رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سواقى الفيوم باقية

أهتم اهتمامًا خاصًا بالمنشورات التى تتحدث عن آثارنا، هذه المنشورات أصبحت كثيرة فى الفترة الأخيرة، هناك تطوير فى كل مكان، وهناك مخاوف من أن يمس التطوير آثارنا وتراثنا، الآثار ثروة حضارية لا تقدر بثمن، والتطوير ضرورة حياة.. الخوف على التراث أحيانًا يكون حقًا يراد به باطل، جماعة الإخوان مثلًا تتداول هذه المنشورات بكثرة، وهى تكره الآثار كراهية التحريم.. هناك قلق مشروع طبعًا يبديه مثقفون ومواطنون محترمون، وهؤلاء من حقهم معلومات واضحة تطمئنهم وتوضح لهم الحقيقة.. آخر ما قرأته بالأمس منشور يتم تداوله بكثرة عن «سواقى الفيوم» الشهيرة.. المنشور يقول إنه تمت إزالة السواقى أثناء عملية تطوير الميدان الشهير الذى يحمل اسمها.. أثار المنشور انزعاجى.. الفيوم واحة منخفضة، السواقى الكبيرة كانت ضرورة لرفع المياه إلى الأعلى، تميزت المحافظة بالسواقى الكبيرة ذات الشكل المميز التى تعرف باسم سواقى الهدير.. البطالمة هم الذين اهتدوا لفكرة السواقى منذ ٢٠٠٠ عام، ومن وقتها عرفت الفيوم باسم محافظة السواقى، السواقى الخشبية نفسها يتم تجديدها عندما تبلى، ولكن مكانها تاريخى، وهى نفسها كفكرة لها ثقل تاريخى.. ضاعف من قلقى أننى وجدت تقريرًا على موقع صحيفة قومية كبيرة، يحذر من إزالة سواقى الفيوم، التقرير به تصريحات لمدير عام آثار الفيوم السابق يتحدث فيه عن إزالة السواقى من الميدان بالفعل.. الأمر إذن ليس مجرد شائعات على فيسبوك، شعرت بالضيق لأن المحافظة لم تصدر بيانًا يوضح حقيقة ما يحدث فى الميدان، ولا مركز معلومات مجلس الوزراء الذى يهتم بالرد على الشائعات.. قررت أن أمارس عملى الأساسى كمحقق صحفى.. واتصلت بمحافظ الفيوم أحمد الأنصارى لأسأله عن حقيقة نزع السواقى التاريخية من الميدان لتطويره، بطبيعة الحال لم ير الرجل رسالتى فور إرسالها وانصرفت لشأن من شئونى استغرق دقائق.. فى هذه الدقائق كنت أشعر بغضب حقيقى، ونويت أن أكتب لأدين ما يجرى، مستندًا للتقرير المنشور فى الصحيفة القومية، اتصل المحافظ خلال دقائق قليلة.. طرحت عليه مخاوفى وقد قال لى إن الشخص الذى نشر المنشور ينتمى لجماعة معينة، وكان ردى أن هذا الشخص يقول قولة حق يراد بها باطل، وأن القلق ينتقل لمثقفين ووطنيين مصريين يخافون على تاريخهم، وأنه من أجل هؤلاء يجب أن نوضح الحقيقة، علمت من المحافظ أن ميدان الفيوم يتم تطويره بالفعل، من منطلق الوعى بأنه ميدان «أيقونى» فريد، وأن تصور التطوير وضعه مكتب هندسى ربما يكون تابعًا لكلية هندسة بنها «كما فهمت منه»، وأن هذا المكتب وضع تصورًا للتطوير عرض على لجنة هندسية تضم أساتذة من كلية التخطيط العمرانى، وهندسة القاهرة، وعين شمس، والفيوم، بالإضافة إلى ممثل لمديرية الإسكان فى الفيوم.. كان موضوع السواقى هو ما يشغلنى أكثر من كل التفاصيل لذلك سألت المحافظ.. هل ستزال السواقى؟.. فقال «رغم أن السواقى غير مسجلة كأثر..! إلا أنها أساس مخطط التطوير.. والفكرة أن تكون السواقى مركز الميدان وأن يكون هناك فراغ محيط بها مثل الفراغ الذى يحيط ببرج إيفل مثلًا، وقررنا أن نبنى بجوارها مسرحًا رومانيًا مفتوحًا، وعددًا من البازارات تعرض الصناعات التراثية التى تنفرد بها الفيوم»، قلت له متى سنرى السواقى مرة أخرى فى الميدان؟ قال «فى نهاية شهر نوفمبر كحد أقصى (بعد شهر واحد وبضعة أيام)، وقد اقترح بعض العاملين معى أن نعيد السواقى للميدان قبل انتهاء عملية تطويره، ولكننى رفضت لأن هذا قد يعرضها للضرر.. وسنضعها بعد تطوير الميدان.. وللعلم فإن هناك صانعًا واحدًا لهذا النوع من السواقى فى الفيوم وفى مصر كلها، وهو يرفض أن يعلم أسرار الصنعة لأى أحد آخر، وهو يقوم بترميم السواقى وصناعة عدد من السواقى الجديدة».. إذن سواقى الفيوم الأثرية لن تزال، والكلام على عهدة محافظ الفيوم.. وفى هذا ما يكفى ويزيد.