رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العلاقات المصرية الروسية تستعيد قوتها


كانت الزيارة تأكيدًا على أن التعاون الذى جرى بين الاتحاد السوفييتى ومصر فى فترة سابقة لم يمكن محو آثاره، بل استمر رغم محاولات تشويهه من ناحية، ومحاولات محوه من جهة أخرى،

شاءت الظروف أن تدفعنى إلى السفر إلى روسيا بعد غياب استمر نحو ثمانية وعشرين عامًا، وكانت العلاقات بين البلدين قد مرت بفترة من الفتور وربما التوتر، ولكن جرت محاولات لتنشيطها لكنها لم تحقق الكثير، رغم ذلك ظلت العلاقات التى نشأت بين الشعب فى مصر وشعوب روسيا من خلال التعاون فى الأيام الصعبة كامنة فى الصدور، وربما ظهر بعضها من خلال السياحة المستمرة من شعوب روسيا إلى مصر، إلى أن جاءت زيارة المسئولين الروس أخيرًا لتعطى دفعة قوية للعلاقات بين البلدين.جاءت الزيارة استجابة لدعوة من «مجلس المحاربين القدماء فى مصر » بمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على تشكيله، وهو مكون أساسًا من الضباط الروس الذين عملوا فى مصر منذ أكثر من أربعين عامًا، بل فى الحقيقة أكثر من خمسين عامًا وبالتحديد فى عام 1955 حين بدأ تدفق أولى شحنات الأ سلحة الروسية إلى مصر، وكذا بمناسبة إهداء المثال المصرى أسامة السروى تمثال الجنرال بابوف رئيس المجلس، والذى عمل فى مصر خلال حرب الاستنزاف فى قوات الدفاع الجوى، وشارك فى إسقاط أوائل الطائرات الفانتوم الإسرائيلية. وجدير بالذكر أن المثال أسامة السروى هو ملحقنا الثقافى فى سفارة جمهورية مصر العربية لدى االاتحاد الروسى. وكانت زيارتى فى إطار مجموعة من الضباط المصريين الحاليين والسابقين منهم مدير جمعية المحاربين القدماء اللواء نبيل الخميسى وبعض أعضاء الجمعية من الضباط المتقاعدين من أسلحة المشاة والدفاع الجوى والمدرعات والقوات الخاصة، كما شاركت معهم وشارك سفيرنا فى موسكو الدكتور البدرى وملحق الدفاع فى موسكو العميد خالد صبرى.

كان لافتًا للنظر تلك الحفاوة الكبيرة التى قوبل بها المشاركون المصريون من الضباط القدماء من أولئك المشاركين من روسيا ومن الجمهوريات التى انفصلت عن الاتحاد السوفييتى وأصبحت دولاً مستقلة مثل أوكرانيا وبيلاروسيا فى أعمال قتال القوات المسلحة وخاصة أثناء حرب الاستنزاف، وقد عزفت الموسيقى ترحيبًا بهم واستقبلهم أعضاء الجمعية بحفاوة بالغة وكانوا حريصين على التقاط الصور التذكارية معهم، ثم بدأ الحفل بكلمة الجنرال بابوف الذى هو فى نفس الوقت رئيس المجلس ودعا كلاً من السفير الصرى ومدير جمعية المحاربين القدماء المصريين لإلقاء كلمة فى الاحتفال عبرت عما يكنه الشعب المصرى من إعزاز وعرفان بالجميل للقوات المسلحة والشعب الروسى وشركائه لمواقفهم فى الأوقات الصعبة، كما أشادوا بالتعاون بين البلدين فى المجالات والمراحل المختلفة كما عبروا عن أملهم فى أن تتطور العلاقات بين البلدين فى مختلف المجالات، وأهدى اللواء نبيل الخميسى درع جمعية المحاربين القدماء المصرية إلى مجلس المحاربين القدماء الروس، ثم أزيح الستار عن تمثال الجنرال بابوف ، ثم عبر ممثلون عن المحاربين القدماء من جمهوريات الاتحاد السوفييتى السابقة كلمات اشتملت على اعتزازهم بخدمتهم فى مصر وعن أملهم فى تطور التعاون بين بلادنا.تلت الكلمات عروض فنية رائعة اشتملت على موسيقى وأغان ورقصات قدمتها بالدرجة الأولى فرق فنية لأكاديمية قوات الدفاع الفضائى الروسية، كما وكان واضحًا مدى سعادة هذه الفرق بتقديم مهاراتهم فى الحفل، وانتهى الحفل بحفل استقبال شارك فيه كل المشاركين فى جو من التقدير الكبير لمصر ولدورها الكبير وعن الأمل فى تطوير العلاقات بين البلدين بما يحقق الصالح المشتركة كما لا بد وأن ينعكس على الأوضاع فى المنطقة وفى العالم.

لم يتوقف الأمر عند حضور الاحتفال بل إن النشاط استمر فى استقبال الكثيرين من الشعب والضباط الروس السابقين سواء المنظمين فى جمعيات وهى كثيرة كان على رأسها اتحاد المحاربين القدماء الروس والذى شكل أساسًا للعناية بالمحاربين القدماء من محاربى الحرب العالمية الثانية وأسرهم ولكنه يتطور بعد أن تضاءل عدد الباقين من محاربى الحرب العالمية الثانية ليضم محاربى حروب كوريا وأنجولا وإثيوبيا وأفغانستان بالإضافة للحرب فى مصر مع هيئات شعبية بعضها يمثل أملاً فى دبلوماسية شعبية تعزز العلاقات بين الدول والشعوب من أجل تحقيق المصالح المشتركة وتجنيب هذه العلاقات ما قد يعتريها من خلافات بين الحكومات وفى إطار مما سبق كانت لى مقابلات مع بعض وسائل الإعلام الروسية أذكر منها إذاعة صوت روسيا وقناة روسيا اليوم وبعض وسائل النشر المختلفة.

كانت الزيارة تأكيدًا على أن التعاون الذى جرى بين الاتحاد السوفييتى ومصر فى فترة سابقة لم يمكن محو آثاره، بل استمر رغم محاولات تشويهه من ناحية، ومحاولات محوه من جهة أخرى، فقد كانت آثاره من العمق والقوة بحيث تعود مرة أخرى للظهور بعد زوال ما غطاها من صدأ أو محاولا ت إخفاء.

■ خبير سياسىواستراتيجى