رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تهدد ذكورتهم».. لماذا تلجأ الأمهات إلى حفاضات الأطفال المغشوشة؟

حفاضات الأطفال المغشوشة
حفاضات الأطفال المغشوشة

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار حفاضات الأطفال ذات الماركات العالمية، تلجأ الكثير من الأمهات إلى استخدام حفاضات لأطفالهن الرضع من تلك ذات الأسعار الزهيدة، التي تكون في الغالب مجهولة المصدر والهوية، نظرًا لكون هذه السلعة تعد واحدة من السلع الأساسية لكل أسرة رُزقت بمولودًا جديدًا، فهي تحتاجها بكثرة، وتظل الحاجة للجوء إلى الأرخص منها أكثر، رغم أضرارها الوخيمة.

ومع انتشار مصانع إنتاج هذه الحفاضات نجحت وزارة الداخلية مؤخرًا في ضبط أحد أصحاب مصانع تلك الحفاضات المغشوشة بالمنوفية، الذي يُدار دون ترخيص لحيازته كمية من حفاضات الأطفال المصنعة والمدون عليها علامات تجارية مقلدة، وهذا في إطار جهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة انتشار غش حفاضات الأطفال، لما يمثله استخدامها من خطورة على صحتهم المستقبلية.

لماذا تلجأ الأمهات إلى استخدامها؟
"هضيع مصروف البيت علشان ألاحق ؟" تتساءل سمية إبراهيم إحدى الأمهات لطفل حديثي الولادة، والتي تعمل عاملة بأحد المصانع موضحة أن أسعار حفاضات الأطفال ذات الماركات العالمية والمضمونة، أصبحت مرتفعة للغاية، متابعة أنها تحتاج غيار تلك الحفاضات إلى طفلها لا يقل عن خمس مرات يوميًا، وهو الأمر الذي سيكلفها كثيرًا إذا اعتمدت على الحفاضة مرتفعة الثمن، تقول: «أنا عارفة إن الحفاضات دي مش صحية، بس هعمل إيه ما باليد حيلة؟».

إحدى الأمهات: التهابات عديدة أصابت ابني كلفتنا أضعاف ثمنها

التهاب بمنطقة الحفاضة شديد وإحمرار أصاب الطفل محمد سمير9 أشهر، وتقول والدته نهاد أحمد عنه إن السبب به كما قال لها الطبيب يرجع إلى استخدامها الحفاضات غير المعروفة المصدر، وتشتريها من بائع المنظفات بالواحدة، لرخص ثمنها.

وأضافت: «ابني ما كنش بيعرف ينام، خاصة في الصيف مع تزايد الإلتهابات لديه في منطقة الحفاضة أصبح دائم الصراخ والحك بهذه المنطقة، الأمر الذي جعلها هي ووالده يلجأون إلى العديد من الأطباء في محاولة لعلاجه وتخليصه من تلك الآلام».

وتابعت: «ما صرفناه في العلاج كان أضعاف أسعار هذه الحفاضات الرخيصة»، مؤكدة أنها منذ ذلك الوقت عاهدت نفسها على آلا تستخدم لطفلها هذه الحفاضات مهما كان السبب، لذا فلجأت إلى تدريبه على دخول الحمام، مع استخدامها له الحفاضات المضمونة بأوقات الليل والخروجات.

تاجر منظفات: «بجيبها بالة أوروبي بالجملة»

داخل إحدى محال المنظفات بمنطقة المعادي تواصلت «الدستور» مع مالك المحل الذي أكد وجود العديد من الحفاضات ذات الأسماء غير المعروفة، موضحًا أنه يحضر بهذه الحفاضات جملة، وجميعها بالة أوروبي، ويبيع الواحدة منها بـ2 جنيهًا، مشيرًا إلى أن هناك نوعًا آخر يتم تداوله ببعض المناطق على الأرصفة بأسعار، ووصفها بأنها تكون مستعملة أو مصنوعة من مخلفات مستشفيات، قائلًا «دي بتكون دون أى علامة تجاربة أو حتى غلاف».

فيديو يكشف إعادة تدويرها حفاضات الأطفال لبيعها مرة أخرى
وتداول رواد موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» منذ فترة، فيديو لأحد كبار تجار البامبرز المستعمل، الذي فيه يعترف بوجود بعض التجار التي تضع نوعا من البودرة لتنظيف البامبرز المستعمل وإعادته جديدا، وكذلك إعادة تدويره استخدامه في صناعة المناديل الورقية.

