رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إرادة الشعب لابد أن تنتصر


مصر منذ أوجدها الله هى لكل المصريين ولا ولن تكون أبدًا لفصيل واحد بعيدًا عن كل المصريين، نحن مصريون ونعتز بهذا ومن لا يعتز بمصر فمصر لن تعتز به ولن يعيش على أرضها لابد أن يخلص لها فمصر فى القلب والعين ولا مكان لطظ بيننا والله الموفق.

الإنسان هو معجزة الله فى هذا الكون وهو الذى تحمل الأمانة، وهو المكرم دون كل المخلوقات، وهو صانع الحضارة والعلم والتقدم على مدى التاريخ ولذا كانت دائمًا إرادة الإنسان هى من إرادة الله، حتى إن الله سبحانه وتعالى أعطاه الحرية ومنحه قدرة معرفة الحق فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولذا فالحرية والاختيار حقوق للإنسان ما عليه غير تحمل نتائج حريته ومسئولية اختياراته، ولذا فعندما تجسدت إرادة الجماهير فى 25 يناير فى ميدان التحرير فى صورة من صور التوحد المصرى الرائع سقط نظام مبارك فى أيام معدودة، وهنا كان من الطبيعى أن يستمر هذا التوحد حتى يتم إنجاز مبادئ الثورة وتحقيقها على أرض الواقع حتى تجنى الجماهير ثمار الثورة، ولكن قد وجدنا من لم يؤمن بالثورة وقد قفز عليها وتآمر ضدها منذ البداية فى اللحظة التى كان الزخم الثورى يتصاعد فى الميدان كانوا هم يتفاوضون ويتآمرون على الثورة مع عمر سليمان تحقيقًا لمصلحتهم الخاصة التى لا يعرفون غيرها ولا يسعون إلا لسواها، وسقط النظام فمارسوا مخططاتهم لخطفه الثورة ولسرقة الوطن فأوهموا المجلس العسكرى بأنهم الظهير الجماهيرى له فكان لهم ما أرادوا وتم تعديل الدستور حتى تكون انتخابات يختطفون بها السلطة تحت مزاعم دينية واستغلالاً للعواطف التدينية التى تميز المصريين عن غيرهم فكانت لهم السلطة بعدما كانوا يطلقون شعاراتهم الكاذبة كالعادة بأنهم لن يغالبوا بل سيشاركون فملأهم الغرور وتقمصهم الاستكبار فحنثوا بالوعود وخانوا العهود وبغباء شديد كانت الأخونة هى الطريق بدلاً من الحفاظ على التوحد المصرى الذى بغيره لا يمكن الخروج من المرحلة الانتقالية الاستثنائية ولقلة خبرتهم التى تتمثل فى تنظيم سرى فاشستى حديدى لا يعرف غير السمع والطاعة وباسم الدين تصوروا خطأ أن هذه الخبرة الفاشلة يمكن أن يديروا بها وطنا بحجم مصر وبعيدًا عن مشاركة الجميع الذين صنعوا الثورة وفجروها.

ففشلوا قبل أن يبدأوا فغابت الرؤية السياسية وانكشفت أهدافهم الذاتية وعرف الشعب أكاذيبهم وسقطت برامجهم الوهمية فلم نجد نهضة بل وجدنا وكسة فزادت الفوضى وتفاقمت المشاكل وسقط الاقتصاد وساد التشرذم وتصاعد الاستقطاب وانقسم الشعب فى ظاهرة غير مسبوقة فى التاريخ المصري، وكانت بداية إعادة إحياء الثورة التى توقف مسارها عند إصدار البيان غير الدستورى فى 21 نوفمبر 2012، حيث أبدع الشباب المصرى آلية ديمقراطية رائعة تمثلت فى حملة تمرد التى عبر بها ومن خلالها أكثر من خمسة عشر مليون مصرى يطلبون من مرسى انتخابات رئاسية مبكرة ليس خروجًا على الشرعية التى يزعمونها ولكن خروجًا من هذا المأزق الذى وضعوا فيه البلاد وتم تحديد 30 يونيو يومًا يعيد الإرادة الشعبية للثورة المسروقة ولأن الجماهير العظيمة قد أدركت مبكرًا حجم الكذب والزيف الذى مورس عليها باسم الدين والدين برىء واكتشفت غياب الخبرة وانعدام الرؤية السياسية وحجم الاستحواذ الذى يريدون به أن يحققوا أهدافهم الخاصة التى لا علاقة لها بالوطن الذى لا يساوى لديهم أكثر من كلمة طظ، ولكنهم بدلاً من أن يستجيبوا للشعب صاحب الإرادة مارسوا هوايتهم التى لا يجيدون سواها وهى تصوير الأمر وكأنه صراع بين الدين ومن يحمونه وبين الذين يريدون أن يهدموه وكأنهم هم حماة الدين بدلاً من الله خالق البشر ومانح حريتهم ومنزل الأديان وليس الدين الواحد.

