رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«علماء الذرة» تحذر من خطورة محطة الطاقة النووية بأرمينيا وتدعو لإغلاقها

دورية علماء الذرة
دورية علماء الذرة

حذرت "دورية علماء الذرة" (Bulletin of the Atomic Scientists ) من خطورة محطة "ميتسامور" للطاقة النووية في أرمينيا ودعت في تحليل لها بهذا الشأن إلى إغلاقها.

وتعد "دورية علماء الذرة" منظمة مستقلة غير ربحية تتخذ من شيكاغو مقرا لها وأبصرت النور في أعقاب القصف الذري لهيروشيما وناجازاكي وتركز أهدافها على التوعية بالمخاطر النووية وتغير المناخ والتكنولوجيات التخريبية.

وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان له نشر بهذا الشأن، إنه وفقا للتحليل المتضمن في "دورية علماء الذرة" يجب العمل على تكثيف الجهود لإقناع أرمينيا بالوفاء بالالتزامات السابقة بإغلاق منشأة "ميتسامور" التي تعود نشأتها إلى الحقبة السوفييتية البائدة، والواقعة في منطقة زلزالية غير مستقرة.

وأضاف الاتحاد الأوروبي أن على الرغم من أنه منذ نشر التحليل أثيرت العديد من المخاوف بشأنه خاصة وأن القائم على التحليل وهو الكاتب بريندا شافير قد تلقى تمويلا من قبل شركة النفط (SOCAR) التي تديرها دولة أذربيجان، إلا أن حجة إغلاق "ميتسامور" مقنعة للعديد من الخبراء ويظل تحليل شافير مساهمة مشروعة في مجال النقاش العام.

ووفقا للتحليل ففي أواخر عام 2020، أعلنت الحكومة الأرمينية أن منشأة "ميتسامور" ستغلق لمدة خمسة أشهر في عام 2021 لمحاولة إجراء تحديثات كبيرة عليها، وبعد فترة وجيزة، حث الاتحاد الأوروبي أرمينيا على جعل الإغلاق دائم؛ لأن المحطة "لا يمكن تحديثها لتلبية معايير السلامة المقبولة دوليا بشكل كامل".

ونبه تحليل "دورية علماء الذرة" إلى أن: "وقوع حادث نووي أو إشعاعي كبير في ميتسامور لن يؤثر فقط على شعب أرمينيا، بل على مواطني دول الجوار في تركيا وجورجيا وأذربيجان وإيران وروسيا وجنوب أوروبا.. إلى جانب ذلك، يمكن لأرمينيا تلبية احتياجاتها من الطاقة دون الحاجة لمحطة ميتسامور، خاصة أنها تصدر إلى إيران أكثر من نصف إنتاج الكهرباء المولدة من المحطة".

علاوة على ذلك، وفقا للتحليل، فإنه يمكن للمحطات الحرارية ومصادر الطاقة المتجددة أن تلبي الاحتياجات المحلية من الطاقة، لاسيما وأن محطة "ميتسامور" النووية لا تساعد أرمينيا حتى في تحقيق هدفها المعلن باستقلال الطاقة، حيث تزود روسيا - المورد الرئيسي للطاقة لأرمينيا - البلاد بمعظم احتياجاتها من الغاز الطبيعي، جنبا إلى جنب مع الوقود النووي والفنيين المتخصصين لمحطة "ميتسامور"، لكن أيا من هذه الأسباب لم تدفع أرمينيا لإغلاق منشأة "ميتسامور" في الماضي.

وأشار التحليل إلى أن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يحث أرمينيا على التفكير في إغلاق المحطة النووية في ضوء التطورات الأخيرة، خاصة وأن خطط تطوير الطرق والسكك الحديدية والطاقة بعد الحرب يجب أن تعمل على زيادة روابط التجارة والنقل في منطقة جنوب القوقاز في أعقاب الصراع الأخير بين أرمينيا وأذربيجان.

وأضاف أن من المقرر أن توفر البنية التحتية الجديدة والتمويل لأرمينيا فرصة جديدة للاستفادة من إمدادات طاقة أحدث وأكثر أمانا وتنوعا.

ولفت إلى ضرورة الدفع بحجة أن إغلاق منشأة "ميتسامور" النووية، لن يساهم في سلامة مواطني أرمينيا فحسب بل ومواطني البلدان المجاورة، إضافة إلى تعزيز السلام في منطقة جنوب القوقاز.

جدير بالذكر أن محطة "ميتسامو"ر تقع بالقرب من عاصمة أرمينيا، يريفان، وبالقرب من حدود أرمينيا مع تركيا. وكانت المحطة تتضمن في الأصل مفاعلين بقوة 400 ميجاوات. وبدأت الوحدة الأولى العمل التجاري في عام 1977، فيما أغلقت السلطات السوفيتية كلا الوحدتين في عام 1989، في أعقاب حادث مفاعل "تشرنوبيل" النووي وزلزال سبيتاك في أرمينيا في عام 1988، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 25000 شخص.

وفي عام 1995، بعد استقلال أرمينيا، أعيد تشغيل وحدة ميتسامور 2 بقدرة 375 ميجا وات بتمويل ودعم تقني روسي. وكان من المفترض أن تنتهي رخصة التشغيل الأصلية للمحطة في عام 2016، لكن يريفان مددتها حتى عام 2021، وأعلنت في أواخر عام 2020 عزمها تمديد التشغيل لفترة أطول، بينما ظلت الوحدة 1 مغلقة.

