رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمال القصاص: الكتابة ما بعد كورونا ستنشغل بأسئلة المصير والوجود

الشاعر جمال القصاص
الشاعر جمال القصاص

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بــ "الكورونا" وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا. وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه علي الأدب، عليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه علي الكتابة فيما بعد، أو حتي تداعياته والتأثير الذي تركه علي العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها.. في محاولة لاستشراف عالم الغد.

حول شكل العالم ما بعد فيروس كوفيد 19 المستجد وتأثيره علي الكتابة والإبداع٬ قال الشاعر جمال القصاص:"أتصور أن مرحلة ما بعد كورونا ستتسم بمراجعة شاملة ودقيقة، لكل شييء في الحياة، خاصة بعد أن فرض هذا الوباء على البشر في كل مكان وزمان، نمطا غير مسبوق على معادلة البشر والحياة، حتى أصبح الاختباء من الحياة نفسها قناعا لصيانتها والتشبث بها، وفي الوقت نفسه سلاحا للمقاومة، أصبح هو الممكن الإنساني الوحيد، في غيبة عدم توصل العلم بشتى معامله وبحوثه وتجاربه لعلاج حاسم لهذا الفيروس الفتاك.

واضاف "القصاص": خانة ضيقة من رد الفعل، فُرضت قسرا على الدول والحكومات والشعوب، وبات الخروج منها، أو محاولة كسرها محفوفا بمخاطر الهلاك.وللأسف في هذه الخانة الضيقة، تعرت أنظمة وسياسات وأيدلوجيات وعقائد وثقافات، بينما ارتفع سقف الصراخ والعويل، من أجل أن يظل الوجود معتقلا أو رهن الاعتقال في هذه الخانة المعقدة الصعبة، ومن أجل أن يخفف العالم من أنانيته، خوفا أن تصبح هذه الأنانية الجغرافيا البديلة للبقاء فوق ظهر هذا الكوكب.

على مناخ الكتابة والإبداع، من الطبيعي أن ينعكس "الزمن الكوروني" بكل هذه التداعيات المأساوية، بداية من إعادة النظر في مفهوم الكتابة نفسه، لتلتصق أكثر بالواقع، ولا تتحايل عليه بوسائط مجازية هشة مستعارة ومقحمة، مثل الخرافة والأسطورة وغيرهما، فما حدث على مسرح هذا الزمن لا تعلوه خرافة أو أسطورة أخرى، لقد أصبح الرعب والخوف من هول المأساة بمثابة لغة غير منطوقة وعارية، جرفت بإيقاعها النفسي الحارق كل المحسنات البديعية والفكرية، حتى كوسائل للتسلية ووالترفيه.
لذلك أرى أن الكتابة ما بعد كورونا ستنشغل بأسئلة المصير ومعنى الوجود على نحو أوسع وأعمق، وسيتم طرحها كأشياء صغيرة وبسيطة، تشكل وعاء للنص٬ وذاكرته المفقودة التي خطفها هذا الوباء، ولوثها بطريقة ماكرة، أفقدت العقل بداهته وبرهانه.