رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تامر شيخون: «شفرات القيامة» تدور حول الذكاء الاصطناعي.. وأعشق رائحة الطباعة (حوار)

الكاتب الروائي تامر
الكاتب الروائي تامر شيخون

حققت رواية "بريدج" للكاتب الروائي الشاب تامر شيخون٬ انتشارا واسعا بين القراء والنقاد.. خاض "شيخون" تجربة العديد من الألوان الإبداعية ككتابة السيناريو والأغاني٬ رغم أن دراسته الأصلية في إدارة الأعمال. 

وفي روايته الأحدث "شفرات القيامة" والصادرة عن الدار المصرية اللبنانية للنشر٬ ويشارك بها في فعاليات معرض الكتاب٬ تجربة جديدة عن استشراف المستقبل وآفاق الذكاء الاصطناعي٬ والصراع بين مؤيدي الدين ومنكريه. عن الجوائز والنقد٬ وعن إقامة معرض الكتاب في ظل أزمة كورونا وغيرها من القضايا كان لــ "الدستور" هذا اللقاء معه، وإلى نص الحوار..


ـ كيف ترى قرار إقامة معرض الكتاب خاصة في ظل ظروف جائحة كورونا العالمية٬ وهل ألقت الجائحة بظلالها على الكتابة ؟
أرى أنه قرار جريء وحكيم. ليس خافيا أن تحديات وباء كورونا ترعب أي دولة تقدم على تنظيم أي فعاليات جماهيرية. ما بالك بحدث في حجم معرض الكتاب! لكن الانحياز لإقامته تأكيد على أولوية الثقافة في أجندة الدولة الحالية. وتطوير فعاليات المعرض سواء من تغيير موقعة إلى موقع أحدث وأكثر جاهزية أو من تفعيل لأدوات الإنترنت من حجز مسبق تأكيد على قدرات الدولة التنظيمية.

 

ــ في روايتك الأولى "بريدج" تبدو كرواية معلوماتية. من أين جاءت فكرة الرواية وكيف تعاملت مع سيل المعلومات والمعارف التي استندت إليها في كتابة الرواية؟


بذور الفكرة بدأت كجنين في ذهني منذ الغزو الأمريكي الغاشم للعراق في 2003. كنت أتتبع  ذلك الخيط الرفيع بين طفل مدلل سليل عائلة فاحشة الثراء من السعودية، أصوله يمنية سورية، قرر أن يرحل إلى كهوف أفغانستان لترعاه السي أي إيه و ترعى معه تنظيمه المسلح في محاربة الاتحاد السوفيتي ثم ينقلب ضدها بعد تنفيذ المهمة فينتهي الأمر بغزو عاصمة الدولة العباسية و مهد الحضارات الآشورية و البابلية.

عندما هلت رياح ثورات الربيع العربي و شاهدت بعيني كيف أن السياسة و المؤامرات  كفيلة بتحويل أحلام الثائرين الغضة إلى كوابيس  تنتهي بهم إلى مآلات تخالف الشعارات التي قامت من أجلها الثورة، اختمرت فكرة "بريدج". بدأت كتابتها في 2012 و توقعت من خلالها ظهور تنظيمات إرهابية كبرى جديدة على غرار داعش "أولاد الزرقاوي".

رحلتي البحثية استغرقت ثلاثة أعوام من خلال محورين. المحور الأول مقابلة مواطنين من العراق وإيران لمعرفة كافة تفاصيل الحياة خصوصا في فترة الأحداث. والمحور الثاني، مراجعة كتب ودراسات في العالم السري للمخابرات مثل "اعترافات قاتل اقتصادي محترف" و"فن التجسس" و"حروب الأشباح". بالإضافة إلى مذكرات الناشطة الإيرانية المعارضة للثورة الاسلامية "كاميليا انتخابي فرد" التي أوحت لي بشخصية "جولناز ذو الفقار".

 

ــ تبدو روايتك الأحدث "شفرات يوم القيامة" رواية استشرافية عن الدين ودوره في حياة الإنسان. حدثنا عن الرواية وما المصادر التي اعتمدت عليها في كتابتها ولماذا استغرقت منك كل هذا الوقت في الكتابة؟  
تدور أحداث "شفرات القيامة" في عام 2045 في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في زمن تنمو فيه التيارات اليمينية، سواء المناهضة للدين أو المستغلة له. تستشرف الرواية استغلال القوى السياسية العظمى لهذا الصراع، بل مساهمتها في تأجيجه بعدما تتعرض شبكة الإنترنت في العالم لهجوم رقمي غامض يدعي من خلاله شخص مجهول أنه المسيح ثم يعد بعلامات القيامة!.

