رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حفيد مانديلا: العلاقات المصرية الإفريقية تحسنت كثيرًا بعد تولى السيسى الحكم

حفيد مانديلا والزميلة
حفيد مانديلا والزميلة كريمة أبوزيد

- أشاد بخطة مصر لزيادة المزارع المشتركة فى القارة السمراء.. وانعقاد «العموم الإفريقى» لأول مرة بالقاهرة
- شعرت بدفء فى استقبال المسئولين المصريين لىّ والتقيتُ وزراء الزراعة والرى والبيئة
- نسعى للاستفادة من خبرات مصر فى التعامل مع الأزمات بين الدول
- التجربة المصرية فى استصلاح الأراضى والرى «عظيمة وجادة» وسأحاول تطبيقها فى بلادى
- سحب كتاب «نيلسون مانديلا» الأخير لعدم احترام طبيبه المعالج التقاليد وذكره معلومات عن مرضه


«ماندلا مانديلا».. هو حفيد الزعيم السياسى، رئيس دولة جنوب إفريقيا السابق، نيلسون مانديلا، وعضو البرلمان الجنوب إفريقى، زعيم قرية «مفيزو»، يطلقون عليه دائمًا اسم «تشيف»، الذى يعنى الزعيم، فهو بالنسبة لهم ليس «عمدة القرية» فحسب، بل أيضًا زعيمهم والمتحدث باسمهم، هو سليل أيقونة الثورة والكفاح، فجده علّم العالم معنى الحرية وعدم الاستسلام. شارك «ماندلا»، فى برلمان عموم إفريقيا، ضمن وفد زار مصر لمدة ٥ أيام، بدعوة من الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان، وتحدث لـ«الدستور» عن المواقف الطريفة التى جمعته بجده الراحل، وأسرار سحب كتابه الأخير من الأسواق بسبب تعمد الكاتب- وهو الطبيب المعالج لجده- ذكر تفاصيل عن مرض «نيلسون مانديلا».
وكشف حفيد مانديلا، عن رأيه فى تجربة مصر الزراعية والمائية، مؤكدًا عزمه نقل تلك التجربة إلى بلاده للاستفادة منها، مؤكدًا أن القاهرة أحسنت استضافة الوفد الإفريقى، وأعدت برنامجًا للزيارة يتناسب مع طموحاته، مشيرًا إلى القضية الفلسطينية، وتبنيه موقف جده الراحل ومناداته بحقوق الشعب الفلسطينى.

■ بداية.. يناديك البعض بـ«تشيف».. ماذا تعنى وهل لها علاقة بجدك «نيلسون مانديلا»؟
- «تشيف» كلمة تعنى «زعيمًا» أو رئيسًا، وهى مجرد لقب فقط، كونى عمدة قريتى، واسمى الحقيقى هو «ماندلا مانديلا»، حفيد الزعيم نيلسون مانديلا، وأشبهه كثيرًا فى ملامح وجهه، وأحاول أن أسير على مبادئه لتحقيق المساواة والحرية واستخدام التكنولوجيا.
■ ما سبب تواجدك فى مصر؟
- أنا موجود فى مصر بناءً على دعوة من رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال، وليست المرة الأولى التى أزور فيها العالم العربى، بل كانت هناك زيارات أخرى لدول عربية وإفريقية.
ولأول مرة تنعقد لجنة فى تاريخ مجلس العموم الإفريقى خارج جنوب إفريقيا، وتكون مقرها مصر، وأتواجد فى القاهرة، لإجراء عدد من اللقاءات مع لجنة الشون الإفريقية بالبرلمان المصرى.
■ مَن كان فى استقبالكم بعد وصولكم مصر.. وبمَن التقيتم؟
- تم استقبالنا بشكل جيد جدًا داخل البرلمان المصرى، وكان معنا وكيل المجلس، النائب سليمان وهدان، خطوة بخطوة، وشعرت بنوع من الدفء، ثم التقينا الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، والدكتور عزالدين أبوستيت، وزير الزراعة.
■ ماذا تم خلال تلك الاجتماعات؟
- شرحت لنا وزيرة البيئة كيف تأقلمت مصر مع التغير المناخى، ومراحل التحدى التى خاضتها القاهرة وما زالت تخوضها، واستمعنا إلى رؤى القيادات المصرية، لمحاولة الاستفادة منها عمليًا فى بلادنا.
نسعى للاستفادة من مكانة مصر وخبرتها وتعاملها مع الأزمات، وتنسيق الجهود المشتركة بين الوزارات فى كلتا الدولتين للتعامل معها بالشكل الأمثل.
