رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مفيش فايدة».. لماذا رفض حسن البارودي وصية سعد زغلول للعمل بالمحاماة؟

حسن البارودي
حسن البارودي

[حي عابدين - 1915]

- جاهز .. يا حسن؟

- جاهز .. يا محمد أفندى.

- ده سعد باشا زغلول بنفسه، هيحضر الحفل، بيض وشنا أدامه، ده زعيم الأمة.. الله يرضى عنك !

- حاضر يا أستاذ!

- كان هذا حوارًا دار بين محمد أفندى، مدرس اللغة العربية بمدرسة «عابدين» الثانوية، وبين الطالب حسن البارودى. عندما كان السلطان حسين كامل بقصر عابدين يملك ولا يحكم. وكان المندوب السامى البريطانى بقصر الدوبارة يحكم ولا يملك. وكانت الحرب العالمية الأولى قد بدأت. فى هذا الزمان بدأ المواطن يعانى من ارتفاع الأسعار - بعد نشوب الحرب - حيث وصل سعر السكر - الثلاثة أرطال منه - ب 6 قروش. وصفيحة الجاز بـ 18 قرش صاغ. وكيلة القمح بـ 14 قرش. وصحيفة "الأهرام" بـ 5 مليمات. والخمسة أرغفة،

عيش بلدى، بقرش صاغ. الأسعار نار.. نار..!! والناس تشكو.. إنها الحرب التى تغير الأحوال ومصائر البلاد والعباد.. فى هذه الظروف تعلن "مدرسة عابدين" إقامة هذه الاحتفالية التى يحضرها زعيم الأمة، سعد باشا زغلول. وتقرر إدارة المدرسة أن يلقى الطالب المفوه، وصاحب الأسلوب المميز فى الإلقاء، «حسن البارودى»، كلمة المدرسة!

•••

[ المدرسة - بعد وصول الزعيم ]

- بدأ الحفل.. صعد الطالب وبدأ كلمته.. الحضور صامتون ينتبهون، وسعد باشا «يهز» رأسه إعجابًا وفرحًا بهذا الفتى، صاحب الصوت المميز القوى.

- تصفيق حاد من الحضور. بعد الكلمة يطلب سعد باشا أن يأتى إليه هذا الطالب:

- أفندم.. اسمى حسن..

- سعد باشا: "اسمك حسن.. وصوتك حسن.. وأنا سعيد برؤيتك اليوم.. دعنى أقول لك إنك لو اشتغلت بالمحاماة، فتأكد أنك ستنجح فى كل مرافعاتك بحجة قولك، وقوة صوتك.. اتفضل يا ابنى.. ربنا يوفقك"!

يعود الطالب الذى حاز على ثقة زعيم الأمة إلى بيته، وهو طائر فوق الأرض من شدة فرحه، وأثناء عودته لمنزله، يحدث نفسه قائلاً: سعد باشا يرانى محامياً.. لكنني أرانى -أو أنا أريد أن أكون- ممثلًا، وفى النهاية الممثل يقول كلمة.. والمحامى يقول كلمة.. والهدف من وراء الكلام هو الوصول إلى كلمة الحق، والعدل، والجمال، فلتكن كلمتى إذن بحثًا عن الحق والعدل على خشبة المسرح وليس فى قاعة المحكمة.. وبالفعل تحقق له ما أراد.

[القاهرة - 1966]

فى نهاية مشوار حياته سُئل فى حديث لمجلة "الكواكب" - عدد أكتوبر، من ذلك العام - لو عادت بك الأيام.. ماذا كنت تحب أن تكون؟ رد: "ممثل مسرحى طبعاً"..! هذا الرد أكد عشقه للمسرح.. وهذا العشق هو الذي جعله يضحى بحبه الأول فى الحياة من أجل عيون المسرح.. عن ذلك يقول للمجلة (العدد نفسه): “لقد أُعجبت بى فتاة وصارحتنى بإعجابها.. ونشأت علاقة حب بيننا دامت سبع سنوات، وكنت أتلقى منها رسالة كل صباح، وأخيراً - ومن شدة حبها لى- عرضت علىّ الزواج، بشرط أن أترك التمثيل! رفضت وتركتها ولم أترك التمثيل!؛ وذلك حسبما روي الكاتب الصحفي في كتابه “ أبي كما لم يعرفه أحد".