رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث في الشأن الليبي: الجيش الوطني مستعد لأي تدخل تركي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حقق الجيش الليبي تقدمًا واسعًا نحو قلب العاصمة طرابلس، فقد اقتربت قواته اليوم الأربعاء، من منطقة بوسليم بطرابلس بعد هجوم شنته القوات المسلحة في المحاور المؤدية للحي الاستراتيجي في طرابلس، وسط فرار من قبل الجماعات المسلحة في انتظار الدعم التركي الذي طلبه فائز السراج رئيس حكومة الوفاق تفعيلًا للاتفاقيات الأمنية والعسكرية التي وقعها مع الرئيس التركي نوفمبر الماضي.

وقال رضا شعبان، الصحفي والباحث المختص بالشأن الليبي، لـ«الدستور»، إن البرلمان الليبي تحرّك لمواجهة تركيا بطريقة رد الفعل وليس المبادر وهذا غير كاف لإحباط التدخلات التركية، فبالرغم من أن البرلمان الليبي هو الجهة الشرعية المنتخبة الوحيدة في البلاد، إلاّ أن ردّات فعله جاءت متأخرة قليلًا على هذا التدخل التركي السافر في الشئون الليبية منذ 2014، وهذا التأخر فاقم التدخل التركي إلى أن وصل لمرحلة هذا الاتفاق المشبوه الذي أبرمه السراج مع أردوغان نهاية نوفمبر الماضي.

واعتبر شعبان أن تأخر تحرك البرلمان في مواجهة العبث التركي كانت له أسبابه القهرية إذ كانت هناك قوى دولية كبرى تراهن على الاسلام السياسي وميليشياته وتنظيماته الإرهابية التي كانت تسيطر على المؤتمر العام في ليبيا وحين خسرت الرهان في الانتخابات البرلمانية في يوليو 2014 بخسارة الإسلاميين، عبرت تلك القوى الدولية عن صدمتها في شكل تكبيل حركة البرلمان المنتخب الجديد وقتها وحاربته بطرق شتى، وفرضت حظرًا على تحركات رئيسه المستشار عقيلة صالح حتى تعطي الفرصة للتنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها ومنها تركيا في تقوية ذاتها، لتكون طرفًا في المشهد السياسي الليبي بقوة السلاح.

تعليقًا على استعداد الجيش الليبي لإعلان تركيا إرسال قوات إلى ليبيا، كشف شعبان عن أن الجيش الليبي يستعد لذلك منذ فترة لأن القيادة العامة للجيش كانت ترصد المشهد بعمق منذ عام 2014 وانطلاق عملية الكرامة فمن الناحية العسكرية اهتمت القيادة العامة للجيش بتدريب الجنود بشكل عالي ومحترف، إضافة إلى زيادة أعدادهم بتخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية، أضف إلى ذلك تراكم الخبرة لدى القيادات العسكرية مع تجهيزات عالية في الرصد من خلال الأجهزة الاستخباراتية، وإلى جانب ذلك زيادة أعداد الطائرات الحربية المقاتلة التابعة للجيش والتي دخلت الخدمة مؤخرا بعد صيانتها وتجديدها بالكامل.

وشدد شعبان على أن أقوى سلاح يملكه الشعب الليبي وجيشه وهو سلاح العقيدة والكرامة الوطنية إلى جانب الثأر التاريخي من المحتل العثماني الذي ارتكب أبشع الجرائم في حق الليبيين إبّان احتلاله ليبيا وتركها هاربًا عام 1911 وسلم المقاومة الوطنية الشريفة بقيادة المناضل عمر المختار لمحتل جديد.

ردًا على لجوء التنظيمات الإرهابية في طرابلس إلى أسلوب العربات المفخخة والانتحاريين، أشار الباحث في الشأن الليبي إلى أن الجيش الليبي لديه خبرة كبيرة وكافية في التعامل مع التنظيمات الإرهابية العالمية وحروب الشوارع من خلال مواجهتهم في شرق ليبيا من 2014- 2018 في درنة وبنغازي والجنوب، حيث واجه جميع الفصائل والتنظيمات والأجنحة المسلحة لجماعة الإخوان بما فيها تنظيم داعش والقاعدة وكبدهم الجيش فيها خسائر تفوق الحصر والوصف في العناصر والآليات والذخيرة.

وكشف المختص في الشأن الليبي عن أن أهم المناطق الاستراتيجية التي حررها الجيش من سيطرة الميليشيات والتنظيمات الارهابية منطقة صلاح الدين التي سيطر عليها بشكل كامل، ووصل إلى مبنى الجوازات الذي يبعد عن قلب العاصمة حوالي كيلو واحد، ومن ناحية عين زارة وصل الى منطقة الهضبة التي لا يفصلها عن أكبر أحياء طرابلس وهو حي بو سليم سوى 3 كيلو مترات، فقط، كما يحاصر الجيش الليبي ميليشيات السراج في مناطق العزيزية ومدينة غريان ومدينة الزاوية، ومن الجهة الأخرى يحاصر الجيش الليبي منطقة تاجوراء التي تتمركز فيها ميليشيات مسلحة بشكل كبير.

وأكد شعبان أن مصر لعبت دورًا محوريًا ومبدئيًا في ايصال حقيقة الصراع في ليبيا للأطراف الدولية الفاعلة، ومنها أوروبا، ما أدى إلى تحول فعلي في الموقف الأوروبي الذي يقترب من التوحّد لإعادة استقرار ليبيا خشية تمدد الإرهاب إلى أوروبا، كما أنه منذ توقيع الاتفاق المشبوه بين السراج وأردوغان في المجالين البحري والأمني استشعرت أوروبا خطر وجود غطاء سياسي لتنظيمات إرهابية يتمثل في حكومة السراج على ساحل أوروبا الجنوبي، وأعلنت كل من إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا ايفاد وزراء خارجيتها إلى ليبيا 7 يناير المقبل، لوضع حد للازمة الليبية المتفاقمة والتي تهدد مصالح وأمن أوروبا.

أشار شعبان إلى أن الموقف المصري هو أكثر المواقف العربية تقدمًا، حيث إن ما يحدث في ليبيا مستهدف به في المقام الأول أمن مصر القومي وهو ما تدركه القيادة السياسية والرئيس عبدالفتاح السيسي، واختارت مصر منذ البداية الانحياز للمبادئ العليا التي تحكم الجوار ووقفت بجانب الخيارات المشروعة للشعب الليبي والمؤسسات الشرعية الليبية المعبرة عنها، وساعدتها سياسيًا في توضيح الرؤية والصورة الحقيقية للصراع دوليا.

وبالنسبة إلى موقف جامعة الدول العربية خلال اجتماعها الطارئ، أمس الثلاثاء، اعتبر أنه جاء أقل من طموحات الشعب الليبي حيث أكد بيان الجامعة مرجعية مؤتمر الصخيرات عام 2015 كأساس للحل وهو ما أحبط الليبيين الذين يعتبرون أن بداية تخريب ليبيا كانت من مؤتمر الصخيرات الذي ساوى بين الجهات الشرعية الليبية وفصائل مسلحة منقلبة على شرعية الصندوق مؤتمر الصخيرات ساوى بين البرلمان ومؤسساته المنبثقة عنه مثل الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر وبين ميليشيات وتنظيمات إرهابية فرضت نفسها بقوة السلاح على الساحة الليبية بعد خسارتها في انتخابات عام 2014، وراحت تلك التنظيمات تقصف المطارات وتسيطر على الوزارات والمؤسسات الحكومية في طرابلس وساومت عليها ما أنتج حكومة السراج.