طبيبة أمراض جلدية: تؤثر على الخصيتين والتهابات تناسلية للفتيات عديدة

وأوضحت الدكتورة هبة سمير إخصائي الأمراض الجلدية لـ«الدستور» أن الحفاضات المغشوشة تتسبب في الالتهابات الجلدية لدى الأطفال لوجود نسب غير صحيحة من النايلون والبلاستيك بها، وهو الأمر الذي يجعل سعرها زهيدًا، مشيرة إلى أن استخدام هذه المواد يجعلها غير مكلفة في إنتاجها.

وتابعت «هبة» أن هذه الحفاضات تتسبب في التهابات تناسلية لدى الفتيات، بسبب عدم تعقيمها واستخدام مواد غير صالحة للطفل وبشرته، كما أنها قد تتسبب في إصابة الخصيتين بالحساسية ما يعيق نموهما بالشكل الطبيعي لدى الذكور.

دراسة عن خطورة حفاضات الأطفال
أما عن أخطار استخدام حفاضات الأطفال بشكل عام، فقد أظهرت دراسة أجرتها وكالة البيئة الفرنسية (ANSES)، عن وجود مواد سامة محتملة داخل تلك الحفاضات مثل مادة الغليفوسات القاتل وهذا الأمر الذي جعل الحكومة الفرنسية تطالب المصنعين وتجار التجزئة التأكد من إزالة هذه المواد من الحفاضات.

وعن هذه المادة أكد الدكتور محمد أو زيد أستاذ بكلية العلوم"للدستور" أن تلك المادة المشار إليها هي في الحقيقة مبيد عشبي مسرطن ويتسبب في العديد من المشكلات بخصية الأطفال المسئولة عن صفاته الذكورية، وأيضًا غدد المبيض للطفلة، والغدة الدرقية المسئولة عن الفهم والذكاء.

وتابع أن الجليفوسيت يسبب التوحد ومرض سلياك، والتصلب والسمنة والربو والحساسية، مطالبًا وزارة الصحة والشركات المنتجة برد رسمي عن اكتشاف وجود مادة الجليفوسيت السامة بالحفاضات.

كما أوضح أنه ينبغي عدم شراء الحفاضات المغشوشة لرخص ثمنها لأنها تسبب المخاطر التي لا حصر لها للطفل.

ضبطيات التموين وجهاز حماية المستهلك
يذكر أن وزارة التموين تقوم بعدة جهود من أجل مكافحة وجود مصانع حفاضات الأطفال والمناديل المقلدة لكبرى الماركات العالمية، فقد داهمت الإدارة العامة لمباحث التموين والتجارة، مصنعًا لإنتاج حفاضات الأطفال والمناديل المقلدة بمصنع بمدينة 6 أكتوبر، وتم ضبط 2 مليون حفاضة أطفال ووفقًا لتحريات النيابة، فإن خامات المناديل الورقية المستخدمة في تصنيع الحفاضات خالية من أي بيانات أو مستندات تفيد مصدرها، ويتم إدخالها لتصنيع البامبرز ووضع ملصقات لشركات عالمية عليه.

كما ضبطت مباحث التموين ببنى سويف، مصنع "حفاضات أطفال" يعمل "تحت بير السلم" بمركز إهناسيا، وتم ضبط 3 أطنان حفاضات أطفال مغشوشة بالمصنع، مختلفة الأحجام ومرتجعات المصانع تحت اسم علامة تجارية وهمية من دون ترخيص من الجهات الصناعية المختصة.

كما ضبط جهاز حماية المستهلك، مصنعًا لإعادة تدوير مخلفات حفاضات الأطفال وكبار السن المستعملة من القمامة ومن مخلفات المستشفيات، حيث يقوم بجمع حفاضات الأطفال المستعملة، ويعيد تدويرها عن طريق فصل القطن الموجود بداخل الحفاضة وتجميعه وإعادة بيعه لاستخدامه مرة أخرى فى أغراض متعددة، ويقوم بفصل المادة الجيلاتينية الموجودة داخل الحفاضة ويعيد توريدها مرة أخرى إلى بعض المصانع.

إحصائيات: 36 مليون طفل في مصر يستخدم الحفاضات
وبحسب إحصائية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد الأطفال فى مصر يستحوذ على 40% من عدد السكان البالغ عددهم 104.2 مليون، 34% من الفئة العمرية حتى 4 سنوات وهى الفئة التى تستخدم الحفاضات فى مصر أى أن هناك ما يقرب من 36 مليون طفل فى مصر يستخدم الحفاضات.

ووفقا للبيانات الصادرة عن جهاز الإحصاء، فإن حجم واردات مصر من الفوط والواقيات الصحية وحفاضات الأطفال، تتجاوز قيمته 12.8 مليون دولار.