رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبده مغربى يكتب: لهذه الأسباب يجب أن يعتذر السفير الأمريكى لشعب مصر

عبده مغربى
عبده مغربى

لم تنس الأفعى الأمريكية "آن باترسون" المشهد الذى رفع فيه الشعب المصري صورتها في ميدان التحرير وعليها علامة إكس حمراء، في إشارة صريحة لرفض المصريين تدخلاتها السافرة فى الشأن المصري الداخلي ومواقفها الداعمة لجماعة الإخوان التي خرج عليها الشعب في 30 يونيو.

ففي إهانة واضحة للشعب المصري وجيشه، وفي طعن واضح لحركة الجماهير في 25 يناير و30 يونيو، قالت السفيرة الأمريكية السابقة " آن باترسون" إن الجيش المصري هو الذي تخلص من مبارك ثم تخلص بعدها من محمد مرسي، وهو طعن واضح وصريح لضمير الجماهير التي خرجت في 25 يناير ضد مبارك وفي 30 يونيو ضد محمد مرسي والإخوان.

ما قالته السفيرة الأفعى "آن باترسون" يصف حالتها النفسية المتوترة منذ إنهاء خدمتها في مصر بعد فشلها في إرسال تقارير صحيحة إلى بلادها عن حالة الشعب في مصر، وبعد أن وجه لها هذا الشعب أصعب طعنة في حياتها المهنية،  عندما كانت تكتب وتخطط لسيطرة الإخوان على مصر والمنطقة، ثم بين ليلة وضحاها وعلى عكس مخططات دولتها في السي آي إيه والخارجية الأمريكية تفاجئها الملايين المصرية الغفيرة بالخروج إلى الميادين المختلفة في أربعة أنحاء البلاد رفضًا لحكم الإخوان؛ الحليف الأكبر للأمريكان في مصر والمنطقة، خروجًا قلب لها كل الموازيين التي نصبتها هي وبلادها لمصر.

أخطر ما في تصريح الأفعى أنها وهي تطعن في الشعب والجيش المصريين، نزعت دون أن تنتبه مصطلح الثورة عن حركة الجماهير في 25 يناير، من أجل طعنها في حركة الجماهير في 30 يونيو رغم ما طال منها ومن بلادها في وصف 25 يناير بالثورة، خرجت باترسون عن خطاب بلادها الذي اعتمد 25 يناير كثورة تمكن خلالها الإخوان من حكم مصر، لكن حينما أعقبت 25 يناير ثورة 30 يونيو ضربت كرسيًا في الكلوب أرادت به تحطيم 30 يونيو فحطمت معه بالتبعية 25 يناير في خروج واضح على خطاب بلادها الرسمي عن 25 يناير، إذ اعتبرت حركة الجماهير في الحالتين تحركًا من الجيش لـ"إنهاء حكم مبارك ثم حكم مرسي"..! وقالت إن الجيش هو الذي تخلص من مبارك، ثم تخلص بعدها من مرسي في إهانة كبيرة لحركة الشعب في الثورتين.

كأنها كانت تحب هي ودولتها أن يقف الجيش على الحياد بين الشعب والحاكم في 25 يناير، وبين الشعب والإخوان في 30 يونيو، وهو الحياد الذي كان من شأنه إن حدث أن تتحول حركة الجماهير إلى حرب أهلية تسْقُطْ فيها المؤسسات، وتنهار معها الدولة، فتلقى مصر نفس المصير الأسود الذي أصبحت عليه كلًا من ليبيا وسوريا واليمن، لكنه بتدخل الجيش تبدد حلمها وحلم دولتها، فخرجت قبل يومين في وصلة هذيان تترجم حالة البؤس التي أصبحت عليها حيزبون الخارجية المريكية.

هذه التصريحات التي أطلقتها السفيرة الأفعى تبدو وكأنها أول مكاشفة واضحة لرغبة دفينة لدى الخارجية الأمريكية في إسقاط دولة المؤسسات أثناء 25 يناير، ويبدو أنه لما فشل المخطط الأمريكي باستغلال حركة الجماهير النبيلة في 25 يناير في إسقاط الدولة عندما تدخل الجيش لحماية الثورة والشعب والدولة من السقوط، تجددت الفرصة يبدو مع حركة الجماهير الثانية في 30 يونيو فأرادت هذه الأفعى أن يقف الجيش على الحياد في 30 يونيو، حتى تتوافر للحرب الأهلية كل مقومات الاشتعال لإسقاط مصر، لكن الجيش في الحالتين أفسد المخطط وتدخل لحماية الثورة بتصديه لمحاولات الفتنة وسحبه  فتيل الحرب الأهلية الذي أوشك ان يشتعل بين المتظاهرين وجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يبدو كان على غير هوى "باترسون" ومن أتى بها من باكستان إلى مصر.

إنه وبالنظر إلى وصف المحلل السياسي في مجلة "فورين بوليسي"، دافيد ميلر لـ" آن باترسون" بالذكية وصاحبة الكفاءة، تعليقًا على البيان الصادر يوم الجمعة 29 أغسطس 2013 عن السفارة الأمريكية بالقاهرة بأن السفيرة الأمريكية "باترسون" قد أنهت فترة عملها بمصر، نجد أن "ميلر" اعتبرها: " كبش الفداء الذي سيدفع ثمن فشل المشروع الأمريكي الإخواني في مصر مثلما ألقي باللوم ظلما على السفير السابق في العراق أيبريل غلاسبي عن الغزو العراقي للكويت سنة 1990 ".

