رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كنيسة الروم الملكيين: الشر لا يأتي من الله ولن يخلق ما هو ضده

الأنبا جورج بكر
الأنبا جورج بكر

تحتفل كنيسة الروم الملكيين بمصر، برئاسة الأنبا جورج بكر، الأحد، بحلول الأحد الثاني والعشرون بعد العنصرة، والإنجيل السادس بعد الصليب، وتذكار القدّيس العظيم في الشهداء الحارث والذين معه.

تقول الكنيسة: "في عهد الإمبراطور أنسطاسيوس (491-518) كانت تعيش في بلاده الحميريون بين اليهود، في جنوب الجزيرة العربية، جماعة مسيحية صغيرة، استوطنت مدينة نجران، ثم احتلَّ ملك الحبشة الالصبهان البلاد المذكورة، وأقام حامية عسكرية في صافار، فثار اليهودي ذو نؤاس على الاحباش، وقتل افراد الحامية، ومشى على نجران، واحتلَّها وإذ استتب له الأمر فيها، أسلم وغدر برئيس القبيلة المسيحية المدعو الحارث، وقتله وجنوده وسائر أفراد القبيلة وعددهم أربعة آلاف، وذلك سنة 522-523".

وتكتفي الكنيسة خلال احتفالات اليوم بالقداس الالهي الذي يُقرأ خلاله: سالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية، إنجيل القدّيس لوقا،
بينما تقتبس العظة الاحتفالية من عظات القدّيس باسيليوس الذي عاش في الفترة (نحو 330 - 379)، وهو راهب وأسقف قيصريّة قبّدوقية.

تقول العظة التي تحمل شعار "الشرّ الذي فيك": إن لا يمكنّا أن نقول، دون أن نخطئ ضد الإيمان، إن الشرّ يأتي من الله. فلا الحياة تلدُ الموت، ولا الليل يخلقُ النور، ولا المرضُ يمنح الصحة، ولا الله الكلي الصلاح يمكن أن يخلق ما هو ضدَّه.

تضيف: "فإذا لم يكن الشرُّ أبديّاً ولا آتياً من الله، فمن أين اتخذ طبيعته؟ فالشر موجود، ونحن نراه كل يوم، فما الجواب؟ إن الشر ليس حقيقةً حيةً ولكنه ارتياح في روحنا يخالف الفضيلة، وهو نتيجة رفضنا للخير، تساهلًا وتهاونًا منا. فلا نبحثْ عن أصل الشر، خارجًا عنا، متصوِّرين فينا طبيعةً أولى فاسدة؛ فعلى كلٍّ منا أن يقرّ أنه أصل الرداءَة التي فينا. ثم إنَّ بين ما يحدث لنا من الأمور ما هو طبيعي كالشيخوخة والأمراض؛ وما قد يحدث صدفةً كالأحداث غير المنتظرة.

وتابع: "فبعضها يحزننا، وبعضها يُفرحنا (كاكتشاف كنزٍ أو عضَّةِ كلب)؛ وثم أمور أخرى تتعلق بنا كالتسلُّط على أهوائنا، وقمْع دواعي اللذة فينا، وكبح الغضب، وتهديد من شَتمَنا، وقول الصدق أو الكذب، وحسنِ الخلق وهدوئه، أو الكِبَر والإعجاب بالنفس.

فعلى قدْر ما تكون متسلِّطاً على نفسك، لا تبحث عن سبب الشرّ خارجاً عنك، بل اعلمْ أن أصلَ الخباثة الحقيقي هو استسلامُك لضعفك بحريَّتِك. ولو لم يكن الأمر كذلك، لما أمكن سنُّ شرائع، ولا جاز إقامة محاكم، ومعاقبة مجرمين.

واختتم: "ولا حاجة إلى أن نقول أكثر من هذا عن الشرِّ نفسه. أما المرض، والفقر، وضعةُ المقام، وكل ما يمكن أن يحلَّ بنا من المزعجات، فليس من الصواب أن نَعُدَّهُ شرّاً جوهريّاً، لأن الخير الكامل لا يقوم في ضده. ثم أن بعض المحن متعلِّقٌ بمزاج طبعِنا العارض، والبعض الآخر فيه مصلحة حقيقية لنا.