رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأخطر فى التجسس الأمريكى


استيقظ الشعب الألمانى على صدمة قوية نشرتها له «مجلة دير شبيجل» التى يستقى منها الرأى العام هناك معلوماته الرسميه عن النظام السياسى، فتحت عنوان ـ سفارة التجسس: محور الجاسوس السرى لوكالة الأمن القومى فى برلين ـ تحدثت المجلة عن السفارة الأمريكية الضخمة التى تقع فى وسط برلين، بجوار كل مؤسسات الدولة الألمانيه الرسمية والتى تم افتتاحها فى عام 2008 فى حفل ضخم حضره الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل وعدد ضخم من الدبلوماسيين الأوربيين .

فاجأت المجلة الرصينة الألمان بقولها إن الولايات المتحدة الأمريكية إستغلت هذا المبنى الضخم ليس فى بناء وإدارة أفق التعاون مع ألمانيا قائدة الاتحاد الأوروبى، بل استخدمت سفارتها فى أعمال تجسس منظمة وواسعة المدى بدأت بالتنصت على هاتف المستشارة الألمانية ذاتها وامتدت لتشمل كماً ضخماً من المراسلات والمكالمات الحكومية التى يدار بها دولاب العمل السياسى اليومى، ونشرت المجلة فى عددها اللاحق استكمالاً للفضيحة المدوية وتشهيراً مؤلماً للإدارة الأمريكية وثيقة يعود تاريخها إلى عام 2010م تشير إلى وجود وحدة استخباراتية أمريكية تعمل فى برلين وفرانكفورت تحت مسمى غريب « خدمة الجمع الخاصة»، وهى وحدة ضخمة تضم عملاء من المخابرات المركزية وموظفين رفيعى المستوى من وكالة الأمن القومى وتنتشر هذه الوحدة فى 80 مدينة تغطى معظم بلدان العالم .

يتم إلحاق عملاء هذه الوحدة وتوفير غطاء لهم بتعيينهم كموظفين فى السفارات والقنصليات الأمريكية، حتى يتمتعوا بحصانة دبلوماسية تمكنهم من العمل بحرية فى جمع المعلومات وتسجيلها والتحرك فى مختلف الأماكن تحت هذا الغطاء النموذجى، وليس خافياً على أحد امتلاك الإدارة الأمريكية لأحدث الأجهزة والتقنيات التى تمكنهم من اختراق كافة أنواع المراسلات فى الدول التى يستهدفونها، وهى تشمل جميع الاتصالات التليفونية الأرضية والمحمولة والتى تتم عبر الأقمار الصناعية، فضلاً عن مراسلات شبكات التواصل الاجتماعى.

وما هى إلا أيام قليلة حتى نشرت بدورها «صحيفة اللوموند» الفرنسية وهى جريدة لها نفس السمعة الرسمية فى فرنسا فضيحة واتهامات مباشرة للإدارة الأمريكية بنفس المضمون السابق، واتهمت السفارة الأمريكية فى باريس بارتكاب نفس الأفعال ضد الرئيس الفرنسى وأضافت على الاتهام الألمانى أن هناك وحدة استخبارات إسرائيلية اشتركت فى أعمال التنصت على قصر الإليزيه، وفى محاولة أمريكية لدفع الاتهام عن نفسها الذى بدأ يتسع ليشمل العواصم الأوروبية المختلفة أبلغت المخابرات الفرنسية بأنه ربما تورطت «الوحدة 8200» الإسرائيلية فى هذه الأعمال دون علم المخابرات الأمريكية، وهذه الوحدة تابعة للمخابرات العسكرية الإسرائيلية ولها تاريخ طويل فى العمل المعلوماتى جمعاً وتحليلاً، ولم يشف هذا الرد الأمريكى المراوغ بالطبع غليل الشكوك الفرنسية التى اقتربت من حد اليقين لتتسع مدى الأزمة بصورة غير مسبوقة .

الأخطر فى هذه الأزمة التى إنفجرت ما بين أوروبا وأمريكا وهما الحلفاء التقليديون، أن الشرق الأوسط بدوله العربية التى لا تحظى من الجانب الأمريكى بمعاملة الدول الحليفة غير بعيدة عن هذا الاستهداف الاستخباراتى المتطور، والأشد خطورة بالطبع أن هناك إتفاقية ما بين أمريكا وإسرائيل موقعة فى 2009 تنص على قيام أمريكا بمنح إسرائيل ما قد يخصها مما تحصل عليه من معلومات من خلال برنامج التنصت، وتعطيها الحق فى الاطلاع على المعلومات الاستخبارية الخام التى جمعتها أمريكا وفق هذا البرنامج المتطور الذى يخترق الدول ببساطة!!

هل وصلت معلوماتنا الخام كما يسمونها إلى مائدة الفحص والتشريح الإسرائيلى منذ هذا التاريخ، أوروبا كشفت ورفعت صوتها فماذا نحن فاعلون!.