رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كورونا تسيطر على «يوم إفريقيا» ويطرح تحديات جديدة أمام الدول

كورونا
كورونا

تحل اليوم الذكرى الـ57 لـ"يوم إفريقيا" يوم ميلاد منظمة الوحدة الإفريقية التي تأسست في 25 مايو 1963 عندما وقع قادة 30 دولة أفريقية من 32 دولة مستقلة من بينها مصر على الميثاق التأسيسي للمنظمة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، والتى تحولت فى عام 2002 إلى "الاتحاد الأفريقى" وهو اتحاد دولى يتألف حاليا من 55 دولة إفريقية، وتعتبر مدينة أديس أبابا العاصمة الإدارية والمقر الرئيسى للاتحاد وتقع فيها المقر الأمانة العامة.

ويتكون الاتحاد من جزئين أحدهما سياسي والآخر إداري، وتعرف جمعيته العامة التي تتألف من رؤساء الدول الأعضاء أو ممثلي حكوماتها بأنها أكبر صانع للقرارات في الاتحاد والذى لديه هيئة تمثيلية تعرف بالبرلمان الأفريقي (برلمان عموم أفريقيا)، ومؤسسات سياسية أخرى، مثل المجلس التنفيذي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

ويعد يوم إفريقيا مناسبة لإلقاء الضوء على مسيرة الاتحاد وإنجازاته ومحاولاته المستمرة للتغلب على التحديات التى تواجه أغلب دول القارة تحت ظروف التقدم السريع لعولمة الاقتصاد والاقتصاد الحر والتقدم الإلكترونى، وانتشار الحروب الأهلية، والنزاعات المسلحة، والقضايا القانونية المتعلقة بالنزاعات الإقليمية، والقضايا والتحديات الاقتصادية والاجتماعية ومشاكل المجاعات المتكررة وقضايا البيئة والتغير المناخى واثرهما فى التصحر وعدم الاستدامة البيئية وغيرها.

وتتزامن مناسبة "يوم إفريقيا" هذا العام مع استمرار إعلان فيروس كورونا المستجد تمرده على سيطرة الإنسان، وبوصول "دورى" الفيروس لقارة إفريقيا، بعد إطلالته بوجهه القبيح على قارة أوروبا، الأمر الذى زاد من المسئولية الملقاة على كاهل الاتحاد، حيث ضاعف من عبء دول القارة الثقيل ومشاكلها الكثيرة، فوقع أغلبها بين فكى الاضطراب الاقتصادي.

وفيما تعد القضايا الصحية وانتشار أمراض الملاريا وإيبولا والإيدز، كارثة اجتماعية خطيرة فى إفريقيا، أضحى فيروس كورونا الذى انتشر في 52 دولة من أصل 54 دولة أفريقية، منازعا قويا لاستنزاف مواردها المالية، حيث يتعين على دولها حشد الموارد المالية اللازمة لتقديم الخدمات الصحية للمصابين، وكذلك الإمدادات الإنسانية للمواطنين الذين تضرروا اقتصاديا جراء هذه الأزمة الصحية.

تحد جديد أمام عملية التنمية فى إفريقيا جعل "يوم إفريقيا" مناسبة لتدارس التعاون المشترك لمواجهة هذا الخطر الجديد، وتخوض الدول الإفريقية منذ بداية تفشى الفيروس وحتى الآن اختبارا صعبا لأنظمتها الداخلية فيما يخص بإرادة الأزمات، فضلا عن أثرها فى إعاقة الإقتصاد الأفريقي من الاحتفاظ بقوته الدفع نحو النمو، لما له من أثر فى إنهاك منظومات ومستويات الصحة والسلامة العامة والاقتصاد والأعمال والتعليم والتجارة والسياحة.

أصبح الفيروس أولوية ربما تعرقل سعى الاتحاد الأفريقي نحو تحقيق أهداف أجندة ٢٠٣٦، والبناء على ما تحقق طيلة السنوات الماضية، وتفعيل المشروعات التي تحقق التنمية الشاملة والمستدامة في القارة، والتى تشمل تطوير الطرق والمطارات والموانئ والمدن، وشبكات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي.

وتتواكب عملية الإصلاح مع متطلبات ثورة المعلومات والتكنولوجيا المتطورة، والصناعات والخدمات الجديدة المرتبطة بالاقتصاد الرقمي، وأن تتوافق أيضا مع الجهود المبذولة على الصعيد الدولي، للتصدي لتغيرات المناخ وخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة للمحافظة على كوكبنا.

إلى جانب التأكيد على أهمية استغلال طاقات الشباب الأفريقي الكامنة، من خلال إتاحة التمويل للمشروعات المنتجة، التي توفر لهم فرص العمل، فضلا عن إتاحة المزيد من التمكين الاقتصادي للمرأة الأفريقية، والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضدها، حيث أنها تمثل ركيزة أساسية للتنمية وأحد مكوناتها الفاعلة.

رغم ما شهدته أفريقيا من تغيرات إيجابية، فإن المقارنة الأفقية، خاصة مع أقاليم أخرى في العالم، تظهر أن التحديات التي تواجه أفريقيا مازالت قاسية جدا، وعززها فى الآونة الأخيرة تفشى فيروس كورونا، وتحت مظلته سيظل الاستقرار السياسى فى إفريقيا ذات الـ700 مليون نسمة، متوازيا لعدة سنوات قادمة مع الاضطرابات المحلية.

ولن يكون معدل النمو كافيا لتحقيق هدف أفريقيا للتخلص من الفقر، وبناء على ذلك، فإن خطر تهميش أفريقيا مازال موجودا وما تحتاجه أفريقيا بشدة هو السلام والاستقرار، اللذان هما شرطان جوهريان لا بد من توافرهما لتجديد قوتها وتنميتها، فبدون بيئة سليمة تنعدم التنمية.

وما يدعو للقلق هو ارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير دون معرفة الأسباب، وعدم جاهزية النظام الصحى فى العديد من الدول، والنقص الهائل فى كواشف المرض وضعف معامل التحليل، إلى جانب ضغط الفقر الذى يضطر شريحة واسعة من الأفارقة للخروج للبحث عن لقمة العيش، ونقص المياه النظيفة الذى يحول دون غسل الأيدى باستمرار.

بالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائية التى تمنعهم من شراء المطهرات اللازمة فضلا عن إصابة الكثيرين بأمراض نقص المناعة والأمراض المعدية، جميعها عوامل ستدفع قارة إفريقيا إلى الوصول لمرحلة الانتشار التى تنذر بكارثة حقيقية، خاصة إذا انتشر الفيروس فى المدن والقرى الإفريقية المكتظة بالسكان، والضواحي وأحزمة البؤس ومخيمات اللاجئين.