 

ــ الرواية تطرح أسئلة عن علاقة الدين بالعلم والسياسة وهل يصلح أن يكون العلم أو التكنولوجيا دينا بديلا للبشرية؟
اعتمدت في تكوين رؤيتي عن المستقبل على حوارات بحثية مع خبراء في مجالات الإتصالات، الأمن الرقمي و تكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى دراسات أستراتيجية عن مستقبل التكنولوجيا و الاقتصاد في العالم.
كان علي أيضا الإطلاع على أطروحات العلماء المناهضين للدين من أمثال ريتشارد دوكينز أو ستيفن هوكينج أو المؤيدين علميا لوجود الخالق مثل ستيفن ماير.

 

ــ حصلت علي الميدالية الذهبية كأفضل مذيع تليفزيوني في مسابقة استديو الفن في مصر عام 2003 لماذا لم تتجه إلي العمل بالإعلام ؟
ما عرض علي ساعتها من منتجي استوديو الفن لم يتناسب مع طموحي الإعلامي . كنت أطمح في برامج حوارية جريئة بينما المتاح و الظهور في فقرات ربط. قررت ساعتها أن أستكمل دراساتي ومستقبلي المهني في الإدارة.

 

- وصلت رواياتك "بريدچ" إلى القائمة الطويلة لجائزة نجيب محفوظ. ماذا تمثل الجوائز بالنسبة لك؟ هل هى بالأهمية بمكان؟ خاصة بعد انتشار الجوائز ربما غير النزيهة التى تفوز بها أعمال ربما لا تستحقها ؟
الجوائز تقدير محترم للمجهود وهي حتما مصدر سعادة. لكنها أبدا لا يجب أن تكون دافع الكاتب من أجل الكتابة أو حتى ذات أهمية. الكاتب يكتب لأنه يعشق الكتابة٬ لأن لديه شيء يريد أن يوصله للعالم و ليس إلي لجنة التحكيم. الجائزة هي حكم لجنة من بضع أفراد في ظرف معين وتحكمهم أهواء ومعايير بعينها. تولستوي وفيرجينيا وولف لم يفوزا بأي جائزة أدبية، فهل ينتقص ذلك من قامتهم الأدبية؟.

 

ــ ألفت سيناريو فيلم "الشبورة" وقصة "أسرار تحت رمال ناعمة" بالإضافة لأكثر من 50 أغنية باللغة الإنجليزية.. أيا من هذه الأجناس الأدبية الأقرب لقلبك؟
تظل الرواية هي لوني المفضل متبوعة بكتابة السيناريو. لا أنكر عشقي الجارف للسينما.

 

ـ ما رأيك في "موضات" القراءة والكتابة٬ بمعنى في فترة ما سادت وانتشرت روايات الرعب٬ وفي فترة لاحقة ظهرت الروايات التاريخية بكثافة٬ هل توقفت عند هذه الظاهرة وكيف تحللها ؟
أرى أنه انعكاس طبيعي لثقافة التريند والسوشيال ميديا حيث يقوى تأثير "المزاج الجمعي" على القارئ. بينما يحاول بعض الكتاب تبين توجهات "الترند" العام و الكتابة في مجال اهتمامات القارئ. على المدى الطويل يبقى العمل الأفضل والأكثر مصداقية وحرفية بغض النظر عن السائد وقت صدور العمل.

 

ــ خلال العقد الأخير شهدت الساحة الثقافية ظهور العشرات من الكتاب وخاصة في فن الرواية. كيف ترى الأمر وتحلله ؟
خلال العقد الأخير من عهد مبارك بدأت آثار مكتبة الأسرة في الزوال وهبطت معدلات القراءة. ثم عادت على استحياء فكرة البيست سيلر مع صدور رواية عمارة يعقوبيان. ثم أدى تحويلها إلى فيلم إلى رجوع الاهتمام بالرواية كمصدر للأعمال السينمائية. تلتها حقبة أحمد مراد و الترويج المبتكر للرواية ذات الطابع "السينمائي".

ثم تحولت أيضا رواية الفيل الأزرق إلى فيلم سينمائي. مع انتشار السوشيال ميديا و تطور ثقافة "أندية القراءة" زادت معدلات القراءة بما فيها من وسائط رقمية مما أغرى المزيد من المبدعين لتجربة الكتابة بعد رواج سوق النشر "نسبيا" بالرغم مما تواجهه دور النشر من مصاعب اقتصادية.

 

ــ لمن يقرأ تامر شيخون ولا يفوت عمل له ؟
من الكتاب المعاصرين. عربيا : محمد المنسي قنديل وسعود السنعوسي.أحب أيضا أحمد القرملاوي، أشرف العشماوي، بهاء طاهر، رضوى عاشور. أما من الأدباء التاريخيين: العم نجيب و الحكيم و مصطفى محمود و"أدب الخيال العلمي".

