فكرة مسلسل "القاصرات"؟

- كان لدي طفلة تساعدني في أعمال المنزل، وتبلغ من العمر 12 عامًا، أجبرها أهلها على الزواج من رجل يكبرها بكثير، كانت تبكي بالدموع، ولكن دون جدوى، تزوجت بالفعل وانقطعت أخبارها عني بعد فترة من زواجها.

ورأيت أيضًا نموذج لفتاتين كانتا صديقاتين، تزوجا من شخصين في دولة الخليج، وعشت تجربتهم المأساوية حتى النهاية، لذلك لو كنا قدمنا جزء آخر من القاصرات، كنت بنيت القصة الجديدة عليهن.

* أيهما أصدق في الكتابة عن قضايا المرأة، الرجل أم المرأة؟

- بالطبع عندما تقوم الكاتبة بالحديث عن أوجاع المرأة تكون هي الأصدق، فلا أعتقد أن رجلًا من الممكن أن يكتب قصة "القاصرات" على سبيل المثال بهذا الإحساس، فهو لا يعرف أوجاع الحب وحنينها واحتياجها إلى المشاعر، ففي الغالب لن يشعر بالمرأة إلا مرأة مثلها، ولكن هذا لا يعني عدم وجود كُتَّاب من الرجال استطاعوا سرد قصص عن المرأة وأبدعوا في ذلك.

* في رأيك أي الكُتَّاب الرجال أقدر على التعبير عن المرأة؟

- محمد جلال عبدالقوي، أحد أهم الكتَّاب الذين استطاعوا التعبير عن المرأة بحرافية كبيرة، فلا يمكن أن ننسى ما قدمه في مسلسل "نصف ربيع الآخر"، وغيره من الأعمال التي تناول فيها الجانب الأنثوي بنفس العمق الذي يتناول فيه قضايا الرجل.

وكذلك الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، فهو الأقدر ليس فقط على الكتابة عن الأنثى، وإنما يستطيع طرح شبكة كبيرة من العلاقات المحكمة بلا خلل، لذلك فأنا أعتبره أستاذي وأبي الروحي.

* وأخيرًا.. هل يستطيع كاتب السينما الكتابة للتلفزيون أو العكس؟

- إن الكاتب الجيد هو من يستطيع الكتابة للتلفزيون بمنهج السينما وليس العكس، بمعنى أنه يمتلك القدرة على كتابة حوار قصير سريع للتلفزيون، ولا يكتب حوار طويل للسينما، وهناك عدد من الكتَّاب وقعوا في هذا الخطأ، حيث يعتاد الكاتب، الكتابة للسينما وعند التحول للتلفزيون، يقوم بكتابة حلقتين بمنهج السينما، ثم يواجه مشكلة في استكمال باقي الحلقات.

وحيد حامد، من أكثر الكُتَّاب احترافية، حيث استطاع المزج بين الكتابة للسينما والكتابة للتلفزيون، وحقق في ذلك نجاحات فريدة، وكذلك الرائع أسامة أنور عكاشة، رغم اختلاف منهجهما في الكتابة.