وأفاد تحليل "دورية علماء الذرة" بأن الوقود النووي لمحطة "ميتسامور" يُنقل من روسيا دون تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بعمليات النقل فلا يتم نشر إعلانات خاصة للجمهور أو حتى سلطات الطيران الإقليمية.

وفي المقابل كان يتم تسليم معظم الوقود النووي في العالم عن طريق البحر أو السكك الحديد لتقليل تأثيرات الحوادث المحتملة، ومنذ تشغيل وحدة ميتسامور 2 ظل الوقود النووي المستهلك للمفاعل في الموقع دون تحرك جاد للحد من المخاطر المحتملة لهذا الأمر.

وفي عام 2004، صرح نائب وزير الطاقة الأرميني آنذاك، أريج جالستيان، بأن التفاصيل المتعلقة بالشحنات الجوية للوقود النووي ظلت سرية "لتجنب إثارة قلق الناس".

ووفقا لسجلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة فمنذ إعادة تشغيلها في عام 1995، خضعت محطة "ميتسامور" للعديد من تحديثات السلامة وأيضا العشرات من حوادث السلامة منخفضة المستوى.

وبشأن تأخر أعمال التحديث والصيانة في محطة "ميتسامور"، أفاد هاكوب فاردانيان، نائب وزير الإدارة الإقليمية والبنية التحتية في أرمينيا، والذي يشرف على قطاع الطاقة، بأنها تأخرت عن جدولها الزمني بسبب "نقص الخبرات الحاد" للعمال الأرمن في مجال بناء وإصلاح المحطات النووية.

ومنذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، شجع الاتحاد الأوروبي أرمينيا مرارا وتكرارا على إغلاق محطة "ميتسامور" النووية كجزء من برنامج يهدف إلى إغلاق محطات الطاقة النووية الخطرة، بما في ذلك بعضها الموجود في الاتحاد الأوروبي، ووافقت ليتوانيا وبلغاريا وسلوفاكيا على إغلاق محطاتها كشرط للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ويؤكد الاتحاد الأوروبي، في كل تقرير رسمي تقريبا يتعلق بتنفيذ سياسة الجوار للاتحاد الأوروبي، رغبته في إغلاق أرمينيا لمحطة "ميتسامور" النووية.. فعلى سبيل المثال، لاحظ تحليل "دورية علماء الذرة" أن تقرير التقدم القُطري لسياسة الجوار للاتحاد الأوروبي لعام 2011 – أرمينيا تضمن التالي: "يواصل الاتحاد الأوروبي طلب إغلاق محطة ميتسامور للطاقة النووية في أقرب وقت ممكن، حيث لا يمكن تحديثها لتلبية معايير السلامة النووية المعترف بها دوليا".

كما نصت اتفاقية الشراكة الشاملة والمعززة بين الاتحاد الأوروبي وأرمينيا لعام 2017 على أن كلا الجانبين سيتعاونان بشأن "الإغلاق والإيقاف الآمن لمحطة ميتسامور للطاقة النووية والاعتماد المبكر لخريطة طريق أو خطة عمل لهذا الغرض، مع مراعاة الحاجة إلى الاستعاضة عنها بقدرة جديدة لضمان أمن الطاقة لجمهورية أرمينيا وظروف التنمية المستدامة".

ورغم أن أرمينيا وقعت اتفاقيات مختلفة مع الاتحاد الأوروبي لإغلاق المحطة وإخراجها من الخدمة، إلا أنها تفاوضت أيضا على اتفاقيات أخرى مع روسيا لإطالة عمر المفاعل.. ففي مارس عام 2014، مددت الحكومة الأرمينية رسميا عملية تحديث محطة "ميتسامور".

وفي ديسمبر 2020، أعادت المفوضية الأوروبية التأكيد على موقف الاتحاد الأوروبي، حيث قالت: "لا يمكن ترقية محطة الطاقة النووية الموجودة في ميتسامور لتلبي تماما معايير السلامة النووية المقبولة دوليا، وبالتالي تتطلب إيقاف التشغيل بشكل أقرب وآمن.. ومن الضروري اعتماد خارطة طريق أو خطة عمل بسرعة لمعالجة هذا الأمر، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى ضمان أمن الطاقة في أرمينيا وظروف التنمية المستدامة".

وخلص تحليل "دورية علماء الذرة" إلى أن "أمن الطاقة في أرمينيا يسمح بإغلاق محطة ميتسامور، حيث تتمتع أرمينيا بسوق طاقة فريد من نوعه مع استهلاك صغير نسبيا للكهرباء وتصدير نسبة كبيرة منها، معظمها يوجه إلى إيران.. ولدى أرمينيا العديد من الخيارات لتقليل احتياجاتها من الكهرباء وإيجاد بدائل لإنتاج محطة ميتسامور، مما يعني أنه يمكن لأرمينيا إغلاق محطة الطاقة النووية وتوفر طاقة موثوقة لسكانها".

وأضاف: " تُستخدم معظم الطاقة في أرمينيا للأغراض السكنية والنقل، حيث تستهلك الصناعة 15 بالمئة فقط.. ويستخدم الأرمن الغاز الطبيعي في المقام الأول، بما يُمثل 65 في المئة من استهلاك الطاقة في البلاد.. كما يعني الصيف المعتدل نسبيًا في أرمينيا أن هناك حاجة إلى القليل من الطاقة نسبيا للتبريد.. ونتيجة لذلك، فإن استهلاك الكهرباء للفرد في البلاد أقل من نصف استهلاك الكهرباء في أوروبا.. لذلك يمكن لأرمينيا أن توفر احتياجاتها من الطاقة بشكل موثوق دون إنتاج محطة الطاقة النووية الخاصة بها".