رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهالوين.. بين الحلال والحرام

عيد الهالوين في الأصل هو احتفال وثني كان يقام في نهاية شهر أكتوبر سنويًا، تصادف تزامنه مع  مهرجان سمحين الديني الكاثوليكي ليسبق بيوم واحد عيد القديسين في أول نوفمبر من كل عام، ومع مرور الزمن احتفل الأخوة المسيحيون في كافه أنحاء العالم بالعيدين معًا.

كانت أسطورة الحضارة الغيلية البريطانية القديمة تقول إن نهاية الصيف هو الوقت الذي يتداخل فيه عالم الأموات بالعالم الحقيقي (حاجة كده زي يوم القيامة) وتختلط أرواح الأموات بأرواح الأحياء، وكان الهدف منه بث الرعب في الأرواح الشريرة وطردها.
مع الوقت تطور الاحتفال عندما بدأ بعض الأطفال والمراهقين بارتداء أزياء تنكرية مخيفة على سبيل الدعابة لإخافة الجيران والأصدقاء، وراقت الفكرة للكبار أيضًا، فأضافوا فاكهة القرع العسلي (اليقطين) إلى الاحتفال به بتفريغه وإنارته وتلوينه بألوان مختلفة.

انتشرت فكرة عيد الهالوين في أوروبا ثم انتقلت إلى الولايات الأمريكية وكندا، ومنها إلى جميع أنواع العالم، يحتفل فيه الناس بارتداء ملابس غريبة مضحكة أو مخيفة، إلى هنا والأمور طبيعية، لكن ولأننا مختلفون، أثار بدء الاحتفال بعيد الهالوين في مصر حفيظة شيوخنا الأفاضل.
استمعت لفضيلة الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، وهو رجل متزن سمح الوجه يشع وجهه نورًا، قال فضيلته إن عيد الهالوين يسمى بعيد (الرعب) عند الغرب، وبمنتهي الأدب أضاف مؤكدًا أنه من العادات الغربية التي يوجد لها بدائل أفضل منها في الإسلام.
ونبّه فضيلة الشيخ عويضة في إجابته عن سؤال: ما حكم عيد الهالوين؟، على ضرورة الانتباه إلى ما يبث وما ينشر إلينا من عادات غربية، ونتساءَل: هل تتفق مع أصولنا الشرقيّة أم لا؟.. مشددًا على أن عيد الهالوين ليس من التراث الإسلامي، وأن عندنا في تراثنا كل ما هو خير وأفضل منه.. الرجل لم يُبح ولم يحرم بل قال رأيه بهدوء وترك لنا حرية الاختيار.

ولكن بالرجوع لفتوى المرحوم عبدالعزيز بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والافتاء بالسعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس المجمع الفقهي الإسلامي والمفتي الأكبر حتى وفاته، كانت الصدمة الكبرى، قال فضيلته في سؤال عن احتفال المسلمين مع إخوتهم المسيحيين بأعيادهم: "لا يجوز للمسلم ولا للمسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم، بل يجب ترك ذلك لأن (من تشبه بقوم فهو منهم)، والرسول ﷺ حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم.. فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك، وألا يساعدا في إقامة هذه الأعياد بأي شيء لأنها أعياد مخالفة لشرع الله ويقيمها أعداء الله فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء، لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بأي شيء من الأمور كالأواني ونحوها".

هذه الفتوى هي التي يؤمن بها السلفيون والوهابيون عن ظهر قلب، وهي التي حرمت عليهم معايدة أشقائهم المسيحيين في الوطن في أي مناسبه دينية، وتجاوز ذلك تحريم أعياد الميلاد وعيد الأم وعيد الحب وأي عيد غير إسلامي.

وهذا هو الفرق بين سماحة الدين الإسلامي المتمثلة في فضيلة الشيخ عويضة، وبين تشدد وتطرف شيوخ الوهابية والسلفية وما أكثرهم.
بتولي محمد بن سلمان زمام القيادة في المملكة العربية السعودية تغيرت الكثير من الأمور، وبدأ عتاة المشايخ هناك إعادة النظر في فتاويهم المتشددة.. نتمنى من الله أن تلين عقول المتشددين عندنا.. وقانا الله من الفتنة وهدانا لتعاليم ديننا الصحيح.