رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقدم مصوري أسوان: «السادات» أبرز شخصية صورتها.. والصور زمان كانت أحلى

صورة من الحدث
صورة من الحدث


على الرغم من تقدم وسائل التكنولوجيا في الفترة الحالية، إلا أن هناك ذكريات قديمة تظل عالقة بذاكرتنا وتربطنا باللحظات السعيدة التي عشناها في الماضي لم يكن هناك أي تدخل لهذه الوسائل، لكننا نتذكرها حين نشاهد الصور الفوتوغرافية القديمة التي تم التقاطها بالاستوديوهات المخصصة للتصوير في ذلك الوقت، ومع استرجاع هذه الذكريات، لابد أن نتذكر المصدر الرئيسي لتوثيقها، وهو المصور الفوتوغرافي، وفي هذا الصدد التقت "الدستور" واحدًا من أقدم مصوري أسوان، ليحكي لنا عن المراحل القديمة للمهنة.

"بالرغم من تقدم وسائل التكنولوجيا واستخدام بعض التقنيات الحديثة لتعديل الصور بطريقة سهلة، وشكل الصور لطيفة، إلا أنه لا يوجد بها حياة، مع أن كانت الإمكانيات ضعيفة وتصليح العيوب في الصور يتم يدويًا"، هكذا بدأ حديثه فوزي توفيق مرقص حديثه مع "الدستور" من أقدم المصورين في مدينة أسوان، البالغ من العمر 86عامًا، الذي بدأ مهنة التصوير في القاهرة منذ الخمسينات من القرن، وبعدها انتقل إلى أسوان في الستينيات وشارك زميل له في افتتاح ستوديو خاص للتصوير، وكان وقتها موقعه على كورنيش النيل ويختلف عن الوضع الحالي، وإن كان في ذلك الوقت يتراوح عدد المصورين ما بين 3 أو 4 فقط ومعروفين، معقبًا: "لكن الشغل وقتها كان كويس ومعقول".

وأضاف لـ "الدستور"، أن بعد ذلك تمت عملية ردم للنيل وكان متاحًا وقتها تأجير عدد من المحلات التي تطل على كورنيش النيل مباشرة، وفي عام 1976قرر الانفصال عن صديقه، وافتتح ستوديو خاص به أطلق عليه "فوزى" على اسمه، واستأجره في ذلك الوقت بمبلغ 35 قرشًا، واستطاع أن يصنع له زبائنه الخاصة، قائلًا "وربنا فتح عليا"، ولكن كانت الصور في ذلك الوقت أبيض وأسود، مشيرًا إلى أن من أبرز الذكريات العالقة في ذهنه ولم يستطيع نسيانها، أول مرة يصور بها بالألوان وكان خلال تنظيم شركة عمر أفندي لأحد عروض الأزياء بحضور 2 من عرضات الأزياء العالميات.

وقال "فوزي": "زمان كان يتم إصلاح العيوب الموجودة في الصور وإظهار الملامح بشكل يدوي، وكانوا يطلقون عليها الرتوش، والزبائن كانت تستلمها بعد مدة تتراوح ما بين يومين لثلاثة أيام، وذلك بعد تحميض الفيلم والوصول لمرحلة الجفاف، لكي أدخل التصحيح سواء في الملامح أو الملابس على حسب رغبة الزبون.

وأشار أقدم مصوري أسوان إلى أن المراحل التي تمر بها الصورة بعد التقاطها كانت كالتالي: التحميض ويتم عن طريق استخدام 3 أحواض، الأول به تفاعل بين 5 مواد كيميائية يتم تقليبهم بمعايير معينة ويتركه لمدة دقائق، ويطلق عليه "المظهر" وغرضه إظهار الصورة، ولابد أن يكون داخل غرفة مظلمة، أما بعدها يتم غسلها داخل حوض المياه لمدة دقيقتين، حتى يتم إزالة مادة الإظهار نهائيًا.

وتابع لـ"الدستور"، أن المرحلة الثالثة للتحميض، يتم وضعه في حوض "المثبت" لكي يتم تثبيت الصورة في فيلم الشيت، ثم يتم غسلها مرة أخرى وتعليقها حتى تجف، وبعدها يتم العمل على ملامح الوجه والتي يطلقوا عليها "النيجاتف" لكي تصبح الصورة خالية من الشوائب، ويتم ذلك من خلال استخدام نوع معين من الزجاج توضع عليه الصورة، ويتم دهان المكان المراد تصحيحه في الصورة بمادة زيتية بكمية خفيفة جدًا، بالإضافة إلى أنه يستخدم نوعًا معينًا من الأقلام لإخفاء العيوب على حسب رغبة الزبون.

