رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخدمات النقابية: «عاملات المنازل» من أكثر الفئات تهميشًا في المجتمع

عاملات المنازل
عاملات المنازل

قالت دار الخدمات النقابية والعمالية إن عاملات المنازل من أكثر الفئات تهميشًا في المجتمع نساء وبنات وأطفال صغيرات، ورغم الزيادة التي شهدتها مهنة عاملات المنازل إلا أنه يكاد يكون من الصعوبة الشديدة بل من المستحيل الحصول على إحصاء كمي مؤكد يوضح عددهن، ذلك لأن بشكل تاريخي اعتبارا من عام 1952 وحتى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، ومقترح قانون العمل الجديد الذي مازال قيد المناقشة حتى الآن يستبعد عاملات المنازل كمهنة من قانون العمل ليس فقط بالتجاهل كما في قوانين العمل ببعض الدول، ولكن بالاستثناء بشكل محدد من قانون العمل باعتبارها "علاقة شخصية" وليست علاقة عمل تعاقدية.

وأشارت دار الخدمات إلى أن ذلك يأتي على الرغم من أن جميع الاتفاقيات الدولية تقر بضرورة أن تطبق معايير العمل على جميع العمال بمن فيهم العمال المنزليين مما يوفر السلامة القانونية لهم، رغم ذلك تستبعد عاملات المنازل ومن في حكمهم من الحماية القانونية بقانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003.

وأوضحت الدار أن سبب عدم خضوعهن للقانون يأتي نظرا لطبيعة عملهن المرتبط بالخصوصية لكونه داخل المنازل المغلقة، وهو ما يترتب عليه صعوبة التفتيش القضائي الذى ينظمه قانون العمل للتفتيش على المنشآت، هذا في الوقت الذي تعتبر مهنة عاملات المنازل مهنة مهمة وأساسية في المجتمع المصري، حيث أن  السنوات الأخيرة شهد سوق العمل غير الرسمي نوعاً من التغيير بدخول الجامعيات اللاتي تعثروا في الحصول على فرصة عمل بشهاداتهن، وبتن يلجأن إلى مكاتب التخديم التي تتولى الإعلان عنهن في إعلانات الصحف تشير إلى رغبتهن في العمل كعاملات منازل.


وأشارت إلى أن معظم الأسر المصرية المتوسطة وما فوقها يعمل لديها عاملة أو أكثر  لتلبية احتياجاتها  اليومية (عاملة نظافة، مربية أطفال، جليسة لكبار السن، جليسة للمرضى)، وبالطبع كل منها لها مواصفاتها والمهارات التي يجب امتلاكها، حيث وصلت الى إلمامهن  اللغة الإنجليزية أو حصولهن على شهادة جامعية.

ورغم ذلك لم يستبعدن فقط من قانون العمل، بل كذلك من قانون التأمينات الاجتماعية، فلا يطبق عليهن لأنهم مستبعدات أيضا من قانون التأمينات الجديد رقم 148 لسنة 2019، الذي يغطي العاملين في القطاع الحكومي وقطاعي الأعمال والخاص فقط، وهكذا عاملات المنازل تعاني من الاستغلال والتحيز والتمييز ضدها ليس فقط في العمل وأثنائه وبسببه، بل وحتى في التامين والضمان الاجتماعي والمعاشات.

وفي ظل استثناء قانون العمل الموحد لا يمكن لهم مزاولة أعمالهن دون تعرضهن لكافة أشكال الانتهاكات، خاصة في ظل عدم وجود عقد عمل يحدد علاقة عادلة ما بين الطرفين "صاحب العمل والعامل"، وبالتالي عدم وجود ما يلزم صاحب العمل بتحديد ساعات عمل أو راتب أو مكان إنساني لائق للإقامة أو مسئوليته عن تعويض إصابة العاملة، أما الأجر فهو مشكله أخرى، فالأجور بالنسبة لعاملات المنازل لا تتلاءم وطبيعة العمل أو ساعاته، بالإضافة لعدم توافر الرعاية الصحية أو الحماية من الأمراض المهنية داخل بيئة العمل والتي يشملها قانون العمل بحمايته، فمعظمهن يفترشن الأرض بين طرقات المطابخ والحمامات للنوم، مما يعرضهن للعديد من الأمراض، فضلا عن غياب الحماية  للتأمين الصحي، وكذلك ما يتعرضن له من جرائم تحرش جنسي أثناء  العمل، وبالطبع لا تسطيع العاملة الإفصاح عن هذه الجريمة، ذلك لأن معظمهن إما يتمسكن بالإنكار حفاظا على ماء وجه أولادهن، وما تبقى من وجاهة اجتماعية ستتأثر بالتأكيد في مجتمع مازال ينظر إلى مهنة عاملة المنازل كمهنة متواضعة تضع صاحبتها في أدنى السلم الاجتماعي، حيث ارتبطت مهنة عاملة المنزل في مصر على مدار سنوات عديدة بصورة نمطية تحمل ملامحها تفاصيل الفقر والأمية والحاجة،  هذا بالطبع نتيجة منطقية لغياب علاقة العمل بين طرفي العقد " العامل وصاحب العمل " في إطار قانوني.

واضافت الدار، أن أزمة وباء فيروس كورونا كشفت عن أزمة استبعادهن من قانون العمل، حيث  قامت الكثير من الأسر بإيقاف عملهن أو الاستغناء عنهن مؤقتا لخوفهم من انتقال العدوى، مما عرض جميع عاملات المنازل لأوضاع معيشية بالغة الصعوبة، ويظل التساؤل المشروع  للمشرع المصري، ما هو مصير عاملات المنازل وغيرهن من العاملات بالقطاع غير الرسمي؟.