رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نمو العلاقات الروسية الإفريقية


كشفت التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه العالم، بعد تفشى فيروس كورونا فى بداية هذا العام، هشاشة وضعف النظم الصحية فى كل الدول غنية أو فقيرة، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، الأولى على العالم فى عدد الإصابات والوفيات، حيث تقترب من ٢٥٪ من إجمالى عدد المصابين «٧ ملايين من ٣١ مليون إصابة» و٢٠٪ من إجمالى الوفيات فى العالم «٢٠٠ ألف من مليون حالة وفاة» أثناء كتابة المقال، كما كشفت عن التفاوت الطبقى الرهيب داخل كل الدول بين أغنى الأغنياء من القلة المحتكرة للثروات والاستثمارات وبين الأغلبية الفقيرة من الطبقات الدنيا، وأيضًا الوسطى التى تعانى من التآكل والانهيار.
مع استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد، بدأ العديد من المفكرين والكتاب يتساءلون ويتحدثون عن العالم ما بعد كورونا، وأهمية تغيير السياسات النيو- ليبرالية الحالية والتوجه لعالم أكثر عدالة وإنسانية، وكتب الكثيرون عن صعود أقطاب جديدة، على رأسها الصين وروسيا وأفول العالم ذى القطب الواحد، الذى تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية.
وفى إطار ما سبق رصدنا فى مقالاتنا السابقة نمو وتطور العلاقات الصينية- الإفريقية الاقتصادية وضخ استثمارات كبيرة فى دول إفريقيا فى «البنية التحتية التقليدية»، فى مجال المرافق والطرق والمطارات وأيضًا الاستثمارات فى مجال الطاقة مع الاهتمام ببناء «بنية تحتية جديدة»، والتى تشتمل على بعض المرافق المادية، مثل شبكات الجيل الرابع والخامس ومراكز البيانات بجانب الأشكال الافتراضية الرقمية والذكية، نظرًا لاعتماد العالم على استخدام الإنترنت فى التعاملات، سواء فى التعليم أو الأشغال التى يمكن القيام بها من المنازل أو فى مجال التسوق كنتيجة حتمية لإجراءات التباعد الاجتماعى والحظر والإغلاق التى فرضتها الحكومات لمواجهة تفشى فيروس كورونا.
واليوم نتحدث عن «إعادة صياغة العلاقات الروسية مع دول إفريقيا» وتحت هذا العنوان كتب: «المركز المصرى الروسى للدراسات» مقالًا مطولًا مهمًا سأحاول أن أوجز بعض ما جاء فيه.
أشار المقال إلى أنه فى السنوات العشر الأخيرة ظهرت روسيا وعادت على الساحة الدولية بقوة تدعو إلى عالم متعدد الأقطاب، واستعادت علاقتها بالدول والقارة السمراء «إفريقيا»، على أساس سياسة خارجية واضحة المعالم تعتمد على الشراكة والتعاون والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.
«وتعتمد روسيا استراتيجية تستهدف تعزيز الشراكة مع الاتحاد الإفريقى من خلال تعاون مع (الاتحاد الأوروآسيوى)، وبالتالى توسيع دائرة الاستثمارات المتبادلة، وتعتبر روسيا ثالث أكبر ممول لبنك الاستيراد والتصدير الإفريقى، الممول الرئيسى لمشاريع التنمية فى الدول الإفريقية بعد الصين والهند».
وأشار المقال إلى أن لمصر دورًا كبيرًا فى إطار العلاقات بين موسكو والقاهرة فى دعم الاستراتيجية الروسية فى إفريقيا، لخلق نوع من التوازن فى العلاقات الدولية وأجواء تسهم فى دعم القارة اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا وأيضًا فى مجال مكافحة الإرهاب.
«القارة الإفريقية مجال واسع للاستثمارات الاقتصادية والأمنية لأسباب مختلفة، نتيجة لما تملكه القارة من موارد طبيعية وثروات بشرية كبيرة. وتحتاج شعوب القارة إلى زيادة حجم التبادل التجارى والتعاون فى قضايا الأمن والاستقرار، وتحتاج الاستفادة من مواردها الطبيعية وخلق بيئة صناعية محلية والقضاء على القيود القديمة التى تعوق التنمية، والتى تعود إلى الصراعات المسلحة وانتشار الفساد والإرهاب والتطرف، ولذا تحتاج القارة إلى القضاء على بؤر التوتر الساخنة واحتواء الصراع العرقى والقبلى».
إذا انتقلنا فى الوقت الحالى، نجد أن الاستثمارات الروسية ستصل إلى ٤٠ مليار دولار حتى سبتمبر ٢٠٢٠، وتتعلق المشاريع الروسية فى إفريقيا بالبنية التحتية والصناعات المختلفة فى مجال الزراعة والاتصالات والنقل واستخراج ومعالجة المواد الخام والثروة المعدنية والرعاية الصحية.
وفى مصر يمثل «مشروع الضبعة للاستخدامات السلمية للطاقة النووية» أحد أهم مشاريع روسيا الاقتصادية فى القارة، فالمشروع ليس مشروعًا للطاقة الكهربائية، إذ يستهدف توطين التكنولوجيا النووية الحديثة فى مصر والمنطقة، بما يسهم فى دعم خطط التنمية المستدامة وخلق فرص عمل وتعزيز جهود تطوير البحث العلمى فى كل المجالات فى الطب والهندسة والزراعة.
ويستكمل المقال- فيما يخص بلدنا مصر- الحديث عن مشروع المنطقة الصناعية الروسية شرق بورسعيد، والذى يعكس إرادة حقيقية للتعاون وتوطين الصناعات المتميزة فى مجالات الأدوية والمعدات الثقيلة والصناعات المتعلقة بالغاز والنفط والبتروكيماويات. ويصل حجم الاستثمارات الروسية فى مصر إلى ٧ مليارات دولار، وتوفر ما يقرب من ٣٥ ألف فرصة عمل تستفيد منها العمالة المصرية والإفريقية بوجه عام.
إن تطوير ونمو علاقات الدول الإفريقية، ومنها مصر، بكل من روسيا والصين فى المرحلة الحالية وفى الفترة المقبلة على أساس المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة سيكون له أثر كبير على نهضة وتقدم بلاد القارة الإفريقية.