رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الأعلى للشئون الإسلامية»: الإرادة وراء الانتصارات التى تحققت في رمضان

الدكتور عبد الحكم
الدكتور عبد الحكم صالح الأستاذ بجامعة الأزهر

أكد الدكتور عبد الحكم صالح الأستاذ بجامعة الأزهر، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الانتصارات التي تحققت في شهر رمضان على مر التاريخ الإسلامي ابتداء من غزوة بدر مرورا بفتح مكة ومن بعدها موقعة عين جالوت ثم انتصار العاشر من رمضان الذي حققه الجيش المصري مثلما حقق الانتصار في عين جالوت، جاءت نتيجة للسمو بالنفس والروح والإرادة القوية بالصيام في رمضان.

وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال كلمته الليلة في الحلقة التاسعة عشر من حلقات برنامج "حديث السحور" الذي تقدمه وكالة أنباء الشرق الأوسط "أون لاين" بمناسبة شهر رمضان الكريم، أن من الأمور التي تدعو إلى الإندهاش والإعجاب أن الناس يتصورون شهر رمضان، شهر خمول وكسل، مضيفا: والواقع أننا حين ننظر في المسيرة التاريخية للأمة الإسلامية نجد شيئًا مخالفًا تمامًا ذلك أن إنتصار المسلمين على أعدائهم عبر التاريخ قد تحقق في رمضان فالمعارك الفاصلة والفارقة، والمواجهات الحاسمة في تاريخ هذه الأمة يطالعنا أبرزها وقد تم وتحقق في شهر رمضان في شهر الصوم، وقد يسأل المتأمل نفسه عن هذا التوافق بين رمضان والصيام من جانب والانتصار من جانب آخر، وما السبب في أن كثيرًا من معارك الأمة الفارقة الفاصلة تحدث في رمضان ؟!

وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: ولعل الجواب هو أن رمضان شهر الإمتناع عن الطعام والشراب والشهوات ومعنى ذلك أنه شهر يسهو فيه الإنسان فوق نفسه وفوق رغائبه ويعتلي كرسي الإرادة القوية التي يمكن أن تمارس الحياة مع الحرمان، هذا ما يجعل الإنسان شخصية قوية قادرة على مواجهة المستحيل وعلى معاتقة الفناء دون أن تفكر الشخصية في شئ من هذه المعارك الفاصلة، إن غزوة بدر الكبرى حدثت في يوم الجمعة السابع عشر من رمضان في العام الثاني للهجرة، ومن اللافت للنظر أن الله سبحانه وتعالى سمى هذه المعركة وهذا اليوم "يوم بدر" بيوم "الفرقان "، اليوم الذي تم الفرق فيه بين عهد كان المسلمون فيه مستضعفين يخافون أن يتخطفهم الناس وعهود بعد ذلك صارت للأمة قوة في الشكيمة ورأي تفرضه على العالمين بالعدل والحق والخير.

وتابع: ثم يطالعنا بعد ذلك في شهر رمضان من العام الثامن للهجرة فتح مكة، إزالة الأصنام من حول الكعبة.. الفتح المبين والنصر العظيم الذي وهبه الله لرسوله والمسلمين، لافتا إلى أنه بعد أن وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في العام الأول للهجرة كون جيشًا قويًا يستطيع أن ينفذ إرادة الأمة العادلة، إرادة الأمة التي تتبنى الحق دائمًا ثم توجه به صلى الله عليه وسلم بأمر من الله سبحانه وتعالى إلى مكة المكرمة فرفع راية الإسلام فوق رباها ودخل أهل مكة الإسلام الحنيف بقناعة منهم وثقة من أن هذا الدين دين الحق دين الصدق دين من عند الله سبحانه وتعالى.

واستطرد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: ثم يمضي التاريخ مع هذه الأمة رويدًا رويدًا فتأتي جحافل التتار لكي تطبق على هذه الأمة ويظل المسلمون في فلسطين وبلاد الشام يعانون من بطش التتار وهمجيتهم وبربريتهم ومحاولاتهم فرض سطوتهم وإراداتهم على الشعوب ونهب مكاسب الشعوب وتدمير حضارات الشعوب حتى أنهم قاموا بإلقاء جميع الكتب التي كانت تعمر بها بغداد في نهر الفرات أو دجلة على أصح الأقوال، ثم تظل المعارك بين أهل هذه المناطق وبين التتار إلى أن يأتي سيف الدين قطز ويجند من أبناء مصر الجنود الأبطال المغاويل ويجيش منهم جيشًا قويًا خبيرًا بفنون القتال ومهاراته ويذهب به إلى هناك وما إن تدخل أبناء مصر خير أجناد الأرض في المعركة إلا وقلبوا موازين الواقع العسكري الأليم من هزائم تتوالى في شكل تسلسل يلحق يوميًا بالمسلمين إلى نصر مبين، وفر البربر الهمج التتار إلى ديارهم وبلادهم يجرون أذيال الخيبة والعار وتستمر مسيرة الإنتصارات.

وقال عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومن بعد ذلك، ومع المسلمين في شهر رمضان، يحقق المسلمين أعلى وأغلى نصر في العصر الحديث، ذلك حين إلتقى جنود مصر الأبطال بالإسرائيليين المعتدين، على ساحة سيناء المباركة الطاهرة.. هذه الأرض الطيبة.. أرض الفيروز بعد أن عبر المصريون قناة السويس وحطموا خط بارليف.

وظلت المعركة دائرة إلى أن وصل أبناء مصر إلى أعماق سيناء بقوة الإرادة وقوة الإيمان وقوة العزيمة وقوة الآلات والمعدات وقوة الإيمان بالهدف وبحتمية تحقيقه في العاشر من رمضان بدأت المعركة وانتهت بأن رفع المصريون راية مصر وراية العروبة وراية الإسلام.