رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"البياضي" يكشف عن الأهمية التاريخية لآثار بحيرة البردويل بسيناء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كشف الدكتور سامي صالح البياضي المتخصص في تاريخ سيناء ومدير عام شئون مناطق آثار شمال سيناء بوزارة الآثار، عن الأهمية التاريخية لآثار بحيرة البردويل التي تعد أهم أقسام سيناء الجغرافية.
جاء ذلك خلال فعاليات الندوة التثقيفية التي نظمها المجمع الإعلامي بمدينة بئر العبد بشمال سيناء اليوم الثلاثاء تحت رعاية اللواء أمجد إبراهيم مدير عام بحيرة البردويل ؛ وذلك بحضور نخبة من المتخصصين والخبراء وعدد كبير من أهالي سيناء.
وقال البياضي: "إن شبه جزيرة سيناء تعد بوابة مصر الشرقية على مر العصور التاريخية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا، فمنها جاءت جميع الحملات الحربية التي تريد السيطرة على مصر".. مشيرا إلى أن الساحل الشمالي الذي تشغله بحيرة البردويل يقع ما بين مصب وادي العريش ومصب الفرع البيلوزي الطيني أحد أفرع النيل السبعة الذي كان يصب في شمال غرب سيناء.
وأضاف: إن بحيرة البردويل عرفت قديما في العصور الكلاسيكية باسم بحيرة (سربون، أو سربونيس) وفي العصور الوسطى سميت باسم (سبخة بردويل) نسبة لملك مملكة بيت المقدس بردويل "بلدوين الأول" (493-512هـ1100-1117م ) الذي عرف في مصادر العصور الوسطى العربية بهذا الاسم.
وعن سبب تسميتها بهذا الاسم..أوضح البياضي أنه عند قيام الملك "بلدوين الأول" بحمله على مصر في عام 511هـ1118م هاجم الفرما وأحرقها، وفي طريق العودة توفي بهذه السبخة فأخرجت أحشاؤه ورميت في المنطقة وبعدها سميت سبخة بردويل ومنها جاء اسم بحيرة البردويل بعد ذلك حتى يومنا هذا.
وحول أهمية بحيرة البردويل في مصر القديمة..أكد الباحث الآثري أنها ارتبطت ارتباطا وثيقا بتاريخ الساحل الشمالي من شبه جزيرة سيناء فمع بداية العصور التاريخية على أرض سيناء ازدهرت طرق الحرب الدفاعية والتجارة بين مصر وجيرانها عبر سيناء، فيزدهر طريق حورس الحربي الذي يساير حواف بحيرة البردويل ونجده منقوشا في نقوش سيتي بمعبد الكرنك في الأقصر، حيث كانت تحصنه 12 قلعة تم تحقيق بعضها من خلال الكشوفات الأثرية التي أُجريت وتجري على أرض سيناء سواء أثناء الاحتلال ومنذ تحريرها.
وقال: إنه عقب ذلك اهتم اليونانيون والرومانيون بالتمركز على ساحل سيناء الشمالي بمحاذاة البحر المتوسط، وقيامهم بتشييد مراكز عمرانية جديدة أو إعادة استخدام مركز كانت معروفة من قبل مثل تل الحير "مجدول"، والفرما "بلوزيوم" والمحمديات "جارا" وجزيرة وكثيب القلس "تل كاسيوس"، والفلوسيات "اوستراكين"، والعريش "روينكلورا"أي مجزوعي الأنوف، والشيخ زويد "بلنيوم، بينايم" أي زهرة المباهج، وقَلْعَة لحفن وغيرها.
واضاف: أنه في العصر البيزنطي كان يوجد حصن مدينة الفلوسيات "إوستراسين، إوستراكين " على أطراف بحيرة البردويل الشرقية، حيث تم اكتشاف المدينة المحصنة والمساكن والمقابر وثلاث كنائس بازيليكية.
وعن أهمية بحيرة البردويل في العصور الإسلامية المتعاقبة..أشار البياضي إلى أنه تم فتح القسم الشمالي من شبه جزيرة سيناء المساير لأطراف بحيرة البردويل على يد عمرو بن العاص عام 18هـ640م مرورًا برفح والعريش ثم الطريق المار جنوب بحيرة البردويل، والفرما متخذا طريق الرمل طلبا لتوافر آبار المياه وبعدا عن الساحل لوجود الحاميات الرومانية..موضحا أن هذا الفتح كان إيذانا بتحول سيناء من التبعية للامبرطورية الرومانية إلى الدولة الإسلامية.
وذكر أن العصر العباسي كثر فيه عبث الروم الإفرنج بسواحل سيناء ؛ مما دفع الخليفة العباسي المتوكل على الله أبو جعفر ليأمر والي مصر عنبسة بن إسحاق الضبي ببناء حصن الفرما على أطراف بحيرة البردويل الغربية في عام 239هـ853م، ذلك الحصن الذي يعتبر أقدم أثر عباسي وحصنا حربيا باقيا بمصر من العصر العباسي.
وتابع: إن هذا الحصن ظل يؤدي وظيفته على أكمل وجه حتى كانت نهايته خلال العصر الفاطمي على يد الملك بردويل ملك بيت المقدس عام 511هـ1118م الذي أمر بإحراقه عندما فشل في فرض سيطرته عليه، ومنذ أواخر العصر الفاطمي أصبح حصن الفرما محجرًا لتعمير مراكز حضارية بالقرب منه وتوزعت وظائفه عليها.
وأشار إلى أنه في العصر المملوكي، اهتم المماليك بالساحل الشمالي لشبه جزيرة سيناء نظرا للقضاء على مملكة بيت المقدس أيام صلاح الدين الأيوبي وعودة طريق التجارة الشمالي مابين مصر وبلاد الشام المساير لأطراف بحيرة البردويل، فقاموا ببناء برجين في الطينة وبالقرب منها في أيام السلطان المملوكي الأشرف برسباي ثم في عهد السلطان قانصوه الغوري تم بناء قلعة في الطينة على أطراف بحيرة البردويل الغربية..لافتا إلى أنهم اهتموا أيضا ببناء الخانات على هذا الطريق منها خان في مدينة الورادة الإسلامية التي تعرف حاليا ب"الخوينات" داخل محمية الزرانيق وفي العصر العثماني تم الاهتمام بقلاع السواحل فتم بناء قلعة كبيرة في العريش في السلطان سليمان القانوني عام 968هـ1560م.