رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السودان: لم نتخل عن القضية الفلسطينية مقابل التطبيع

عبد الفتاح البرهان
عبد الفتاح البرهان

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أن بلاده لم تتعرض لأي ابتزاز لاتخاذ قرار بالتطبيع مع إسرائيل، مشددًا على أن السودان لم يتخل عن القضية الفلسطينية.

وقال البرهان، في حوار مع تليفزيون السودان، إن أغلب القوى السياسية والمدينة لم ترفض التطبيع مع إسرائيل، حيث جرت تشاورات معها، موضحًا أن اتفاق التطبيع سيُعرض على المجلس التشريعي.

وأضاف أن "المؤسسات السودانية تشاورت في الأمر ووجدنا فوائد في القرار، وربما نكون حققنا مكاسب، حيث تم رفع العقوبات عن السودان، وعادت له الحصانة السيادية، والشطب من لائحة الإرهاب".

وتابع البرهان: "حين نتحدث عن رفع العقوبات عن السودان، لا يمكن أن نتحدث بمعزل عن التطبيع مع إسرائيل، وأنا أفضل أن أسميه صُلحا، لأننا الآن نُعد اتفاقية صُلح، وهو عمل مشروع"، مشيرا إلى أن "رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب عملنا عليه منذ فترة، ونفذنا كل المطلوب مننا في هذا الملف، لأنه صارت هناك ارتباطات سياسية معروفة، فالملفان مرتبطان ببعضهما البعض".

وشدد على "ارتباط الملفين ببعضهما البعض، وليس صدفة أن هناك تشابكا لمصالح الدول معلومة بالنسبة لنا، وقضية التصالح مع إسرائيل نظرنا إليها من جانب التغيير الذي حدث في السودان، وأحدث تغييرا في التفكير في كل الملفات، خصوصا أن واحدة من العقبات التي كانت تواجه رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب كان التمييز الديني، أو حالة العداء مع واحدة من الدول بسبب الديانة أو العرق، وأعتقد أن التطبيع معناه العودة إلى العلاقات لطبيعتها، والطبيعة ما فيها عداء، فالعداء هو الحالة الشاذة".

وأوضح أن كل قادة العالم يسعون إلى مكاسب وطنية، وكل قائد يبحث عن مصلحة وطنه وبلده، مشددا على أنه لا أحد تدخل في قرار السودان الخاص بالتطبيع.

وقال البرهان إن "السودان يريد أن يغير نظرة العالم له، ويريد أن يُنهي العداء مع أي من الدول، للانخراط في المجتمع الدولي، ونحن نظرنا إلى السودان فقط، ورفع الظلم عن الشعب السوداني"، مضيفا أن التطبيع مع إسرائيل كان محفزا لأمريكا لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان.

وأضاف أن هناك مشاورات جرت مع معظم القوى السياسية والمجتمعية ولم يجد شخصا يرفض هذا الأمر، وجميعهم كان صوته يؤيد الأمر ما دام فيه مصلحة للسودان، لافتا إلى أن "تلك المشاروات شملت أيضا القوى التي ترفض الخطوة الآن، ولم نكن نجد اعتراضا".

وأوضح أنه تشاور مع قادة القوى السياسية وتوصل إلى اتفاق على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه يجب أن يعرض على المجلس التشريعي، وهو أمر معلوم بالنسبة للجميع أن الاتفاقيات الدولية تجب المصادقة عليها من الجهاز التشريعي.

