رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيدي العوام... حملته المياه إلى مطروح غارقًا


مسجد سيدي العوام من أشهر وأعرق المساجد، الموجودة بمطروح  ارتبط إنشاء ذلك المسجد بحكايات قديمة، مازالت حتى الآن عالقة فى أذهان غالبية ساكني مطروح.

حيث كانت تقام احتفالات لعدة أيام، حول الضريح الموجود بذلك المسجد وتعد الموالد الشعبية من المظاهر اللافتة للانتباه فى المناطق ذات الخصوصية البدائية، وعند الجماعات الشعبية التي تنتشر بها الاعتقادات الراسخة فى حب الأولياء.

ومن الأولياء من تشهد لهم بركاتهم وهم أحياء وبعد موتهم تقام لهم الأضرحة المشهورة، وتكون مزارًا لمريدينهم وأتباعهم.

ومنهم نوع آخر من الأولياء يتم دفنه بين العامة، وبعد سنوات ياتي فى المنام لأحد الأثرياء أو أحد المسؤلين فى الدولة، ويطلب منهم أن يشهروا قبره، وقد يكرر لهم المنام أكثر من مرة، فى وقائع لا يعلمها إلا الله.

ويعد سيدي العوام أحد هؤلاء الأولياء المؤشرين، حيث يحكى أنه فى زمن ماضى جاء هذا الولى لحاكم الصحراء الغربية آنذاك قبل نظام الحكم المحلى وهو اللواء فؤاد المهداوي، حاكم المدينة وقتها فى المنام، وطلب منه  أن يشهره، بمعنى أن يبني له مقام ولكن هذا الحاكم لم يهتم للأمر حتى تكررت عليه تلك الرؤية مرات عديدة، حتى قص ذلك الحاكم رؤياه على بعض من أصحابه الذين أشاروا عليه أن يرفع مقامًا لهذا الولي، الذى لم يعرف له اسم وبما أنه وجد عائمًا على شواطئ مطروح، فاقترح البعض إطلاق اسم العوام عليه، وعلى شاهد قبره الذى كتب عليه رواية أنه قدم من المغرب العربى واسمه محمد.

وعلى أي حال فإن هذا الولي اكتسب تعاطف واعتقاد، الكثير من أبناء المحافظة الذين اتفقوا فيما بينهم على تحديد يومًا فى السنة، لإقامة احتفالًا بهذا الولي أطلق عليه اسم (مولد سيدي العوام).

ويقول دكتور حمد خالد مدير قطاع الثقافة بمطروح عن هذا المولد أنه: كانت تأتى إليه الأسر من كل القرى والنجوع، لاعتقادهم فى بركاته ومن الظواهر الجميلة وقتها هو اتفاق الأسر مع بعضهم البعضن على استئجار سيارات نقل كبيرة، مجموعات يأتون بها إلى هذا المولد، وكأنهم يحتفلون بالعيد.

ومن الأغاني الجميلة، التى كانوا يرددونها أثناء قدومهم إلى المدينة، حيث مولد سيدي العوام أحدها تقول ( ياسيدى العوام العالى لاتشمت فينا والى ) والأخرى كانت تقول كلماتها (مشينا وجينا سالمين وحمدنا رب العالمين )

ويضيف حمد خالد كانت تقام مسابقات الخيالة  بهذا الاحتفال المهيب  والذى يتسابق فيه أبناء البادية بخيولهم.

وكانت الأسر القادمة للاحتفال تحمل معها الذبائح والخيام، التي تبنى حول الضريح لعدة أيام، وكانت تعتبر تلك الاحتفالات فرصة جيدة، لتعارف العائلات والقبائل ببعضها البعض، وكثيرًا ما كنت تخرج الأسر متعارفة على بعضها وتتم عملية النسب والمصاهرة، فيما بينهم.

وأيضا كانت هناك بهذا المولد احتفالات بختان الأولاد، فإذا دفعك الفضول للتجول بين الخيام المقامة حول الضريح، فتجد كل خيمة تحتفل بمناسبة ما، فتلك خيمة تحتفل بختان صغارها وتلك خيمة بها زغاريد وتحتفل ب (الخلطة) بمعنى عقد القران.

بينما تجد وأنت تتجول من يقترب من الضريح، هامسًا وراجيًا أن يتحقق حلمه أو طلبه  بينما تجد آخر يقتطع قطعة قماش ملفوفة حول الضريح بلونها الأخضر الزاهي،  ليقطعها عند عودته على أحبائه ليتبركوا بها  وتجد آخر يأخذ حفنة من تراب الضريح، ليتبرك بها بعد عودته إلى دياره.

وقد أخذت هذه العادات والظواهر والمعتقدات، منذ ما يقرب من عشرين عامًا فى الاندثار تدريجيًا نظرًا لظهور المد السلفي، الذي دعا بقوة إلى عدم الاعتقاد بتلك الأمور التي تؤدي إلى الشرك بالله.