رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حب حتى الموت.. أطباء نفسيين يشرّحون ظاهرة القتل بين الأزواج الشباب

الزوج القتيل أثناء
الزوج القتيل أثناء حفل زفافه

على مدار الأيام القليلة الماضية استيقظ الشعب المصري على حوادث كارثية متكررة لقتل أزواج شباب في مقتبل حياتهما الزوجية على الرغم من قصص حب شهدهتها حساباتهما الإليكترونية من خلال تداول عبارات العشق والهيام بينهما فكانت واقعة قتل الزوج محمد أحمد، صاحب عبارة  "وتبقى هي أعظم انتصاراتي»، على حسابه على "فيس بوك" قاصدًا  بها زوجته أصعب تلك الوقائع واقساها التي حدثت بعد نشوب مشاجرة بين الزوجين الشابين بسبب مصروفات المنزل والعيد.

وبعد هذه الواقعة المؤسفة بأيام وفي ثالث أيام عيد الأضحى شهدت مصر واقعة أخرى بالدقهلية لا تقل كارثية عنها بين زوجين شابين، لكنهما طبيبين وذلك حينما أقدم طبيب أسنان على قتل زوجته الطبيبة بـ11 طعنة وفر هارباً قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من تحديد مكان اختباء الطبيب، وذلك على الرغم من مرور عدة سنوات قليلة فقط على زواجهما إلا أنه كان بينهما العديد من الخلافات وذلك عكس الواقعة الأولى.

الواقعتان المروعتان كانتا سببًا في فتح "الدستور" لملف حدوث جرائم القتل بين الأزواج وغيرها من مظاهر العنف على المجتمع وكثرة تلك الأفعال لتصبح وكأنها أفعال اعتيادية، لكنها بالفعل غريبة وبعيدة كل البعد عن المجتمع المصري.

في البداية رجّحت الدكتورة ياسمين محمود، أستاذ علم النفس والاستشاري النفسي، حالات القتل بين الأزواج على الرغم مما يصدرانه من خلال وسائل التواصل بأنهما يعيشان حالة حب وتفاهم إلى محاولاتهم إشراك المجتمع في جميع خصوصيات حياتهم والرغبة بذات الوقت في تصدير صورة غير حقيقية بأنهم يعيشان حياة رائعة هم في الحقيقة يتمنوها ولا يعيشونها بالفعل، وهو  ما يمثل بعض الشعور بالنقص في هذه المشاعر لذا يحاولون الزيف بتواجدها من خلال منشورات"الفيسبوك".

ذكرت ياسمين أن القتل بشكل عام بين الأزواج وخاصة الشباب يرجع  كذلك إلى عدم حل العديد من المشكلات التي تظهر بينهما خاصة في السنوات الأولى من الزواج، مما يؤدي إلى تراكم في هذه المشكلات وتمثيلها لضغط عصبيًا  ونفسيًا على كل من الطرفين، لذا فينبغي على الشباب لامتزوجين أن يواجهوا بعضهما البعض بالمشكلات التي تواجههما ويعملان على حلهما أولًا بأول 

وتابعت ياسمين أن واحدة من أسباب المشكلات الكارثية بين الأزواج هي سيطرة النموذج الغربى فى الاستهلاك وحب التقليد والشهرة الذي سيطر على بعض الافراد فجعلهم يسعوا إلى تقليده دون أن يراعوا امكاناتهم المادية مما جعلهم يستدينون أو يقترضوا من البنوك لتوفير تلك الاحتياجات التى يشاهدونها فى المسلسلات والأفلام، وهو الأمر الذى يشكل لديهم ضغوط نفسية واقتصادية قد تدفع بالفرد الى ارتكاب جرائم خطيرة تجاه نفسه لأأو تجاه الاخرين ليستطيع السداد وبالتالى يرتكب جرائم نصب او احتيال وكذلك ان اضطرته الظروف فتصبح جرائم قتل متعمد.

وفي تصريح للدكتورة سعاد عبدالرحيم، المدير السابق للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أكدت أن قضايا قتل الأزواج والزوجات والعنف الأسرى ترجع كلها أسبابها إلى الضغوطات التى يتعرض لها المجتمع من أمور اقتصادية واجتماعية وأسرية، موضحة أنه أصبح هناك قدر من الهشاشة فى عدم التحمل فتدعوا أحداهما إلى التخلص من الآخر.

وتابعت أنه يجب معالجة هذه التحولات فى المجتمع من خلال وضع خطط للتوعية فى وسائل الإعلام، والمؤسسات الدينية بأهمية تحمل المسئولية وبناء أسرة قوية، خاصة فى ظل انتشار السوشيال ميديا التى تتسبب فى انتهاك الخصوصية للمصريين ونشر الأفكار المسمومة، والتي جعلت الكثير منا يصور طعامه، ونحكى مشاكلنا الخاصة عليها، كما أصبح البعض يتلقى النصائح وإن كانت خطأ منها ما يتسبب فى دمار كثير من البيوت، كما أضافت أن فتيات وشباب الجيل الجديد يحتاجوا إلى مزيد من الخبرة في التعامل مع المشاكل الزوجية، وذلك على عكس الجيل القديم الذي كان قادرًا حقًا على تحمل المسئولية ويعلم تمام العلم معنى الحياة الزوجية.

أما الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق أوضح لـ"للدستور" أن الخطأ الأول المتسبب في وقوع مثل تلك المشاكل الكارثية بين الزوجين هو الاختيار الخاطئ منذ البداية، إذ يلجأ الطرفان إلى اختيار بعضهما من خلال بعض المظاهر الشكلية والسطحية فقط، وهذا خلاف ما أمر به الدين إذ أن رسولنا الكريم يقول في حديثه الشريف" أظفر بذات الدين تربت يداك"، وهو ما يدل على أنه يجب اختيار الشاب لفتاة تتقي الله قبل كل شئ، وتعلم جيدًا حقوقها وواجباتها كما أمرها الله تعالى، وكذلك الحال بالنسبة للفتاة فينبغي عليها اختيار الشاب الذي يراعي الله فيها ويعرف جيدًا حقوقه وواجباته الدينية قبل كل شئ فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها.

لذا أوضح بذلك الأطرش أن خلاصة الأمر في أسباب وراء وقوع كوارث القتل بين الأزواج الشباب هو البعد عن الدين، والانشغال بأمور دنيوية مشيرًا إلى استخدام الأكثير من الأزواج وسائل التواصل الاجتماعي أسوأ استخدام حيث وصف أنه يعد من السفه ما يقوم به بعضهما من  نشر صور وأخبار تدل على حبهما وتفاهمهما على وسائل التواصل الأجتماعي موضحًا أن مشاعر الحب والمودة ينبغي أن تكون بين الزوجين يعبرا كل منهما عنها للآخر ولا تحتاج إلى وسائل تواصل اجتماعي ليتم نشرها والتباهي بها من خلال هذه الوسائل أمام الناس.