رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقيقة القوات الأمريكية فى سيناء!


الغرض من القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين فى سيناء هو المساهمة فى تطبيق الملحق الأول لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل المعقودة فى 26 مارس 1979 أما المهمة فهى الإشراف على تطبيق مواد الأمن لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وتوظيف أفضل الجهود لمنع أى انتهاك لشروطها.

نشرت مصادر كثيرة أنباء عن قرب انتقال قوات أمريكية إلى سيناء، وأن هذه القوات يجرى إعدادها وتجهيزها فى قاعدة بولاية تكساس، وأنهم جهزوا للانتشار ضمن القوة متعددة الجنسيات بسيناء، وإلى هنا فربما يكون الخبر عاديا، إلا أن ما أذيع فى قناة روسيا اليوم عن أنه استباق للاحتجاجات والشغب، وفى « كريبنج شريعة ورد برس» أن الرئيس أوباما يرسل قوات أمريكية إلى مصر «لحماية حدودها مع إسرائيل»، بينما كتب روبرت سبنسر يقول: إن أوباما يرسل جنودا أمريكيين لمصر «لقمع الشغب ضد الإخوان المسلمين» هذه التعليقات أثارت غضب وقلق المصريين الغيورين على أمن مصر واستقلالها!

حسنا فعلت القوات المسلحة المصرية بأن تصدت لهذه الأخبار، حيث أعلنت على لسان المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد على لتوضح حقيقة الأمور، والتى أوضحت أن القوات السابق ذكرها إنما تجىء لتقوم بغيار أفراد موجودين فعلا ضمن القوة متعددة الجنسيات والمراقبين منذ 25 /4/1982، وأن هؤلاء الأفراد يستعدون للحضور إلى مصر لمدة 9 أشهر بهدف المشاركة فى أعمال قوة حفظ السلام، والحد من أعمال الشغب ضد القوة وأنهم أربعمائة جندى أمريكى سيصلون إلى مصر ضمن قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات الموجودة فى سيناء ومهمتها ضمان تطبيق معاهدة السلام من مصر وإسرائيل!

وقد نشرت مصادر أمريكية لاحقة أنباء عن هذه القوات فقالت إن للقوات الحق فى مواجهة المظاهرات وأعمال الشغب فى حال وصولها إلى نقطة تهدد أمن إسرائيل، وأنهم تدربوا على التعامل مع قنابل المولوتوف، وأن الولايات المتحدة تشترك مع 13 دولة أخرى فى القوات متعددة الجنسيات.

من المهم أن نتعرف على حقيقة الأمر، وإذا كان فى رأيى أنه يمكن الاطمئنان إلى أن القوات المسلحة تتعامل مع هذه القوات على النحو الصحيح، فإن توضيح الأمور يمكن أن يضمن أن يكون الجميع عسكريين ومدنيين على دراية بحقيقة هذه القوات ما لها ما عليها، وبالتالى لا يتعرض لضغوط أو تصورات تدخله فى الخطأ. وهنا لا بد أن نفصل بين دور القوة متعددة الجنسيات ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التى أدت إلى تشكيل هذه القوة والتى يرفضها أغلبنا، فإذا كنا نعارض المعاهدة فإن علينا أن نعمل على التخلص منها بالطريقة الصحيحة والتى تقوم أساسا على اكتساب القوة التى تمكننا من الصمود أمام تهديد إسرائيل ومن يساندها أو يقف خلفها، ولحين إلغاء هذه المعاهدة فعلينا الالتزام بما وافقنا عليه فيما يختص بالقوة متعددة الجنسيات والمراقبين وأن ندرك أننا يجب أن نحافظ قدر الإمكان على العلاقة مع الدول الثلاث عشرة المشاركة فى هذه القوة، ومع باقى الدول التى تراقب الوضع عن بعد، ويمكن أن تقيس موقفنا على ما يمكن أن تصل إلى العلاقة بيننا وبينها!