قضت آن باترسون في مصر أقصر مدة تقضيها كسفيرة لبلادها في الخارج؛ لتخرج السفيرة، صاحبة الـ45 سنة من العمل الدبلوماسي، بعد 26 شهرًا فقط مطرودة من مصر، وبعد أن كانت إدارة أوباما على يقين من أنها الشخص الأنسب لتكون سفيرة أمريكا لدى القاهرة بعد ثورة 25 يناير، فإذا بحركة الشعب التي ساندها الجيش في 30 يونيو تعصف بكل مخططاتها هي وبلادها في تمكين الإخوان من الاستمرار في حكم مصر.

بالنظر إلى السيرة الذاتية لهذه المرأة الحيزبون، نجد أنها فى الفترة من 1997 إلى 2000، كانت تعمل كسفيرة للولايات المتحدة فى السلفادور ثم كسفيرة الولايات المتحدة في كولومبيا وذلك خلال الفترة من 2000 إلى 2003، وقد أثارت هناك نفس الشكوك والكراهية التي واجهتها في القاهرة، حتى إنها تعرضت هى والسناتور بول ولستون لمحاولة تفجير فاشلة أثناء زيارة رسمية إلى إحدى المدن الكولومبية.

وفى أكتوبر 2010، غادرت "آن باترسون" غير مأسوف عليها باكستان، التى عملت فيها سفيرة لبلادها منذ يوليو 2007، حصدت خلال السنوات الثلاث التى قضتها هناك أطنانًا من كراهية الباكستانيين لها، وأثارت حفيظة وسائل الإعلام الباكستانية، حتى أن البعض اتهمها بغض الطرف عن مطالب بنظير بوتو بتوفير الحماية لها فكانت أن أرسلت إلى بلادها أن "بوتو" ليست بحاجة إلى هذه الحماية، فيما ذهب البعض الآخر أبعد من ذلك إلى اتهامها بالضلوع فى قتلها، وهو ما كشفته برقية لويكيليكس قبل شهرين من مقتل رئيسة الوزراء السابقة بناظير بوتو التي تواصلت مع باترسون وطلبت منها المساعدة فى تقييم أمنها الشخصى لأنها تخشى على حياتها، لكن "باترسون" تجاهلتها بحسب الوثيقة.

وتراوحت الاتهامات الصحفية لباترسون فى باكستان ما بين الاتهام بأنها أرسلت خطابًا لإحدى الصحف المحلية تطالب فيه أحد منتقدى السياسة الأمريكية بالتوقف عن الانتقادات، إلى الاتهام بدفع رشوى لأحد كبار المسئولين بوزارة الداخلية لكى تمرر مجموعة من الأسلحة الممنوعة إلى باكستان بدون معرفة الاستخبارات الباكستانية، وفقا لموقع "مارش أوف جاستس.

إلى ما سبق فقد ذكرت صحيفة التايمز أنها اطلعت على برقيات ويكيليكس التى تفيد بأن الدبلوماسية الأمريكية، باترسون، كانت وهي في باكستان تمارس ضغوطا لدعم الحكومة التى لا تحظى بالشعبية هناك لمجرد أنها تمتاز بتعاطفها مع الأهداف الأمريكية أكثر من القوى الحقيقية فى باكستان.

وذكرت برقيات عدّة سرّبها موقع «ويكيليكس» أن "آن باترسون" كانت تخرج من كل بلد عملت به وهي تحمل لقبا سيئا على غرار ''سفيرة الشيطان''، ونشر "ويكيليكس" عدة وثائق تدين السفيرة وتشير إلى أنها أحد أركان النظام الأمريكي المنفذ لخطط الاغتيالات في عدة دول نامية، فضلا عن كونها أداة رئيسية لإقامة إعلام مواز لإعلام الدولة التي تتواجد بها يعتمد على الدعم الأمريكي وينحصر دوره في المشاركة في زعزعة الاستقرار بها؛ وهو ما عملت على تنفيذه في مصر، لكن مخطّطها فشل بفضل حركة الجماهير التي حماها وساندها الجيش، فكان طبيعيًا أن تخرج علينا هذه الأيام من جديد لتنتقم من الشعب والجيش على حد سواء.

إننا وفي مصر القوية الآن التي لم نعد في حاجة إلى المعونة الأمريكية بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي يساندها الشعب دعمًا لاستقلال قراره السياسي نجد أن تصريحات "باترسون" تمثل طعنًا في حركة شعبنا، وتجاوزًا في حق جيشنا، وتدخًلا سافرًا في الشأن الداخلي لبلادنا.

إنها تصريحات لا يمكن بحال من الأحوال أن تندرج تحت بند حرية الرأي والتعبير، بل هي تصريحات تنم عن مرض نفسي دفين وتنتهك الأعراف الدبلوماسية وتهين ثورة المصريين في 25 يناير و30 يونيو، وهي إهانة تستوجب وعلى عجل اعتذار السفير الأمريكي بالقاهرة لمصر ولشعبها ولجيشها، لما تمثله تصريحات هذه الحيزبون من استهانة بحركة الجماهير المصرية التي أنهت حكم مبارك في 25 يناير وحكم الإخوان في 30 يونيو.