رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المواجهة مستمرة».. المؤسسات الدينية تبدأ «معركة الحسم» مع الإرهاب الإلكترونى

المواجهة مستمرة
المواجهة مستمرة

تعمل المؤسسات الدينية فى مصر على التصدى للخطاب المتشدد المتطرف الذى رسخته الجماعات الإرهابية وأصحاب الخطابات التكفيرية، بكل الوسائل اللازمة، وعلى رأسها المنصات الإلكترونية، خاصة بعدما استغلت الجماعات الإرهابية ضعف هذه المؤسسات خلال فترة حكم تنظيم «الإخوان» فى احتلال ساحات الفضاء الإلكترونى، ليكون مرتعًا لترويج الأفكار المتطرفة، واستخدام الدين فى التسويق للمنهج الإرهابى.

ومنذ دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى، تسابقت هذه المؤسسات الدينية فى العمل نحو التجديد، وتسخير آلياتها وإمكاناتها فى تنفيذ المهمة التى كلفها بها الرئيس، لتحتل موقعًا مميزًا على كل وسائل الاتصال الحديثة، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال جهود وأنشطة مميزة، تستعرضها «الدستور» فى السطور التالية.

 

الإفتاء : «بث مباشر» لـ12 مليون متابع.. والفتاوى على موقع إلكترونى وتطبيق موبايل وخط ساخن

تُعد دار الإفتاء المصرية من أولى المؤسسات الدينية التى اتجهت إلى رحاب مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها من المنصات على شبكة الإنترنت لمواجهة «الإرهاب الإلكترونى»، وذلك من خلال حساباتها المختلفة على هذه المواقع.

وتمتلك «الإفتاء» صفحة على «فيسبوك» بها ما يزيد على ١٠.٥ مليون متابع، وحساب على «تويتر» وصل إلى نحو ٤٧٤ ألف متابع، فضلًا عن ٤٩٦ ألف متابع على «إنستجرام»، و٢٠٩ آلاف مشترك فى قناتها على «يوتيوب»، و٢٨ ألفًا و٣٠٠ متابع على تطبيق «تليجرام»، إلى جانب صفحة «مفتى جمهورية مصر العربية» على «فيسبوك» التى تحظى بمتابعة من ٣٢٦ ألف متابع. 

وقال الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامى للمفتى، إن وسائل التواصل الاجتماعى أصبح لا غنى عنها، بعدما باتت من أهم وسائل التواصل مع الناس، خاصة فى ظل جائحة «كورونا» التى عززت من أهميتها بصورة كبيرة.

وأضاف: «أدركنا فى دار الإفتاء أهمية هذه الوسائل منذ مدة طويلة، لذا سعينا إلى تطوير العمل فى (إدارة السوشيال ميديا)، مع التطوير فى المادة التى ننشرها على كل منصة من هذه المنصات، وذلك للاستفادة من انتشارها فى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور».

واستدل على ذلك بما حدث فى شهر رمضان الماضى، بداية من زيادة عدد ساعات «البث المباشر» على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على موقع «فيسبوك»، التى يزيد عدد متابعيها على ١٠.٥ مليون متابع، إلى جانب تلقى الأسئلة وطلب الفتاوى من خلال الموقع الإلكترونى للدار، الذى يُبث بعدة لغات، فضلًا عن تطبيق دار الإفتاء على الهواتف الذكية، والخط الساخن الذى خصصته الدار للرد على أسئلة المستفتين هاتفيًا، سواء بشكل مباشر أو عن طريق تسجيل السؤال ثم سماع الرد عليه بعد ذلك.

وشدد مستشار مفتى الجمهورية على أن دار الإفتاء تعمل على التفاعل بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال المواد المرئية والمقروءة على تلك الصفحات، بهدف نشر الرسالة الوسطية وتوضيح صحيح الدين وأحكامه فيما يطرأ ويستجد على الساحة من قضايا ومسائل تهم مستخدمى تلك المواقع وروادها.

واختتم بأن الدار لا تعمل على نشر الفتاوى والرد على الأسئلة الواردة فقط، وإنما تتعامل مع كل ما يشغل الأذهان، بوحداتها المختلفة مثل الـ«موشن جرافيك»، ومرصدى «الفتاوى التكفيرية» و«الإسلاموفوبيا»، إلى جانب العمل على تفنيد وتحليل كل الفتاوى المغلوطة فى بيان «مؤشر الفتوى» بشكل تفصيلى، وصولًا إلى تنظيم حملات باللغات الأجنبية لتوضيح الصورة الحقيقة للإسلام.

الأزهر الشريف : تقديم المعلومات الدينية بشكل مُبسَّط.. ومراجعة وتدقيق لكل ما يُنشر على الصفحات

كعادتها دائمًا، حجزت مؤسسة الأزهر الشريف لنفسها مكانًا مميزًا فى ساحة التطوير، وتحديدًا ما يتعلق بتكثيف العمل الدعوى عبر منصات التواصل الاجتماعى، من خلال صفحاتها وحساباتها الممثلة لجميع قطاعاتها وإداراتها.