 

ــ هل تعترف بقاعدة "أكتب عما تعرفه" أم أن المبدع من حقه خوض آفاق تجريبية حتي لو لم يعرفها؟
أكتب فيما يستحوذ على وجدانك. ليس بالضرورة أن يكون مجال دراستك أو عملك. تولستوي لم يكن مؤرخا حين أبدع رائعته "الحرب و السلام" و العظيم نجيب الذي كتب عن كل المجالات  بدءا من تاريخ القدماء مع كفاح طيبة و عبث الأقدار مرورا بتاريخ مصر الاجتماعي والفلسفة والرمز والواقعية مع أنه في الأصل موظفا حكوميا. المهم أن تبحث  تقرأ كثيرا في المجال الذي تنوي الكتابة فيه كي تكون حصيلة معرفية ورؤية واضحة عما تكتب.

 

ــ بين الكتاب الورقي والإلكتروني أيهما الأقرب إليك ولماذا ؟ وهل الكتاب الورقي في طريقه للزوال ؟
الورقي طبعا. أعشق رائحة الطباعة ومسكة الكتاب ولا أرتاح للإلكتروني. لكن للأسف المستقبل للكتاب الرقمي أو الإلكتروني .لن أقول أن الورقي إلى زوال لكن حصته السوقية للأسف ستنهار "مع الأجيال القادمة" لصالح النسخ الرقمية والإلكترونية والاستماعية.

 

ــ هل عانيت صعوبات في أول طريقك مع النشر؟
طبعا.. أولا محاولة الوصول إلى دار النشر.. ثانيا انتظار الرد.. ثالثا أنت مجرد إسم ضمن الآف الأسماء من طوابير الراغبين في نشر أعمالهم و لا يوجد طريقة للحكم على جودة العمل الإبداعي إلا بقراءته.

 

ــ عديد من الأعمال الأدبية تحولت إلى الدراما المرئية كيف ترى الأمر٬ وهل تحول الخيال المقروء إلى مشاهد مرئية يضيف أم يضر بالعمل الأدبي ولماذا ؟
العلاقة بين الرواية والسينما أو الدراما تاريخية ومنطقية.. ابتعاد السينما في مصر عن الرواية كمصدر لأعمالها منذ الثمانينات حتى بدايات الألفية هو الاستثناء. حتى في السينما العالمية، العديد من الأعمال الكبرى مبنية على روايات الــ "Best Seller".

طبعا العديد من الروائيين عينهم مسلطة على السينما في أثناء كتابتهم.هو أمر مضر فقط إذا كان مصطنعا من أجل مغازلة مزاج المنتجين. أما إذا جاء طبيعيا كأسلوب سردي من ضمن الأساليب العديدة، فلا أرى في ذلك أي ضرر للأدب. بل حتى كبار أدبائنا مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس لديهم أسلوب سردي لا يخلو من التصوير. في النهاية يجب أن يعي الكاتب أدوات كل فن، وأن يميز بينهم.

 

ــ ما رأيك في "جروبات" القراءة وهل تضيف إلى الحراك الثقافي أم هي فقاعة صنعتها السوشيال ميديا؟
أندية القراءة هي انعكاس طبيعي لرواج القراءة مؤخرا وهي ظاهرة منتشرة في المجتمعات التي تقرأ. وجودها على الفضاء الرقمي نتيجة طبيعية أيضا لسيطرة السوشيال ميديا. المؤشر الظاهري إيجابي لكنها تظل في النهاية مؤسسات مجتمعية معرضة لنفس أمراض المجتمع مثل إتباع الترند والاستقطاب و التجارية. فالمطلوب من مؤسسي تلك الأندية بذل المجهود في إدارتها على نحو يحقق الغرض الذي أنشأت من أجله وهو نشر ثقافة القراءة والإطلاع ومنح فرص للتفاعل بين المبدعين والجمهور وأن لا تنحرف عن هدفها لأغراض أخرى.

 

ــ هل تصنع ورش الكتابة الأدبية كاتبا حقيقيا أم أنها مجرد ظاهرة من ظواهر الحياة الثقافية التي تظهر وتختفي بين الحين والآخر ؟ 
الكاتب أو المبدع لا يُصنع.. لا يوجد ورشة أو حتى أكاديمية قادرة على صنع مبدع.. المبدع لابد أن يمتلك الموهبة و الشغف والمثابرة. لكن قد تلعب تلك الورش دورا إيجابيا في تطوير مهارته وتنظيم تفكير المبدعين وتحديد أولوياتهم شريطة أن يتمتع القائمون عليها بكفاءة التدريب ومنهج التطوير المناسب لأن فن التدريب يختلف تماما عن فن الإبداع. المبدع العبقري لا يعني بالضرورة مدرب جيد.

ــ هل تغني العروض والمراجعات الصحفية عن دور النقد العلمي بالنسبة للكاتب خاصة لديك؟
العروض والمراجعات الصحفية هامة جدا لكن لا تحل محل النقد العلمي الذي يتبع منهجية ومعايير ثابتة للتقييم . النقد المتخصص يساعد الكاتب على تطوير فنيات الكتابة بينما تعكس العروض الصحفية رد فعل القارئ تجاه العمل و كل منهما يكمل الآخر.

thumbnail_شفرات القيامة
thumbnail_شفرات القيامة
download (2)
download (2)