كما التقينا أيضًا، وزير الزراعة ونائبه، للتعرف على كيفية عمل مصر على تحويل الأراضى الصحراوية إلى أراض زراعية وخصبة قابلة للزراعة، باستخدام التقنيات ووسائل الرى الحديثة، وفتحنا عدة مجالات، أبرزها كيفية التعامل مع التهجير الريفى لانعدام الفرص أمام الشباب، وكيفية التأقلم على التهجير الريفى والحلول المختلفة له.
وفسر لنا وزير الزراعة سبب التهجير الريفى، وأكد أن المشكلة ليست مقتصرة على مصر بل أزمة تواجه كل دول العالم، وتعد مشكلة عالمية لأن الشباب ليس لديه الاعتقاد بأن الزراعة هى المجال الذى يعمل به فقط بل يرون أن كبار السن هم فقط من يعملون بالزراعة.
■ ما الذى أعجبك فى مصر خلال الزيارة؟
- أكثر ما أعجبنى هو حرص مصر وتواصلها المستمر لدعم قطاع الزراعة، ويتجلى هذا فى بناء ٩ مزارع داخل دول إفريقية، ووضع خطط لبناء ٢٢ مزرعة حتى عام ٢٠٢١، وأعتبر هذا الأمر جيدًا.
ولدتُ فى مجتمع ريفى، وبالتالى أنا حريص على الزراعة، والاهتمام بها يعد من الأمور التى تبناها الزعيم الراحل «نيلسون مانديلا»، فقد كان حريصًا جدًا على التنمية الزراعية.
■ ماذا عن زيارة الوفد الجنوب إفريقى محافظة الفيوم؟
- ترتيب جيد من الجانب المصرى لتجهيز تلك الزيارة، حيث سنحت لنا الفرصة للتواجد داخل المجتمع المحلى المصرى، ورؤية المشاريع الجديدة التى تم استحداثها مثل طرق الرى الحديث، للحفاظ على المياه، ورأيت طريقة الرش بالرى.
ولأن المجتمع الفيومى، هو مجتمع ريفى، قريب من البيئة التى نشأت فيها، فشعرت بأننى ما زلت فى بلدى ولم أغادرها، لم أشعر أبدًا بالغربة ولو للحظة واحدة، حيث كان الاستقبال والترحيب عظيمًا، ولعبت مع الأطفال المصريين، الذين بدت فى أعينهم الفرحة الشديدة، والتقطت العديد من الصور التذكارية معهم، كما أحببت الأكلات المصرية جدًا، وتناولت الفطير المشلتت والمش فى الفيوم، ولهما مذاق رائع ومختلف.
■ حين تعود إلى بلدك.. بماذا ستُحدثهم عن التجارب المصرية التى شاهدتها؟
- نحن استفدنا من التجربة المصرية فيما يخص الزراعة كثيرًا، خاصة أننا هناك نعيش فى مجتمع ريفى، ومن المهم بالنسبة لنا، معرفة كيف استطاعت مصر تحويل الأراضى الصحراوية إلى أراض زراعية وهو تحدٍ هام وصعب، وكيف تم حفر أمتار عديدة من أجل المياه.
جنوب إفريقيا لديها تكنولوجيا أيضًا مثلها مثل الدول الأخرى، وحاليًا تعمل على تنمية القطاعين المائى والزراعى، واستطعنا أن نصل إلى التكنولوجيا العالمية فى إيجاد المياه.
■ ما رأيك فى التجربة المصرية فى مجال الزراعة والرى؟
- سعيد جدًا بتلك التجربة، وحاولت قدر المستطاع، أن أرى كل صغيرة وكبيرة داخل مراكز البحوث الزراعية، لنقل الصورة إلى بلادنا، وخاصة قريتى للاستفادة منها، لأن تلك التجربة عظيمة وجادة.
■ هل تحسنت العلاقة بين مصر وجنوب إفريقيا بعد تولى الرئيس السيسى قيادة البلاد؟
- نعم، فهناك دعم كبير ومتواصل بين البلدين فى العديد من القطاعات خاصة «الزراعة»، حيث وصل عدد المزارع المصرية المشتركة فى إفريقيا إلى ٩ حاليًا، وهناك خطة لزيادتها بفضل الدعم المصرى.
العلاقات المصرية الإفريقية تحسنت كثيرًا فى وجود الرئيس السيسى، لأنه عمل بجد وإخلاص على تحسين تلك العلاقات، ولا أستطيع أن أتحدث عنه كشخص ولكن أتحدث عن دوره فى المجتمع الإفريقى، وما قدمه من إنجازات لمصر.
■ ماذا حدث داخل المجتمع الإفريقى بعد نيلسون مانديلا؟
- نيلسون مانديلا، قائد عظيم، وكان يسير خلف مبادئ عظيمة وإنسانية، فحارب وكافح من أجل الحرية والمساواة بين البشر دون تمييز أو تفرقة، واستطاع «مانديلا» أن يوحد شعب إفريقيا بعد التفرقة التى تعرضنا لها، وكيفية العمل على توحيد الشعب تحت مظلة واحدة تدعو للمساواة ليس للسود فقط بل للسود والبيض، وإفريقيا تسير على نهج «مانديلا» من خلال تحقيق المساواة بين جميع المواطنين.