ويأتى على رأس هذه الحسابات: «الصفحة الرسمية للأزهر الشريف» على «فيسبوك»، التى تضم ما يزيد على ٢.٥ مليون متابع، والحساب الرسمى للمؤسسة على «تويتر»، الذى وصل عدد متابعيه إلى ٢٣٩ ألف متابع، فضلًا عن الصفحة الرسمية للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف على «فيسبوك»، التى تحظى بـ٣.١ مليون متابع، وحسابه على «تويتر» وبه ٢٤٢ ألف متابع، بما يتضمناه من متابعة للقضايا الداخلية والخارجية بكل لغات العالم.

وقال الدكتور محمد وردانى، مدير المركز الإعلامى فى مجمع البحوث الإسلامية أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، إن منهج الأزهر الشريف واضح فى تجديد الخطاب الدينى ومواجهة التطرف، ويقوم على العديد من الأسس، بينها محاولة الوصول إلى جميع الفئات العمرية بأسرع الطرق، وذلك من خلال تقديم المعلومات الدينية المطلوبة بشكل مبسط على صفحات الأزهر بمواقع التواصل الاجتماعى، بما يتناسب مع طبيعة جمهور هذه الصفحات والحسابات.

وأضاف «وردانى»: «هناك تفاعل كبير من قبل المتابعين على صفحات الأزهر الشريف بمواقع التواصل الاجتماعى»، مشددًا على أن جميع المواد التى تُنشر عبر الصفحات تخضع للمراجعة والتدقيق بشكل يراعى المعايير الدولية للمواد المنشورة.

وأشار إلى الحملة التى دشنها الأزهر الشريف على صفحاته وحساباته مؤخرًا، تضامنًا مع القدس والقضية الفلسطينية، من خلال فضح الأكاذيب الصهيونية باللغتين العربية والإنجليزية، وتفنيد المزاعم المغلوطة والأباطيل التى يروجها الكيان الصهيونى، والتصدى لما تروجه الأذرع الإعلامية لهذا الكيان من شبهات ومزاعم مغلوطة حول القدس وعروبتها الأصيلة.

الأوقاف :استراتيجية لـ«الدعوة الإلكترونية».. وتثقيف الأئمة على «يوتيوب وتليجرام وساوند كلاود»

تعد وزارة الأوقاف الأحدث من بين المؤسسات الدينية فى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، لكنها استطاعت تعويض ذلك بصورة ملحوظة، من خلال إطلاق نحو ٢٠ صفحة وحسابًا وقناة على هذه المواقع فى وقت قياسى، سواء كانت خاصة بالوزارة نفسها أم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف.

ويأتى هذا فى إطار الاستراتيجية الجديدة التى أطلقتها «الأوقاف» باسم «الدعوة الإلكترونية»، بهدف سد فجوة الفضاء الإلكترونى، حتى لا تكون هناك فرصة لأصحاب الأفكار المتطرفة لترويج أفكارهم المسمومة دون مقاومة من المؤسسات الدينية، مثلما فعلت جماعة الإخوان الإرهابية.

وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى فى وزارة الأوقاف، إن الوزارة وضعت خطة شاملة لتطوير وتجديد الدعوة الإسلامية، باستخدام منصاتها الإلكترونية، سواء على مواقع التواصل الاجتماعى، أم من خلال المواقع الإلكترونية الخاصة بها، وصولًا إلى نشر العديد من الكتب الإلكترونية، للوصول إلى الجمهور على هذه المنصات التى باتت تشغل كل حياته.

وأضاف: «الدعوة عبر الفضاء الإلكترونى من الأهداف المهمة لوزارة الأوقاف فى الوقت الحالى، من أجل نشر صحيح الإسلام والفكر الوسطى المعتدل، ليكون حائط صد أمام أى معلومات دينية خاطئة، ولمواجهة الكتائب الإلكترونية بالحجة والدلائل».

وواصل: «وزارة الأوقاف جعلت (السوشيال ميديا) أحد منابر الدعوة، من خلال تحديث عدة وسائل وتقنيات إلكترونية، على رأسها صفحات التواصل الاجتماعى وقنوات (يوتيوب)، إلى جانب تطوير موقع الوزارة باسم (أوقاف أونلاين)، الذى أصبح متاحًا بأكثر من لغة، ويشمل عددًا كبيرًا من مقاطع الفيديو المترجمة حول الموضوعات التى تشغل العالم، فضلًا عن إطلاق منصة الأوقاف العلمية».

وعن الأهداف التى تسعى إليها هذه المنصات، كشف رئيس القطاع الدينى فى وزارة الأوقاف عن سعى الوزارة لتصحيح ما أفسدته جماعات الإرهاب، وتعريف الغرب بالصورة الحقيقية السمحة عن الإسلام، وأن ما تفعله التنظيمات الإرهابية ليس له علاقة بهذا الدين.

وقال الدكتور أيمن أبوعمر، رئيس الإدارة المركزية للدعوة والإرشاد بوزارة الأوقاف، إن الوزارة تهدف إلى تكوين ما سماه «فضاء دعوى وسطى مستنير»، عن طريق «الدعوة الإلكترونية» كهدف استراتيجى، لمواجهة التطرف وشغل الفضاء الدعوى.