وتابع: "اتفقنا على أن الآراء الشخصية لا حجر عليها، والمبادئ التي يؤمن بها قادة الأحزاب لا حجر عليها، وكل فرد يعبر عن رأيه ورأي حزبه، والفيصل هو الجهاز التشريعي"، لافتا إلى أنه عندما تأتي حكومة منتخبة، وبرلمان منتخب، يمكن له أن يعيد النظر في القرارات التي اتخذتها الحكومة الانتقالية.
وأردف البرهان: "تمت استشارة مؤسسات الدولة في الأمر، وحتى قبل إعلان البيان الثلاثي المشترك (الأمريكي السوداني الإسرائيلي)، تم عرض الأمر على مجلس السيادة، وكان الحديث يتم مع المؤسسات بصورة يومية"، لافتا إلى أنه "لا حجر على أي فكر، ولكن لا يمكن أن نرهن أوضاعنا على أفكار قادمة من الخارج، فالمفاهيم تغيرت والأفكار القديمة لم تعد موجودة".

وأكد أن السودان لم يتخل عن موقفه المبدئي من القضية الفلسطينية، حيث يدعم المبادرة العربية، وكل ما ورد فيها يجب أن يُنفذ بالتوازي، فالمبادرة فيها اعتراف بدولة اسرائيل، وإنهاء علاقة العداء مع إسرائيل أيضا يفرض عليها بعض الخطوات والمطالب، مطالبا بتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967.

وقال رئيس مجلس السيادة الانتقالي: "لم نوقع اتفاقا إلى الآن، لكن بعد التوقيع ستبدأ أوجه التعاون في المجال التكنولوجي وفي مجال الزراعة وفي مجال الهجرة، التعاون يشمل 4 أو 5 أنشطة، ونحن الآن مسودة الاتفاق موجودة، وسنعرضها على مكونات السلطة الانتقالية، وبعدها سنذهب إلى التوقيع، وبعدها سيعرض على الجهاز التشريعي"، وتحدى أن يدعو أي حزب سوداني في برنامجه خلال الانتخابات القادمة إلى مقاطعة إسرائيل أو مقاطعة أمريكا.

وأضاف: "منذ مؤتمر اللاءات الثلاث في عام 1967، وقعت اتفاقيات كثيرة مع دول عربية أو مع نظمة التحرير الفلسطينية، لماذا نظل نحن نعيش في عام 1967، ونتحمل هذا التكبيل الذي نحن فيه، حتى إسرائيل والسلطة الفلسطينية وقعتا اتفاقية في أوسلو، تم فيها الاعتراف، حيث اعترفت منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود، وكلنا يؤمن أنه يجب إقامة دولة فلسطين في حدود عام 1967، لكن لا نريد أن نحمل الشعب السوداني وحده هذه المسئولية، ويجب ألا ننساق وراء أيديولوجيات أو سياسات تقودنا وتكون وصية علينا".

وبخصوص رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، شدد على أن مبلغ التعويضات لضحايا الإرهاب تم تدبيره من الموارد الذاتية السودانية.

وأوضح أنه بعد إزالة العقوبات، بقليل من الجهد وقليل من المعونات الدولية يمكن أن ينهض السودان، حيث إنه بلد يملك إمكانيات كبيرة جدا، وأصبح شعار "السودان سلة غذاء العالم" قريبا جدا، لافتا إلى أن "السودان حتما سيحتاج إلى بعض المساعدة في المرحلة المقبلة، لكن بعد الإزالة من القائمة وتهيئة البيئة المحلية، يجب أن نُعجل بالعمل للاستفادة من الأمر بالشكل المرجو".

في غضون ذلك، أكد البرهان أن "شركاء الحكم في السودان الآن في أفضل حالات الشراكة، حيث إن هناك تفاهما وتجانسا كبيرا جدا بين مكونات الحكم، فاتفاق السلام حفزنا كلنا على العمل سويا، وهدفنا خدمة السودان وشعبه".

وقال: "نحن كعسكريين لا نريد أي مجد شخصي، ونحن ملتزمون بأن نفي بمطالب الوثيقة الدستورية وأن نسلم الأمانة في التوقيت المحدد"، مؤكدا "الالتزام باتفاق السلام، لكن الاتفاق في وضعنا الاقتصادي الحالي لا يمكن تنفيذه بدون معونات من المانحين والمنظمات الإقلمية والدولية، فالجميع يجب أن يدعم هذا الأمر".