■ لماذا تم سحب كتاب مانديلا الأخير؟ وما طبيعة الخلاف الذى دار بسببه؟
- كتابه الأخير كتبه الطبيب المعالج لنيلسون مانديلا، وتناول أسرارًا وأمورًا شخصية عن مرضه ولذلك رفضته العائلة وطلبنا بسحبه، وجدى «نيلسون» كان يدعو للمساواة والحرية، وعلى الطبيب أن يحترم هذا الأمر ولا يفصح به لأحد، وأن يراجع نفسه فيما أقدم عليه ولا يخوض فى هذا الأمر مرة أخرى.
■ ننتقل إلى ملف آخر.. كيف ترى الوضع فى فلسطين؟
- أرتدى حظاظة فى يدى أهدتها لىّ فتاة فلسطينية تبلغ من العمر ١٤ عامًا خلال زيارتى فلسطين والمسجد الأقصى.
وأفنى جدى وقتًا كبيرًا من حياته داعيًا للمساواة والحرية، وأعتقد أن هذا لم يكن دورًا مقتصرًا على إفريقيا فقط بل دول عديدة إفريقية، منها مصر والجزائر، وهذا ما كان يتبناه أيضا تجاه القضية الفلسطينية.
فى عام ١٩٩٧، زرت أمريكا مع جدى، وتحدث «كلينتون» مع «نيلسون» فى مكالمة هاتفية، قائلًا: «إنت جاى عشان تجمع تبرعات وإحنا هنساعدك وعاوزين منك تلغى علاقاتك بياسر عرفات وفيدل كاسترو ومعمر القذافى»، فرد عليه قائلًا: «هؤلاء أخوة فى القضية ولو طلبت إلغائى صداقتى بهم فلن يحدث.. وأنا قادم إلى أمريكا سواء شئت أم أبيت».
وهناك موقف آخر وقع مع جدى حين كان فى زيارة إلى غزة، وقال للشعب الفلسطينى إن حريتنا ليست مكتملة طالما أنتم لستم أحرارًا، وأننا ندين هذه الانتهاكات من إسرائيل ضد حقوق الإنسان، وسنطالب فى جميع المحافل الدولية، بالوقوف بقوة وحزم ضد إسرائيل، وسنأخذ موقفًا ضدهم وننادى بالحرية للشعب الفلسطينى.
■ وأخيرًا.. حدثنا عن بعض المواقف الطريفة التى حدثت مع جدك؟
- يجمعنى بجدى عدد من المواقف، منها أننى كنت أسير فى الشارع وخلفى جدى ولم أكن أراه، ووجدت الناس تنادى باسمى ففرحت، واعتقدت أن الناس تنادى علىّ، ولكنها كانت تنادى على القائد «مانديلا».
من وجهة نظر والدى، أنه كان يجب علىّ معرفة الكثير عن جدى ورحلة كفاحه ونضاله من أجل الحرية والمساواة، وتحقيق مبدأ حقوق الإنسان، فحين كان جدى مسجونًا، زرت مع والدى مكانًا غريبًا، وانتظرنا داخل حجرة، ثم سمعنا جدى يتحدث مع السجّان، ويقول له: «كيف حالك وحال عائلتك.. ماذا فعلت فى الأزمة والمسألة القانونية الخاصة بك؟»، استغربت حينها وتساءلت كيف لسجين يسأل سجانًا هذا السؤال، وهو أصلًا فى حاجة إلى السؤال.
وبعد أن جاء جدى، ورآنى، قال لى: «أنت حفيدى»، فشعرت بالخزى، لأننى لا أستطيع فعل شىء له وهو مقيد ومكبل، ولم أكن وقتها أعرف أى شىء أو تفاصيل تخص حياته، وفى هذا اليوم، جلست ما يقرب من ٤٥ دقيقة، وشعرت بأنها أيام وليست دقائق، فأنا لا أستطيع فعل شىء، وأردت ترك المكان والخروج، ووالدى كان لديه فضول لمعرفة انطباعى عن الزيارة.
وأتذكر أيضًا، أن جدى، كان يراسلنا من محبسه برسائل كودية أو مشفرة حتى لا ينكشف ما بداخلها، وفى إحدى الرسائل- التى كانت موجهة إلى امرأة- طالبها جدى بتعليمى اللغة الإنجليزية، وكان مكتوبًا لتلك المرأة التى لم تكن من «السود»: «من فضلك علميه الإنجليزية كى يعرف الكثير عنى ولماذا أنا موجود بالسجن».