رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لينا مظلوم تكتب: صفعة قادمة تنتظر أردوغان

لينا مظلوم
لينا مظلوم

الهزيمة الثقيلة التى أصابت داعش فى غرب العراق وشرق سوريا أنهت مرحلة «التمكين».. لتبدأ مراحل «التجميع» و«التجنيد» وعمليات الخلايا الصغيرة المنتشرة فى دول العالم. العوامل التى خلقت داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، بدعم أمريكى مباشر أو غير مباشر، ما زالت موجودة.. بالإضافة إلى وجود بؤر الصراع والتوتر وهى تشكل ملاذًا مناسبًا للتمركز وإعادة التجمع.. لعل أخطر ما جاء فى آخر تسجيل لـ«أبوبكر البغدادى» رسالة مفادها الإعلان عن رغبة التنظيم فى توسيع مساحة حدوده الجغرافية.

داعش إلى أين؟.. ملف شائك ما زال العالم يحاول فك خيوطه المتشابكة بكل النتائج الكارثية التى أفرزتها جرائمه. «الظاهرة الصوتية» أو رجب طيب أردوغان سارع حينها بالتعبير علنًا عن أوهامه الحمقاء حول نقل مقاتلى داعش من سوريا، عبر تركيا، إلى سيناء! الرد الحاسم على هذه الخرافات كان بمثابة صفعات وجهت لـ«أردوغان» مع النجاحات التى يحققها يوميًا الجيش المصرى فى تطهير سيناء من التنظيمات الإرهابية وتحجيم قدرتها على القيام بالمزيد من العمليات، رغم صعوبة الطبيعة الأمنية والجغرافية لهذه الحرب.

تأكيد الرئيس الروسى بوتين حدوث عمليات ترحيل ونقل عناصر إرهابية من محافظة إدلب السورية إلى ليبيا عبر أنقرة بدعم رسمى تركى، ثم لقاؤه وزير خارجية إيطاليا حول هذا الملف تحديدًا، هو إضافة إلى ملف يضم العديد من الأدلة على هذا التورط. اندفاع الرئيس التركى إلى «اللعب على المكشوف» فى الملف الليبى هو تكرار لخطة بدأت من تسهيل دخول عناصر داعش إلى سوريا لضرب الأكراد.. الآن يلجأ «اليائس» أردوغان إلى استخدام هذه القنبلة الموقوتة كورقة إنقاذ أملًا فى تحقيق أى خطوة تعيد شعبيته الضائعة فى تركيا، حيث أقر بالدعم الذى يقدمه إلى حكومة فايز السراج فى ليبيا أمام الصحفيين، مؤكدًا حصول الأخيرة على الدعم المطلق ردًا على طلب السراج من تركيا التدخل واحتلال ليبيا!، بالإضافة إلى تقرير فى صحيفة «وول ستريت جورنال» يفضح الدور المشبوه الذى يلعبه نظام أردوغان عبر انحيازه السافر لحكومة السراج الخاضعة لسيطرة الميليشيات المتطرفة، واستغلال الأزمة الليبية فى صراعات الرئيس التركى مع خصومه فى المنطقة.

اقتصاديًا.. يسعى أردوغان إلى تحريك الأزمة الخانقة التى تعصف بالاقتصاد التركى عن طريق دعم حكومة السراج كضمان يتيح لتركيا استكمال عقود مشروعاتها فى البنى التحتية التى تصل تكلفتها إلى ١٨ مليون دولار، بعدما توقفت مع قيام الثورة الليبية التى أطاحت بالرئيس السابق معمر القذافى. دعم حكومة السراج أيضًا يمنح تركيا مساحة أكبر للتحكم فى ملف ترسيم الحدود البحرية.. إذ تسعى الأخيرة إلى زيادة مساحة مياهها وتقوية موقفها للسيطرة على الغاز فى شرق البحر المتوسط حتى عن طريق الاعتداء الصريح على حقوق الدول المجاورة، «قبرص»، رغم إعلان الاتحاد الأوروبى البدء فى تنفيذ أول عقوبة على تركيا بسبب استمرار عمليات الحفر البحرية فى منطقة شرق البحر المتوسط.

ارتباط الميليشيات المسلحة فى ليبيا بحزب العدالة والتنمية التركى يشكل الحافز السياسى لدعم أردوغان هذه التنظيمات وتمكينها من السيطرة على مقدرات الدولة الليبية بعدما تلقى ضربة فشل أوهام صورت له إمكانية خلق هذا «الكابوس» فى مصر! التى ما زالت تشكل العقدة الأكثر إيلامًا عند أردوغان، ما دفعه إلى خوض هذه المغامرات الخاسرة كمحاولة للاقتراب من الحدود المصرية غربًا. يقظة الجيش المصرى، تحديدًا القوات الجوية، لم تغفل عن توجيه ضربات منتظمة تستهدف محاولات هذه الميليشيات التسلل أو تهريب الأسلحة.. فى ذات الوقت، مصر معنية بنجاح عمليات الجيش الوطنى الليبى العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية والعمل مع شريك قوى على تأمين الحدود المشتركة. وإعادة الاستقرار الأمنى إلى ليبيا تمهيدًا لقيام عملية سياسية تحسمها إرادة الليبيين دون مؤثرات خارجية.

إقحام أردوغان نفسه على الملف الليبى عبر مسارات متعددة.. إرسال الأسلحة والخبراء والمقاتلين، إعادة مقاتلى داعش الذين اتجهوا من ليبيا عام ٢٠١٤ نحو العراق وسوريا مجددًا إلى ليبيا. تداعيات هذه المغامرة ستشكل تهديدًا إقليميًا ودوليًا خطيرًا، خصوصًا أن عامل الطبيعة الجغرافية للصحراء الليبية يضاعف من صعوبة ملاحقة عناصر داعش هناك، ما قد يشتت حرب الجيش الوطنى الليبى ضد هذه التنظيمات فى طرابلس وقدرته على تأمين الحدود.. فى المقابل، الواقع الأمنى الذى فرضته نجاحات الجيش المصرى سواء فى سيناء أو الحدود الغربية يؤكد أنه سيكون الحائط الصلب الذى ستتحطم أمامه أوهام أردوغان بمضاعفة الضغوط على الجيش المصرى غربًا أو تهديد الاستقرار الأمنى فى مصر.