الغرض من القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين فى سيناء هو المساهمة فى تطبيق الملحق الأول لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل المعقودة فى 26 مارس 1979، أما المهمة فهى الإشراف على تطبيق مواد الأمن لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وتوظيف أفضل الجهود لمنع أى انتهاك لشروطها، وقد بلغ عدد أفراد هذه القوة فى يناير 2013 ألفا وستمائة وستين فردا «1660»، وبها قوات من الدول الآتية: كولومبيا وفيجى «كتيبة لكل منهما»، وإيطاليا «سفن» وأستراليا وكندا وفرنسا والمجر ونيوزيلندا والنرويج وأوروجواى وهولندا وتشيكيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وتشتمل القوات الأمريكية على ثلاثة عناصر هى: «قوة مهمة سينا» وتتكون من أربعين فردا أغلبهم ضباط، وهم يشكلون الجزء الأكبر من قيادة القوة، و«كتيبة المعاونة الأولى»، وكتيبة مشاة، وقد كانت كتيبة المشاة المذكورة فى أول تشكيل القوة المذكورة كتيبة من الفرقة 82 المحمولة جوا الشهيرة، ولكنها مع تكرار الغيار لم تعد تلتزم بذلك التكوين. وكتيبة المعاونة الأولى، وتشتمل على 235 فرداً منهم أطباء ومهندسون وأفراد اتصالات.

تعمل كتيبة المشاة ضمن القوة من خلال 35 برج مراقبة ونقطة تفتيش ومركز مراقبة على طول الشريط الممتد على طول شرقى سيناء ودوريات بين نقاط المراقبة والتفتيش، وهناك نقطة ومركز للمراقبة للقوة فى جزيرة تيران فى خليج العقبة!

هكذا فإن الأفراد الذين سبق الحديث عنهم هم أفراد من كتيبة المشاة الأمريكية التى سبق الحديث عنها وهم قادمون لغيار زملائهم الموجودين فعلا فى القوة فى سيناء أما مهمتهم فهى الإشراف على تطبيق مواد الأمن الواردة بالملحق الأول الخاص بالأمن فى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وبذل أقصى الجهود لمنع انتهاك لشروطها، وأود أن ألفت النظر إلى أن المهمة هى «الإشراف» على تطبيق المواد المذكورة، وليس تطبيقها، وبذل أقصى الجهود لمنع أى انتهاك لشروط المعاهدة وليس منعها، والفرق أن الإشراف يعنى المراقبة والتنبيه والإبلاغ، وليس اعتراض أى جانب لا يطبق المواد المذكورة حيث ليست من قدراته ولا تفويض له بذلك، وبذل أقصى الجهود لمنع انتهاك الشروط لا يشتمل على استخدام القوة لمنع انتهاك الشروط!

هكذا فإن ما ورد فى جريدة «واشنطن تايمز» أو وسائل الإعلام الأخرى هو خروج عن مهام القوة متعددة الجنسيات وعن التفويض المخول لها، وهى قوة «حفظ سلام» فى حال تعرضها لأعمال شغب ضدها ووصول أعمال الشغب والمظاهرات فى أماكن تواجدها والمحصورة فى مكان تمركز أفرادها: فى منطقة مطار الجورة جنوب غرب رفح وفى شرم الشيخ وجزيرة تيران أو فى مناطق نقاط التفتيش والدوريات. وبدهى أن ليس منطقيا ولا معقولا أن تتجه المظاهرات ولا أعمال الشغب إلى المناطق السابقة حيث لا مجال للتظاهر عندها، كما أن كثافة سكان سيناء لا توفر فرصة لتظاهرة كبيرة أمام القوة متعددة الجنسيات، لكن هذا لا يتعارض مع حق القوة أو حق أفرادها فى الدفاع الشرعى عن نفسها فى حال تعرضها لهجمات واعتداءات.

الأغرب مما سبق ما جاء فى بعض وسائل الإعلام عن حماية الحدود مع إسرائيل أو حول تهديد أمن إسرائيل، أو استباق الاحتجاجات والشغب أو قمع الشغب وحماية الإخوان المسلمين، فالمؤكد أن حجم القوة الأمريكية «400 فرد» لا يكفى لأى من هذه المهام، كما أن أماكن القوة متعددة الجنسيات تجعلها بعيدة عن أماكن الاحتجاجات وعن أماكن الإخوان المسلمين، هذا بالإضافة إلى أن مشاركة القوات الأمريكية لصالح الإخوان المسلمين تضرهم بدلا من أن تفيدهم، وتذكرنا بقصة الدبة التى قتلت صاحبها وهى تحاول أن تبعد الذبابة عن وجهه.

كل هذا لا يمنعنا من التأكيد على ضرورة مراقبة نشاط هذه القوة والتصدى لأى محاولة للخروج عن مهامها ولا ننسى أنها تشكل مقدمة لقوة أمريكية تحاول أن تتدخل ضد مصلحة شعوب المنطقة.

■ خبير سياسى واستراتيجى