رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موسوعة فنادق القاهرة والإسكندرية بعهد محمد علي في رسالة دكتوراه

جريدة الدستور

تناول الباحث الدكتور محمد حمودة عبد العظيم المدرس في قسم الآثار شعبة الآثار الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا، تاريخ بناء الفنادق والبنسيونات في القاهرة والإسكندرية وذلك في رسالته للدكتوراه والتي ناقشها بجامعة المنيا بعنوان"التأثيرات الأوروبية في عمارة فنادق مدينتي القاهرة والإسكندرية في عهد أسرة محمد علي من 1805- 1952".

ترجع أهمية هذه الدراسة والتي لا يعد من المبالغة وصفها بالموسوعة التاريخية والأثرية الموثقة، أنها تناولت بالحصر والوصف والوثائق عدد 1171 فندق وبنسيون في ثمان مجلدات بين أربع مجلدات متن تبلغ عدد صفحاتها 1820 صفحة، وتضم 1000 مصدر أجنبي معاصر لبناء الفنادق من عام 1805- 1952 بلغات إنجليزية وفرنسية وألمانية وإيطالية وهولندية وإسبانية كلها تمت ترجمتها، فضلًا عن أربعة كتالوج تضم أشكال وخرائط ولوحات في حوالي 1735 صفحة وحوالي 3020 لوحة وشكل وتخطيط وخريطة.

كما تتبنى الدراسة نمط الترتيب التاريخي داخل كل فندق من فنادق الدراسة لإعطاء صورة كاملة ومتصلة عن الفندق موضع الدراسة لتتبع تطوره وذكر الرحالة للفندق أو إقامتهم به، والتعرف علي موقع الفندق وملكيته وتجديداته وتطوره من النشأة للانحسار، ودراسة الآراء المتباينة أو غير الدقيقة أو المختلطة أو غير الصحيحة ومتابعة التطور الفني والمعماري ووسائل الترفيه والحداثة التي يستحدثها الفندق في الغالب سنويا.

هذا بالإضافة الي تتبع الباحث للمنهج التاريخي في الدراسة التحليلية من خلال دراسة تطور الطرز المعمارية والزخرفية الأوروبية من الأقدم الي الأحدث مع مقارنتها بفنادق مصر وعناصرها المعمارية والزخرفية وأمثلتها الموجودة من الأقدم إلى الأحدث.

قام الباحث بالوصف الفني والمعماري لكل الفنادق موضع الدراسة وذلك من الفنادق الباقية او المندثرة التي أمكن التعرف عليها من خلال الصور او اللوحات القديمة او الوصف من خلال كتابات الرحالة للمباني التي ليس لها صور او تخطيط او لوحات.

كما قام الباحث بوصف كل فندق علي حدة، معتمدا على تحليل النصوص التاريخية والتأثيرات الأجنبية الوافدة علي مصر وأنواعها وعلاقة ذلك بالملكية والإدارة، وأثرها علي الطراز المعماري للفندق والمهندس المعماري الذي يقوم بالبناء او التصميم، بالإضافة الي تحليل الطرز والعناصر المعمارية والزخرفية في أوروبا وتأصيلها ومقارنتها وأثرها في عمارة فنادق مصر لكل الطرز المتعلقة بعمارة فنادق مصر.

وقال الباحث الدكتور محمد حمودة في تصريحات للدستور أن الرحالة الرحالة الأجانب الذين زاروا مصر أشاروا أن الفنادق عُرفت في مصر في القاهرة منذ النصف الأول من القرن الثامن عشر، حيث كانت القاهرة تضم نزل السياح الأجانب في عام 1735، كما ذكرت مصادر ومذكرات نابليون أنه شجع على تأسيس وسائل الترفيه والمقاهي والنزل والفنادق بالقاهرة لتسلية الجنود الفرنسيين ".

وأضاف أن الاحتلال الإنجليزي أثر على التطور والتوسع في إقامة الفنادق في مصر وخاصة القاهرة والإسكندرية، وذلك لأن غالبية الفنادق كانت تعتمد في غير مواسم السياحة على الجالية الإنجليزية المقيمة في مصر، وخاصة الجنود الإنجليز وتقدم لهم أسعار وإمتيازات خاصة فتوسعت حركة الفنادق وازدادت بعد عام 1882، وشيدت على أحدث وسائل الترفية والحداثة المعروفة في أوروبا وإنجلترا خاصة، وكانت توجد أسعار وامتيازات خاصة للضباط الإنجليز عند اقامتهم في الفنادق.

وأشار حمودة أن الفنادق الأولى أسست في عهد محمد علي بشكل بسيط وبعضها قام على تحويل البيوت والقصور الشرقية المشيدة على الطراز الإسلامي المملوكي إلى فنادق لإقامة الأجانب، وعند التوسع في إقامة الفنادق تأثر تخطيط الفنادق الأولى بالعمارة الإسلامية، وخاصة الخانات القديمة، والتي كانت تعتمد على فناء مركزي رئيسي في الوسط تلتف حوله غرف الزلاء وحواصل التخزين وكان هذا التخطيط جوهريًا ورئيسيًا لمعظم الفنادق في مصر في القرن التاسع عشر التي شيدت حتى على الطراز الأوروبي الخالص.

وأشار إلى أن الطراز العربي أو الإسلامي المملكوي المحلي أثر على عمارة الفنادق في القاهرة والإسكندرية، وكانت أقدم أمثلته في فندق النيل عام 1836، بالموسكى، أما أروع أمثلته في فندق مينا هاوس في قاعة الطعام التي نفذها الإنجليزي هنري فافرجر مهندس الفندق عام 1888 وكتب عنها مقال في عام 1892 تقدم به إلى مجلة العهد الملكي البريطاني للمعماريين للحصول على عضوية المعهد نظير نجاحه في هذا التصميم، وهو ما حصل عليه بالفعل وقد صمم القاعة على الطراز المملوكي لمسجد قايتباي بالقرافة ومطعم هولبورن في لندن وأخذ بابها الرئيسي من سبيل عربي إسلامي في درب الجماميز، كما شيد قاعة الطعام بفندق كتراكت الذي صممه في أسوان على نفس الطراز، كما أثر الطراز المصري المحلي الفرعوني على عمارة فنادق مصر ومن أهم نماذجه فندق شيبرد الثالث.

يقول الدكتور محمد حمودة أنه يسعى لطباعة رسالة الدكتوراة في منفذ نشر محلي إما بالتعاون مع الهيئة العامة للكتاب أو مكتبة الإسكندرية لكن ضخامة الدراسة والتي تقع في ثمان مجلدات أصبحت تمثل عائق أمام نشرها في المنافذ المحلية المصرية، والتي نرى أنه سبب مثير للدهشة كون ضخامة العمل ناتج عن موسوعيتها واهتمامها بالتوثيق البصري والوصفي والذي يعد أحد أهم ميزاتها وليست عوائقها.