فوجدنا التهديد والوعيد والترهيب والتخوين بالقتل والسحل والسحق غير مدركين أن المصريين قد شبوا عن الطوق وأن حاجز الخوف قد كسر فوجدنا أن هذه التهديدات والتى كان لمرسى فى طرحها نصيب لا تؤتى غير الإصرار على استعادة الثورة وعلى الانتخابات المبكرة ولن يكون فى مواجهة العناد والغرور والتهديد غير رفع سقف المطالب بالرحيل وإسقاط النظام، ولذا فلم ينتظر الشعب 30/6 بل إرادة الشعب قد تمثلت وأعلنت عن نفسها قبل ذلك بكثير ولذا فخروج المصريين بالأمس واستمرارهم حتى تحقيق مطالبهم فهذه بداية ولن تكون نهاية أبدًا و30/6 هو بداية طريق استعادة الثورة وهو خطوة متقدمة فى طريق التراكم الإيجابى للتغيير.

أما العنف والمواجهات الدامية فهى فى غير صالح هذه السلطة تمامًا فالعنف يولد العنف والفعل يخلق رد الفعل والإرادة الشعبية لا يرهبها شىء بل يزيدها إصرارًا، كما أن الدم هو طريق إسقاط كل الأنظمة الاستبدادية والفاشية على مدى التاريخ فعنفكم والدم هو علامة سقوطكم والعنف هو إشارة مرور خضراء لنزول القوات المسلحة لحماية الشعب وضمان سلامته، ولذا سيكون من الطبيعى أن يكون بديلاً للنظام مؤقتًا، ولذا فالطريق مسدود وأنتم فى آخره والسقوط والتغيير بدءًا ويسير فى طريقه بلا هوادة ولكن توقيته مرهون بإرادة الشعب الذى لن يتنازل عن حقه فى استعادة ثورته من خاطفيها، الشعب لن يقبل بسرقة أحلامه فى وطن يجمع الجميع ويحمى الجميع ويعطى حقوقًا متساوية للجميع لن يقبل غير الهوية المصرية التى صنعها بحضارته وثقافته عبر آلاف السنين بتراكم حقباته التاريخية التى أبدعت أروع صورة حضارية لا تفرق بين مصرى ومصري.

لن نقبل باستبدال حضارة مصر بعظمتها بتخلف البدو وتأخرهم، فهل تدركون اللحظة وتستفيدون بالتوقيت، القطار تحرك وإن تأخر فى الوصول إلى محطة الوصول فإنه سيصل حتمًا بإذن الله وتحقيقًا لإرادة الشعب لا نريد إقصاء كما أردتم، مصر لكل المصريين وليس لكم وحدكم كما أظهرتم، الثورة الحقيقية لن تحقق بغير التوحد المصرى والتوافق الوطنى الصادق الذى يهدف إلى تحقيق آمال الشعب، المرحلة لا تحتمل المراوغة، الوطن انقسم ولا حل ولا تقدم بغير إعادة وحدته، أبعدوا عن المتاجرة بالدين.

الإسلام فى مصر بخير وسيظل كذلك لأن الجميع مسلمون بالعقيدة وبالحضارة والثقافة والتاريخ والعادات والتقاليد المصرية وليست العادات والتقاليد البدوية مصر منذ أوجدها الله هى لكل المصريين ولا ولن تكون أبدًا لفصيل واحد بعيدًا عن كل المصريين، نحن مصريون ونعتز بهذا ومن لا يعتز بمصر فمصر لن تعتز به ولن يعيش على أرضها لابد أن يخلص لها فمصر فى القلب والعين ولا مكان لطظ بيننا والله الموفق.

■ كاتب سياسى وبرلمانى سابق