وأضاف: «الدعوة عبر الفضاء الإلكترونى هدف استراتيجى لوزارة الأوقاف فى المرحلة الراهنة، من أجل نشر صحيح الإسلام والفكر الوسطى المستنير، وسحب البساط من مواقع الجماعات المتطرفة والمتشددة، ومواجهة الكتائب الإلكترونية بالحجة والبرهان».

وأوضح أن ذلك تم من خلال تطوير موقع وزارة الأوقاف، وإطلاق منصة الأوقاف العلمية، وتدشين عدد من الصفحات والحسابات والقنوات على مواقع التواصل الاجتماعى، بهدف التواصل مع الجمهور والنشر الدعوى والتثقيف الإلكترونى.

واختتم بأن «شباب الوزارة المتميزون لديهم القدرة الفنية والتقنية والعلمية على إدارة هذه المنصات، من أجل الاستفادة بكل جهد مخلص يقدم دعمًا فنيًا أو معنويًّا لهذه الانطلاقة الكبرى فى مجال الدعوة الإلكترونية، بهدف إيجاد بديل دعوى آمن وسطى مستنير لشبابنا وأبنائنا والمجتمع والعالم».

وقال الدكتور عبدالله حسن، المتحدث الرسمى باسم وزارة الأوقاف، إن الوزارة تعمل على الاستفادة من التطور التكنولوجى الذى تشهده مصر فى مجال الدعوة، خاصة مع توقف أغلب أنشطة الدعوة داخل المساجد عدا خطبة الجمعة، بسبب الإجراءات الاحترازية التى تتخذها البلاد للوقاية من فيروس «كورونا المستجد».

وأضاف «حسن»: «الوقت الحالى يلزم تعليق الدروس الدينية فى المساجد بسبب الظروف التى تمر بها البلاد، لذا قررت وزارة الأوقاف إنشاء إدارة خاصة بـ(الدعوة الإلكترونية) فى ديوان عام الوزارة، بالتزامن مع الانطلاق فى فضاء (السوشيال ميديا)، من خلال عدة وسائل وتقنيات إلكترونية حديثة، وذلك بهدف نشر الفكر الوسطى الصحيح، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، إلى جانب إطلاق عدد من الصفحات عبر (فيسبوك) وغيره، بهدف التواصل مع الجمهور والنشر الدعوى والتثقيف الإلكترونى».

وأوضح أن أبرز الصفحات التى تمتلكها وزارة الأوقاف دون أن تحمل اسمها هى: صفحة «وعى- الإعجاز الربانى فى الكون»، و«مجلة الفردوس للناشئة والأطفال»، بهدف تكثيف ونشر الخواطر وجميع الأعمال الدعوية على نطاق واسع.

وأشار إلى عمل وزارة الأوقاف على تدريب وتثقيف الأئمة، لذا أطلقت أكاديمية الأوقاف الدولية عبر «فيسبوك»، إلى جانب إطلاق قناة «منبر التجديد» على «يوتيوب»، لنشر المحاضرات والرسائل الدعوية المصورة للأئمة والواعظات بالوزارة، بالتزامن مع إطلاق قناة بنفس الاسم على «التليجرام»، لنشر المحاضرات والرسائل الدعوية الصوتية، وأخرى مماثلة على «الساوند كلاود».

وأوضح أن قنوات «منبر التجديد» تهتم بنشر جميع المحاضرات والدورات التدريبية والرسائل الدعوية المصورة للأئمة والواعظات فى وزارة الأوقاف، بالتزامن مع نشر البرامج الخاصة بالأئمة والواعظات، وإتاحتها لجميع المشاهدين الراغبين فى التزود بفروع المعرفة والثقافة الدينية والفكر الوسطى المستنير، كما يتم من خلالها عرض التقارير التى تُعنى بشئون الأوقاف.

ونوه المتحدث باسم وزارة الأوقاف إلى ربط البوابة الإلكترونية لوزارة الأوقاف بعدد من المواقع التابعة للوزارة، مثل موقع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وموقع أكاديمية الأوقاف الدولية، وموقع هيئة الأوقاف الدولية، حتى «نيسر على المُطالع للبوابة الإلكترونية سرعة الوصول إلى المعلومة المطلوبة»، كاشفًا عن بلوغ عدد الزائرين لموقع وزارة الأوقاف نحو ٢٩ مليونًا و٢٠٠ ألف زائر.

وأرجع إطلاق المنصات الدعوية والعلمية، مثل منصة «الإعجاز الربانى فى الكون»، إلى إيمان وزارة الأوقاف بتكامل العلوم فى بناء الشخصية، وحرصها على نشر الثقافة العلمية، خاصة ما يتصل ببيان مظاهر قدرة الخالق فى الكون وجسم الإنسان، عبر نشر المواد الدعوية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإعجاز الربانى.

واختتم بأن «وزارة الأوقاف تعتنى بالنشء، لذا أطلقت على يوتيوب سلسلة فيديوهات (علم طفلك)، بهدف ثقيف الأطفال ثقافة رشيدة مستنيرة، وتحصينهم من أى فكر متطرف».