رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ممنوع دخول الرجال.. حكاية «سوق الستات» بالصف (صور)

سوق الستات
سوق الستات

"كوكب النساء"، حكايات قديمة ذاع سيطها مرارًا وتكرارًا في الأفلام والقصص الكرتونية، لتكون محاكاة عن واقع غريب يعيشه سكان مدينة الصف التابعة بالجيزة، داخل سوق النساء الذي أصبح ملجًأ لكل العاملات في مجال بيع الخضروات والفاكهة، فكوّن عالمهنّ الخاص، وهو ما دفع "الدستور" لتقصّي حكاية سوق النساء والبائعات داخل طرقاته التي جاءت على النحو التالي:

نفيسة وضرّتها
نفيسة محمد، سيدة في الخمسين من عمرها، تعيش على الأرض التي اعتادت الجلوس فيها منذ 27 عامًا، إلى جوارها ضرتها التي تصغرها بخمس سنوات فقط، عاشا معًا تحت سقف واحد بعدما تعثر زوجهما في توفير احتياجات أولاده العشرة.

تقول نفيسة، لـ "الدستور" إنها تعاونت مع ضرتها أم محمد طوال السنوات الماضية لتربية الأولاد، لأن عمل زوجهما في الحقل لا يحقق ربع احتياجات المنزل:" قررنا نخرج نشتغل سوا في السوق وبقينا بنشتري الفاكهة سوا ونبيعها جنب بعض عشان نوفر طلبات البيت ونأمن مستقبل العيال".

وأضاف أن مصطلح "سوق الستات" أطلق على هذا المكان قبل عشرات السنين، بعد أن توطن فيه عدد كبير من البائعات اللواتي قررن منع دخول الباعة الرجال إلى وسطهم حتى لا يكون هناك مجال لفرض أحد منهم السيطرة عليهن، وإجبارهن على البيع بأسعار معنية:" خافوا يتعاملوا معانا على أننا مكسورين الجناح فبقي اسمه سوق الستات ورجال مبقوش يجوا يبيعوا حاجة".

التقت منها ضرتها فريدة إبراهيم، أطراف الحديث، قائلة:" كانت تأمل أن تعيش حياة آمنة بعد زواجها، إلا أنها فوجئت بتردي الحال، وقلة الرزق، ما جعل زوجها يقرر بيع المنزل الزوجية؛ لينتقلا معًا للعيش في منزل الزوجة الأولى بهدف تقليل النفقات".

أضافت أنها بعد ضيق الحال قررت هي ونفيسة العمل في بيع الفاكهة وبيع قطع الحلي البسيطة التي لديهم؛ بهدف تكوين رأس المال الذي يسمح لهن بالعمل في التجارة:"وبقينا بنساعد الراجل ورزق البيت زاد".

عطيات: بنشتري البضاعة بالقسط

"شيلت الهم من زمان جدًا"، كلمات انطلقت من على لسان عطيات عبدالعال، كاشفة عن حكايتها داخل أسوار سوق الستات، قائلة إنها خرجت للعمل في السوق بعد وفاة ابنها الأكبر علي الذي أنجب 4 أبناء، لتحمل هي مسؤولية الأطفال ووالدتهم.

تابعت عطيات أنها بعد هذا الواقع بعامين تقريبًا انفصلت ابنتها حنان لتعود إلى منزل والدتها برفقة بنتيها، حاولوا جميعًا العيش بمعاش الأب الذي وفاته المنية منذ عقود، ونفقة الأطفال، إلا أنها لم تسد جوع الأولاد؛ ما دفعها لشراء بعض الخضروات، وبيعها داخل سوق الستات.

أضافت أن العمل في سوق الستات مثمر جدًا؛ لأن التجار من النساء يتعاونٌ مع بعضهن فيبعن الخضروات بالجملة بالقسط لتاجرات السوق، وذلك منافيًا لكل أعراف البيع في الأسواق العادية، إلا أنهن يقفن إلى جوار بعضهن في الأزمات، فيتحملن أوضاعهن المادية.

سليمة: تاجرات سوق الستات بـ100 راجل
"ربنا رزقني بالجنة" هكذا وصفت سليمة جمعة، ذات الخمسون عامًا، ابنها فتحي الذي ولد بإعاقة ذهنية وتأخر نمو، حاولت علاجه مذ ولادته؛ لكن كل طرق العلاج بائت بالفشل، إلا أنه أصبح يتناول عدد كبير من المهدئات التي تساعده على البقاء في حالة سكون وراحة حاولت تحمل تكاليفها في بادئ الأمر، لكنها لم تستطع الاستمرار فقررت الخروج من المنزل والذهاب للعمل.

أوضحت أنها خرجت للعمل في السوق الستات وهي في عمر العشرين، لسد احتياجات طفلها الذي اختبرها الله فيه، فوجدت أيادي النساء تحنوا عليها وتخرجها من ضيقتها، مقدمة لها بضائع بالقسط دون مقدم بعد علمهن بحالتها البائية وأزمتها المريرة.

أنا وبنتي حالنا من بعض
كاميليا حنفي أم وأبنتها فاطمة صلاح يعملان معًا ببيع الخضار بالسوق، حيث تعمل كاميليا المرأة الستينية منذ أعوام كثيرة لمرض زوجها قبل وفاته، وخلال 30 عامًا استطاعت أن تربي 7 أبناء وتتمنى أن تعمل عمرة بعد أن كانت جمعة حقها، لكنها أضاعتها على مرض زوجها قبل وفاته.

أما أبنتها فاطمة لا تختلف كثيرا عن والدتها في تربيتها لـ7 أطفال يكبرهم محمد 14 عامًا، وإعالتها لزوجها المصاب بالغضروف وتقوم بمعالجته، إضافة إلى تحملها مسئولية أبنائها التي تعيش بهم في غرفة واحدة، وقالت إنها تحلم بمكان لأبنائها مع مشروع تعمل خلاله من أجل كسب أموال لأبنائها.