رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إعادة فاعلية القرآن فى الحياة



القرآن كما وصفه الله: نور، هدى، شفاء، برهان، رحمة، فماذا يعنى ذلك؟، يعنى أن دوره فى الحياة أنه يولد النور، والنور هو التنوير، والتنوير هو العلم والثقافة، ويولد الشفاء، يعنى أنه يقدم حلولًا اجتماعية ونفسية لمشكلات عديدة، ويولد البرهان، والبرهان هو إحدى آليات البحث العلمى، الذى يثرى أفكارًا جديدة تفتح آفاقًا للناس فى حياتهم، ويولد الهدى، الإصلاح المستمر للحياة، ويولد الرحمة، الحلول التى يطرحها لمشكلات الحياة، من أجل إنسانية الإنسان.
كل ذلك يجعل للقرآن فاعلية قصوى فى الحياة: تنوير، توليد علوم، حلول اجتماعية، فتح آفاق لبحوث علمية وأفكار جديدة. لا أقول إن كل علم لا بد أن يخرج من القرآن، فهذا خطأ فادح، لكن أقول إن للقرآن إسهامات فى العلوم، وفى حلول المشكلات، وفى التنوير، وفى الحياة، لكن نحن نزعنا المادة الفعّالة من الدواء.
لا بد من إحياء مجالات الحياة بالقرآن، فالقرآن ليس كتابًا يقرأ للموتى، بل هو كتاب للحياة وليس كتابًا للموت. وقد أحدث ثورة علمية مع بداية نزوله، فلا يوجد كتاب أحدث ثورة علمية فى زمن قياسى وفى فترة قصيرة مثله.
نشأ عنه أكثر من ثلاثين علمًا جديدًا فى حياة البشر بعد نزوله بسنوات لا تزيد على ٥٠ سنة.
علوم أدبية: المعاجم، علم اللغة، النحو والصرف، البلاغة.
علوم دينية: علم التفسير، أسباب نزول، علم الفقه والمدارس الفقهية، علم القراءات، علم التجويد، علم المقاصد.
علوم فنية: الخط العربى، هندسة الخطوط، الأصوات «التغنى بالقرآن»، فن القصة القصيرة، فن العمارة الإسلامية.
علوم الحياة: علم التاريخ «الأمم السابقة»، علم الاجتماع «أسسه ابن خلدون معتمدًا على ما ذكره القرآن عن قيام وسقوط الحضارات»، علم أصول الدين ومنه نشأ علم المنطق والمنهج العلمى فى التفكير «أسسه الإمام الشافعى، وكل نهضة أوروبا مبنية على هذا العلم».
هذه العلوم قدمت حلولًا للبشرية. أين ذلك الآن؟ الإجابة: صفر، لا شىء!، فقد تم تحويل القرآن من كتاب فيه معادلات الحياة، وقوانينها وحلول لمشكلاتها، إلى كتاب للبركة والروحانيات فقط، حينما عطلناه ظهرت أفكار العنف والتطرف، وظهر إلحاد ليست له أى فائدة.
القرآن كتاب رحمة وهدى وشفاء، يقدم حلولًا فى مختلف مجالات الحياة، وهكذا فهمه علماء ودعاة الإسلام وكل المسلمين بطريقة أخرى غير ذلك، وكلنا مسئولون.
ماذا فعل ابن خلدون مع القرآن؟
لم يكن ابن خلدون عالم دين، ومع ذلك جمع آيات الأمم السابقة ثم سار فى الأرض «تجربة»، واستخرج بعد هذه التجربة علم الاجتماع.
ونحن أجرمنا بحق القرآن حينما حرمنا أن يستخرج أى شخص حلول الحياة منه إلا رجال الدين، بينما هذا الأمر متاح لكل مسلم، فضلًا عن جعله كتابًا للبكاء والتأثر الروحانى فقط؛ وتولد عن تعطيل فاعلية القرآن فى الحياة ظهور أفكار العنف، فضلًا عن حرمان العالم من أفكار كثيرة رائعة.
قوانين الحياة وحلولها موجودة فى هذا الكتاب: «فلن تجد لسنة الله تبديلًا ولن تجد لسنة الله تحويلًا». قوانين الله.. إذن فقط عليك أن تجتهد وتستخرجها.
- علوم الإتقان والجودة: القرآن أول من تكلم عن الإتقان «ذُكر الإحسان فى القرآن مئات المرات». «أحسنوا إن الله يحب المحسنين»، «إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا».
لكن الذى وضع نظام «الأيزو» الغرب، وبعد ذلك نحزن نحن ونقول بعدما اكتشفوه هم: هذا فى الإسلام، وقاله القرآن منذ ١٤٠٠ عام، إذن لماذا لم نستخرج نحن هذا؟!
بعض المسلمين يقول: ستيفن كوفى مَنْ هذا؟! كل كلامه فى القرآن، إذا كان ذلك فلماذا لم نخرج نحن بهذا العلم قبل ذلك؟.
- حفظ حقوق الملكية الاقتصادية والفكرية: أول إعلان لها فى القرآن.
الحقوق المادية فى سورة البقرة: «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، وليكتب بينكم كاتب بالعدل، ولا يأبَ كاتب أن يكتب كما علمه الله، فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه».
الحقوق الفكرية: «لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم». ثم فى سورة النمل: «نكروا لها عرشها» لحفظ حقوق الملكية.