رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متطرفة فى كلية لندن

 

ضمن سلسلة نقاشات بعنوان «حقبة جديدة فى الشرق الأوسط»، قام طلاب كلية لندن للعلوم الاقتصادية باستضافة «تسيبى هوتوفلى»، السفيرة الإسرائيلية فى بريطانيا، مساء الثلاثاء الماضى. غير أنها قوبلت باحتجاجات شديدة، أجبرتها على مغادرة الكلية. وأظهرت مقاطع فيديو، جرى تداولها على شبكات التواصل الاجتماعى، محتجين يطلقون صيحات الاستهجان وعبارات من عينة «ألا تشعرين بالخجل؟»، بينما كانت المذكورة تهرول نحو سيارتها، وهى تحمل باقتى ورد، فى حراسة أمنية مشددة!.

كل وزراء الحكومة البريطانية، تقريبًا، أدانوا تلك الاحتجاجات. إذ قالت وزيرة الخارجية إنها «غير مقبولة»، وأكدت وزيرة الداخلية أنها «شعرت بالاشمئزاز»، من طريقة معاملة السفيرة الإسرائيلية، وكتبت فى حسابها على تويتر: «لا مكان لمعاداة السامية فى جامعاتنا أو فى بلادنا». ووصف وزير التعليم تلك المشاهد بـ«المزعجة للغاية»، وقال إنه دعا طلابًا يهودًا إلى اجتماع للاستماع إليهم، وتقديم أى دعم لهم. وعليه، قالت السفيرة الإسرائيلية إنها «ممتنة» لكل هذا الدعم، وأكدت أنها لن تخضع «للترهيب»، وستستمر «فى مشاركة قصة إسرائيل، وإجراء حوارات مفتوحة مع كل فئات المجتمع البريطانى». 

المولودة سنة ١٩٧٨ لعائلة مهاجرة من جورجيا، أصبحت سنة ٢٠٠٩ عضوًا فى الكنيست «البرلمان» الإسرائيلى عن حزب الليكود، الذى يتزعمه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق. وبدأت رحلتها مع المناصب الحكومية، فى مارس ٢٠١٣، بمنصب وكيل وزارة المواصلات، ثم نائب وزير العلوم والتكنولوجيا والفضاء، فى ديسمبر التالى. ومنتصف مايو ٢٠١٥، عيّنها نتنياهو نائبًا لوزير الخارجية، بعد أن احتفظ لنفسه بتلك الحقيبة. ووقتها، قالت مصادر إسرائيلية إنه أبلغها بأن تتعامل «وكأنه لا يوجد وزير خارجية»، ووعدها بمنحها جميع الصلاحيات التى كانت تتمتع بها تسيبى ليفنى، تولّت منصب وزير الخارجية فى حكومة إيهود أولمرت سنة ٢٠٠٦، وكانت ثانى امرأة تتولى المنصب بعد جولدا مائير.

توصف «هوتوفلى» بأنها من «صقور الليكود»، وحين قامت حكومة نتنياهو، فى يونيو ٢٠٢٠، بتعيينها سفيرة لدى بريطانيا، اعترض أكثر من ٨٠٠ يهودى بريطانى وطالبوا حكومة بوريس جونسون، فى بيان أو عريضة، بعدم قبول تعيينها، لأن لديها «سجلًا مروعًا من السلوك العنصرى والتحريضى». وغالبًا، لم تستجب حكومة «حزب المحافظين» لهذا المطلب، لأن المذكورة، كانت قد دعت البريطانيين، واليهود منهم بشكل خاص، إلى عدم التصويت لـ«حزب العمال»، فى الانتخابات، التى جرت فى ديسمبر ٢٠١٩، بزعم أنه يشكل «خطرًا كبيرًا على العلاقات الإسرائيلية البريطانية»، وأن «الرياح التى تهب على الحزب معادية للسامية»!.

إلى جانب تشددها فى رفض قيام الدولة الفلسطينية، ترى «هوتوفلى» أن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى ليس حول الأرض، بل «معركة دينية»، بين الإسلام واليهودية، كما ترفض مطالبة الفلسطينيين بأى أجزاء من الضفة الغربية أو غزة أو القدس الشرقية، وقالت فى كلمة وجهتها للدبلوماسيين الإسرائيليين، سنة ٢٠١٥، إن «هذه الأرض لنا كلها دون استثناء». وقبل إرسالها إلى لندن كانت تتولى وزارة شئون المستوطنات.

متطرفة جدًا، عنصرية جدًا، متعصبة جدًا، وعنيفة جدًا. وحدث، مثلًا، أن طالبت مارجو فالستروم، وزيرة خارجية السويد السابقة، فى يناير ٢٠١٦، بإجراء تحقيق حول ملابسات مقتل فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية، فوصفتها «هوتوفلى»، فى تصريحات للإذاعة الإسرائيلية العامة، بأنها تعانى «مزيجًا من العمى والغباء السياسى»، وقالت إن «كل المسئولين الرسميين السويديين غير مرحب بهم فى إسرائيل». ما أحدث قطيعة فى العلاقات بين الجانبين، استمرت حتى قامت آن ليندى، وزيرة خارجية السويد الحالية، بزيارة إسرائيل فى ١٨ أكتوبر الماضى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن حسام زملط، السفير الفلسطينى فى بريطانيا، كان من المفترض أن يشارك فى جلسة نقاشية فى الكلية نفسها، أمس الخميس، لكنه اعتذر عن عدم المشاركة. وحسنًا فعل، خاصة بعد أن زعم متحدث باسم الكلية أن «حرية التعبير هى أساس كل ما يقومون به»، ثم أكد أنهم سيتخذون «إجراءات تأديبية» ضد كل الطلاب، الذين اعترضوا على استضافة السفيرة الإسرائيلية وشاركوا فى الاحتجاجات، سواء بشكل مباشر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى!.