وأشار، إلى أن بعد هذه المرحلة بمدة ظهرت الصور الصور الملونة، ولكن كان يتم تلوينها يدويًا باستخدام الألوان بطريقة معينة، والصور كانت مليئة بالحياة مقارنة بالوقت الحالي، على الرغم من التطور التكنولوجي، إلا أن الماضي كان أجمل بكثير، موضحًا أن وقتها كانت توجد أنواع متعددة من ورق الطبع، وتحتوي العلبة على 100 ورقة، وسعرها يتراوح ما بين 50 لـ55 قرشًا.

وذكر فوزي توفيق مرقص، أحد أقدم مصوري أسوان، أن من أبرز الشخصيات الهامة الذين صورهم في أسوان هو الرئيس الراحل أنور السادات، وذلك عند زيارته لمدينة أسوان بعد تحقيق انتصارات أكتوبر المجيدة، وكان يرافقه في ذلك الوقت هلموت اشمت رئيس ألمانيا، وكارتكر رئيس أمريكا، فضلًا عن محمد سياد برى رئيس الصومال، وأنه التقط الصور لهم في المطار، قائلًا: "كان وقتها الجامعات الإسلامية عاملة حملة على السادات، وحد قالي أوعى تعلق الصور دي، قولتلهم ازاي دول أربع رؤساء وأنا اللي صورتهم"، مشيرًا إلى أنه التقط صورًا للسادات أيضًا أثناء لقاءه مع الرئيس الإسرائيلي في فندق أوبروي أحد الفنادق الشهيرة بمدينة أسوان، وكان وقتها يجلس السادات رفقة الرئيس الإسرائيلي في شرفة الغرفة، والتقط لهم الصور من خلف زجاج الغرفة، ولم يكن هناك أي حد موجود من المصورين غيره.

وأضاف لـ "الدستور"، أنه بعد وضعه لفيلم الصور في الاستوديو الخاص به، فوجئ باختفاء الفيلم نهائيًا، وعلى الرغم أنه بحث عنه كثيرًا ولكنه لم يجده في ذلك الوقت، وحزن كثيرًا عليه في ذلك الوقت، قائلًا: "معرفش ازاي اختفى من المحل، بعدها قولت يارتني ما كنت سبته هنا كنت أخذته معايا البيت"، لافتًا إلى أن من الشخصيات الهامة التي التقط لهم الصور أيضًا المحافظين السابقين لمحافظة أسوان، وغيرها من االصور التذكارية لمراحل بناء مشروع السد العالي.

وفى سياق متصل قالت ابنة أحد أقدم أصحاب الاستوديوهات بمدينة أسوان، إن أشقائها توارثوا المهنة عن والدها وتوارثتها منهم، وأنها تعمل في المهنة منذ 11 عامًا، وأنها التحقت للعمل بالاستوديو الخاص بوالدها بعد انتهائها من المراحل التعليمية، إلا أنها كانت في الماضي تكتسب الخبرات عن التصوير من العاملين به، موضحة أن أول عملها كانت تلتقط الصور من خلال الكاميرا بنظام الفيلم، وبعدها تتم عملية المرور على الأحماض من خلال ماكينة مخصصة لتثبيت الألوان ويتم استخراجها جافة، ثم يتم طبعها، قائلة: "كان من خلال العدسة بنعمل تيست للألوان على الماكينة يعنى الألوان بالبركة، بعدها بيطلع كل الفيلم بنفس الألوان.

وأوضحت لـ"الدستور" أن مع التطور التكنولوجي اختلف الوضع، وأصبح أفضل كثيرًا من السابق من وجه نظرها، ويمكن للشخص استلم صورة بشكل أسرع من السابق أيضًا، وجميع الإصلاحات التي كانت يتم تنفذها على المكان، يتم عملها حاليًا باستخدام "الكمبيوتر"، لافتة إلى أن الاستوديو ما زال حتى الوقت الحالي بنفس شكله القديم ولم يقوموا تحديثه، حيث أنه يتم الالتقاط الصور فقط، وكافة الأعمال بعدها وتغير الخلفيات على الكمبيوتر.