رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف جعل أسامة أنور عكاشة من يحيى الفخراني «بطل رغم أنفه»؟

أسامة أنور عكاشة
أسامة أنور عكاشة

فنانان كبيران لكل منهما رصيده الفني الكبير، الأول ملك توج على عرش كتابة السيناريو الدرامي هو الكاتب العملاق أسامة أنور عكاشة الذي تحل اليوم ذكرى رحيله في الثامن والعشرين من مايو، والثاني لا يقل عن أسامة ارتباطا بالدراما، فهو يعتبر أهم ممثل أو "مشخصاتي" كما وصفه أو فضل أن يطلق عليه أسامة أنور عكاشة نفسه، وهو الفنان الكبير يحيى الفخراني، فقد يتفوق على الأخير سينمائيا فنانين كبار أمثال عادل إمام أو أحمد زكي وغيرهما، أما في الدراما فيأتي يحيى الفخراني متقدما على الجميع.

بدأت العلاقة في أوائل السبعينات قبل أن يفكر أسامة في الكتابة الدرامية حتى، حيث كان أسامة في مقاعد المتفرجين على التليفزيون وذات رمضان كانت الشاشة الصغيرة تعرض مسلسلا كتبه أحد رواد الدراما التليفزيونية وقتها عاصم توفيق وأخرجه رائد أيضا من روادها هو المخرج الكبير محمد فاضل.

كان المسلسل "أيام المرح" ويقوم ببطولته الكبيران عبد المنعم مدبولي وسناء جميل، وظهر فجأة ممثل جديد في أحداثه يؤدي شخية تدعى "الرشيدي" ومن أول لحظة أيقن أسامة أنور عكاشة أنه يشهد ميلاد واحد من عباقرة التمثيل في ذلك الجيل، ويتسم بأهم صفة يحتاجها الممثل في رأي أسامة وهي "الفلتة".

ولذلك وفي العام السابع والسبعين كتب أسامة للتليفزيون أول أعماله "الحصار" ثم "المشربية" ثم بدأ يكتب عمله الثالث ولأول وهلة فكر في الفخراني وبالفعل رشحه لبطولة مسلسل "بطل رغم أنفه" وكانت أول مرة تعرض عليه البطولة وأول مرة يلتقى الطرفين شخصيا لتبدأ صداقة ورحلة تعاون فني مشترك امتد لأكثر من عشرين عاما متواصلة.

ويعتقد البعض خطئا أن مسلسل "ليالي الحلمية" هو التعاون الأول بين أسامة أنور عكاشة ويحيى الفخراني، بينما اشترك هذا الثنائي قبلها في مسلسل درامي "كوميدي" كان أول ما جمع بينهما في عمل واحد، وهو "بطل رغم أنفه"، ثم اشتركوا بعد ذلك في مسلسل كوميدي أخر هو "ريش على مافيش" وتم إنتاجه في عام 1978م، من إخراج "باسيلى جريس"، وشارك فيه العديد من النجوم أمثال: توفيق الدقن ونجاح الموجي وعبد الله فرغلي ومحمود الحديني، لكن للأسف لم يتم عرض المسلسل حينها على أي من الشاشات ولكن لحسن حظنا- كمشاهدين- أن عتم عرضه على قناة "ماسبيرو زمان" لتعيد تذكيرنا به وتعيد إحياءه حتى على منصات إلكترونية مثل "اليوتيوب"، وتدور أحداث المسلسل في إطار كوميدى من خلال تقمص "توفيق" شخصية لها ملامح البطولة والشجاعة وهو بعيد كل البعد عن ذلك فيقع فى أخطاء تكشفه أمام الجميع ويصير كالبالون الفارغ ويكتشف أن موهبته الحقيقية فى التمثيل وليست فى شخصية البطل التى تقمصها.

أما التعاون الثالث فكان في عام 1983 أي قبل الجزء الأول من مسلسل "ليالي الحلمية" بخمس سنوات كاملة، وهو مسلسل "عابر سبيل" الذي شارك به بجانب يحيى الفخراني كل من الفنان الراحل حمدى غيث، وهالة صدقى وخيرية أحمد.

بعد ذلك أتى التعاون الرابع والأشهر والأكثر إضافة لكلا الطرفين سواء لأسامة أنور عكاشة ككاتب أو ليحيى الفخراني كممثل هو مسلسل "ليالي الحلمية" فلا اظن أن المشاهد يمكن أن ينسى الشخصيتين الرئيسيتين للعمل سواء كان "سليم البدري" الذي جسده يحيى الفخراني أوالعمدة "سليمان غانم" الذي جسد شخصيته الممثل القدير صلاح السعدني.

التعاون الخامس بين الثنائي كان في عام 1998 وتحديدا عبر الجزء الأول من  مسلسل "زيزينيا" قبل أن يلحقه عمكاشة بجزء ثان في عام 2000، وعلى مدار الجزأين قدم أسامة رائعة من روائعه تدور أحداثها في محبوبته "الإسكندرية" في فترة الأربعينيات، حول "بشر عامر عبد الظاهر" الذي جسده الفنان الكبير يحيى الفخراني، الذي ينتسب للمصريين من جهة الأب وللإيطالين من جهة الأم وتشتته بين الجذور المصرية والإيطالية.

ومرة سأل أحد الأصدقاء أسامة أنور عكاشة: لماذا لا تكتب عن يحيى الفخراني؟ لماذا لا يكتب كاتب الدراما عن أبطاله الذين يجسدون شخوصه؟ 

السؤال لفت نظر أسامة كي يكتب عن أبطال أعماله وهو ما فعله عكاشة بالفعل على صفحات مجلة "روزاليوسف" وأول من كتب عنه كان الفنان يحيى الفخراني بتاريخ التاسع عشر من يناير عام 1998م ووصفه أسامة حينها بـ"المشخصاتي" موضحا: "نعم أنا أزعم باقتناع تام أن (التشخيص) هو التعريف الأكثر دقة ودلالة واحتراما".

أما عن الفخراني فقال: "إن يحيى الفخراني مشخصاتي عظيم، وهو واحد من القلة القليلة التى تبرع في التقمص الطبيعي السهل، في أقل من ثانية تتلون الملامح المرنة بالانفعال المضبوط بالشعرة، وحتى بدون كلمة حوار، فقط في نظرة، والفخراني من أشطر المشخصين في قراءة النص، و"تفليته" و"تفصيصه"، ولم يعتمد في لحظة على موهبته فقط (وهي موهبة عريضة وثرية)، ولكنه يدعمها بثقافة عميقة غير قشرية ولا يتخذها إدعاء أو "منظرة" ليتشدق بها هنا وهناك، ويظهر مردود هذه الثقافة في فهمه للشخصية وتحليله لأبعادها وإلمامه بكل تفاصيل العمل".