رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سمير درويش: «الحجر الطوعى» تجربة جديدة على هذا الجيل

الشاعر سمير درويش
الشاعر سمير درويش

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بــ "الكورونا" وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا. وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه علي الأدب، عليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه علي الكتابة فيما بعد، أو حتي تداعياته والتأثير الذي تركه علي العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها.. في محاولة لاستشراف عالم الغد  .

في البداية يقول الشاعر "سمير درويش": الأوبئة التي مرت على الكون عبر تاريخه، وحصدت أرواح آلاف وملايين من الناس، تركت جروحًا عميقة في نفوس أحبابهم الذين نجحوا في الاحتفاظ بأرواحهم، وكذلك الحروب الكبرى الغبية التي اندلعت إرضاء لنزوات قادة مغرورين ومتهورين، دون دفاع عن مبدأ أو قضية، ومثلها الزلازل والبراكين والفيضانات. لكن يجب أن نعترف أننا أوفر حظًّا من أجدادنا، لأن العلم تقدم كثيرًا، والمعامل حول العالم تشهد تحركات متسارعة لاكتشاف مصل لفيروس كورونا، فننجو.

نحن نعيش حالة استثنائية الآن بالجلوس في بيوتنا، والاعتناء بنظافتنا، والحرص على عدم ملامسة الأشياء التي قد تنقل العدوى إلينا، وبترقبنا للأخبار بشكل لحظي: سواء عدد المصابين يوميًّا حول العالم، أو أخبار من شفوا ومن ماتوا.. الحياة على هذا النحو لا تعطيك فرصة لترى ما خلفها، أو لتفكر فيما سيحدث، لأنك ببساطة يمكن ألا تكون موجودًا حين يحدث!.

هل سيتغير العالم؟ لا أعتقد، الناس سيكونون حزانى لفقد أحبتهم، لا قدر الله، لكن الحكومات ستعود سريعًا لأطماعها ونزاعاتها -هي لم تتوقف أصلًا!-، وسيظل العالم مقسَّمًا بين أغنياء وفقراء، وسيظل رجال الدين يجذبون الناس إلى الوراء، وهم يفعلون ذلك في عز اشتداد الأزمة بالفعل! الفيروس لم يهذب الناس ولم يجعلهم يقتربون ويتناسون مشكلاتهم الشخصية والنفسية، راقب تصريحاتهم واتهاماتهم بعضهم بعضًا، واستعدادهم للتضحية بغيرهم ليعيشوا هم!.

أتصور أن كتبًا كثيرة ستصدر عن الفيروس، وعن المشاعر التي صاحبته، وعن يوميات الناس في الحجر الاختياري، وبعضها بدأ يظهر بالفعل، أولًا على شكل تدوينات -قصيرة وطويلة- على فيس بوك، ثم انتقلت إلى كتب سريعة وعشوائية، معظمها تحت عنوان واحد "الحب في زمن الكورونا"، على وزن "الحب في زمن الكوليرا" لماركيز، وهذا التطابق كاشف عن السرعة و(البرانية)، والنزعة التجارية.

الكتابة الحقيقية عن الوباء وتجلياته وأحاسيسه لن تكون قريبة، سيحتاج الكاتب إلى سنوات كي يستوعب ويكتب، ووقتها سنشهد أعمالًا مهمة، طبعًا لا أتوقع أن يكون لي عمل منها بحكم السن على الأقل..
بالتأكيد ستدخل مفردات مستجدة إلى الأعمال الأدبية، مثل كورونا وكوفيد، وستنتشر مشاعر الحزن والفقد والرعب، لكن لا أتصور أن أشكال الكتابة التي نعرفها ستتغير كليًّا، فنحن لا نزال في مراحل التجريب أصلًا، سواء في قصيدة النثر أو الرواية الجديدة.
أتمنى ألا يحدث أي شيء مما كتبته، وأن نصحو غدًا ببشرى أن هذا الكابوس انزاح، وأنه يجب أن نعود إلى حيواتنا الطبيعية.