رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقاطعة نتفليكس.. العكس صحيح!

للسبب وعكسه، ومِن هذا الطرف ونقيضه، تتكرر حملات الهجوم على «نتفليكس»، ويتجدد إطلاق «الهاشتاجات»، التى تطالب بإلغاء الاشتراك فى تلك الشبكة المتخصصة فى عرض الأفلام والمسلسلات على الإنترنت. بينما تقول الأرقام، التى ستجدها فى الفقرة الأخيرة، إن العكس تمامًا هو ما يحدث!.

تؤكد «نتفليكس»، Netflix، دائمًا، أنها منصة ترفيهية، ولا علاقة لها بأى أجندات سياسية. لكنك لو بحثت فيها عن كلمة «إسرائيل»، مثلًا، ستجد مسلسلات وأفلامًا، روائية ووثائقية، تنحاز لذلك الكيان، يمكن وصفها بأنها أعمال دعائية من عينة فيلم «الملاك»، بخرافاته وتخريفاته، عن علاقة الشهيد أشرف مروان بالموساد، وفيلم «الجاسوس»، الذى تضمن أكاذيب ومغالطات عن تجسس إيلى كوهين فى دمشق. غير أن الشبكة تعرضت لحملة انتقادات إسرائيلية، بمجرد إعلانها عن عرض مجموعة أفلام بعنوان «قصص فلسطينية» خلال الشهر الجارى.

جماعة «إم تيرتزو»، Im Tirtzu، الصهيونية المتطرفة، وصفت عرض تلك الأفلام بأنها «دعاية مسعورة مناهضة لإسرائيل تمجد الإرهاب وتشوه سمعة إسرائيل». وفى سلسلة تغريدات، نشرتها الجماعة فى حسابها على تويتر، قالت «إن مؤيدى حركة المقاطعة الفلسطينية لإسرائيل يدعمون معظم مخرجى الأفلام». وزعمت أن ٨٩٪ من أفلام «قصص فلسطينية» أخرجها نشطاء من حركة المقاطعة، وطالبت «الجمهور الإسرائيلى بإرسال بريد إلكترونى إلى كبار التنفيذيين فى شبكة (نتفليكس) وإخبارهم بضرورة إزالة هذه الأفلام». ولجريدة «إسرائيل هيوم»، اتهمت الصحفية الإسرائيلية، إميلى شريدر، الشبكة بتقديم أعمال لمخرجين يدافعون عن الانقسام ويروجون للكراهية والتعصّب الأعمى!. 

فى المقابل، هاجم الفلسطينيون أعمالًا عديدة عرضتها الشبكة، كان أبرزها مسلسل «فوضى»، الذى اتهموه بأنه تجاهل معاناتهم وقدم صورة مثالية لإسرائيل لا صلة لها بالواقع. كما كان المسلسل الإسبانى «لا كاسا دى بابيل»، الذى تعرضه الشبكة، منذ سنوات، هدفًا لحملة انتقادات فلسطينية، ليس بسبب محتواه، ولكن لأن أبطاله ظهروا على القناة ١٢ الإسرائيلية وعبروا عن دعمهم سلطة الاحتلال. وحينها أطلق ناشطون فلسطينيون هاشتاج «قاطعوا لا كاسا دى بابيل»، أكدوا خلالها أن «زيارة ودعم وتأييد الممثلين لدولة كيان غاصب يتناقض مع فكرة المسلسل»، وبينما طالب بعضهم بمقاطعة المسلسل، طالب آخرون بمقاطعة الشبكة كلها.

موجة أخرى من الانتقادات تعرضت لها الشبكة فى بريطانيا، بسبب مسلسل «التاج»، The Crown، الذى يتناول سيرة الملكة إليزابيث. وأمس الأول، الأربعاء، توقعت جريدة «مترو» أن تتجدد الانتقادات بعد أن تجاهلت الشبكة مطالبة، أو تحذير، الأمير وليام، الابن الأكبر للأميرة ديانا، وقررت عرض نسخة درامية من حوار مثير للجدل، تحدثت فيها الأميرة الراحلة عن زواجها الفاشل من الأمير تشارلز، ولى العهد، وتفاصيل حياتها داخل القصر الملكى. ومع أن الشبكة قدمت أعمالًا دعائية عديدة، يغسل بعضها تاريخ تركيا الدموى، ويحاول بعضها الآخر تجميل حاضرها البائس، إلا أنها تعرضت لحملة هجوم تركية عنيفة، لمجرد أنها أجابت بـ«نعم»، حين سألها أحد متابعيها عن إمكانية إنتاج فيلم عن الإبادة الجماعية التى تعرض لها الأرمن!.

إلى جانب الاتهامات السياسية، يتهم البعض الشبكة بمحاولة نسف القيم الأخلاقية والدينية والمجتمعية، وسبق أن تعرضت لحملة هجوم واسعة، اتهمتها بـ«تسليع الصغيرات جنسيًا»، وانتهاك قوانين حقوق الأطفال، التى تنص على عدم تصوير الأطفال فى مشاهد مُخلّة، إثر قيامها بعرض الفيلم الفرنسى «مينيون»، أو «كيوتيز»، أو «لطيفات»، الذى كتبته وأخرجته ميمونة دوكرى، الفرنسية ذات الأصول السنغالية، ويتناول قصة فتاة باريسية فى الحادية عشرة، تحاول التوفيق بين القيود العائلية الصارمة، وما فرضته شبكات التواصل الاجتماعى على أبناء جيلها.

حملات الهجوم على «نتفليكس» تتكرر، ودعوات المطالبة بمقاطعتها تتجدد، كما طرح باحثون تصورات مرعبة لما يمكن أن تتسبب فيه كثرة مشاهدتها من مشكلات صحية، تبدأ بالسمنة وظهور الأكياس الداكنة تحت العينين، ولا تنتهى بسرطان الأمعاء. ومع ذلك، قالت الأرقام إن الشبكة استقبلت ٤.٤ مليون مشترك جديد فى الربع الثالث من العام الجارى، مقابل ١.٥ مليون فى الربع الثانى، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى ٨.٥ مليون فى ربع العام الأخير.