رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد السدانى يكتب: دكتوراه فى حتى

محمد السدانى
محمد السدانى

عندما أفلس أحمد مظهر أو سمو الأمير- فى فيلم «الأيدى الناعمة»- بدأ يبيع مقتنياته شيئا فشيئا، حتى تعرف على متشرد عاش معه فى قصره الواقع تحت حراسة الحزب الاشتراكى، أحب المتشرد أن يجعل سمو الأمير يحترمه، فقال له إنه يحمل شهادة دكتوراه فى حتى، فما كان من الأمير إلا أن احتقره أكثر من السابق لأنه لا يرى قيمة لهذه الدكتوراه التى أهدر فيها عمره لدراسة حرف واحد هو حتى.
هذا الحال ينطبق على مجتمعنا، فعندما كثرت الأموال بين الناس وارتفع مستوى الدخل و«تساوت الروس»، بدأ البعض يبحث عن علامات فارقة بينه وبين غيره الذى ينظر له نظرة لا يعتبرها كافية فى الاحترام والتقدير، فانهال الكثير منهم يطلب شهادات دكتوراه وماجستير من دولة معينة دون غيرها، فتكاثر أصحاب هذه الشهادات حتى عشنا فى مجتمع نصفه دكاترة ومحامون وغيرهم الكثير الكثير ممن حمل شهادة وهو على رأس عمله.
والمصيبة أن الحكومة تعلم بذلك وتمارس دور أحمد مظهر فى احتقار هؤلاء وتهديدهم متى ما استدعت الحاجة، فكل عامين يتصدر عناوين الصحف عنوان بأن عدد المزورين تجاوز العدد الفلانى وأنَّ الجامعة الفلانية بها عدد من المزوّرين والهيئة بها عدد من المزوّرين، وفى الأخير لا يحدث شىء ويقفل الملف كأن شيئا لم يكن.
الغريب فى الأمر أنَّ أصحاب هذه الشهادات بدلا من أن يعيشوا فى الظل خوفا من انكشاف أمرهم، تراهم يتقلدون أعلى المناصب فى الدولة ويتصدرون المشاهد الإعلامية والسياسية، وغيرها الكثير والكثير من الأماكن التى تجعلك تتساءل: مَن المزور فينا؟!.
إنَّ حجة البعض فى عدم كشف أسماء المزوّرين للشهادات، أنَّ الذين زوّروا بعضهم أبناء عوائل وشخصيات مرموقة، فإن كان هذا صحيحا فلماذا نقر القوانين ونضع اللوائح وغيرها فى كل سنة؟، ولماذا نضع شرط اللغة للحصول على البعثة للطلبة الصغار؟، ولماذا نتشدد فى جانب ونتراخى فى جانب آخر؟.. كل هذه الأسئلة تجعلنا نفكر من هى العوائل والشخصيات المرموقة التى تخاف الدولة الكشف عن أسمائها، وهل ستنهار الدولة عندما تكشف لنا مزورين خانوا الأمانة ويخادعون الله والوطن والقانون، ولم يعاملوا الوطن مثلما عاملهم؟.
إنَّ أول خطوة من خطوات الإصلاح الشامل للفساد فى التعليم، هى جعل هذه المجموعة عبرة لمن لا يعتبر، والتنكيل بهم أشد تنكيل لكى لا يقدم أحد على مثل هذه الفعلة الشنيعة. إنَّ هذه العوائل والشخصيات يجب أن تقف عند مسئولياتها كمكونات أساسية فى المجتمع، فتحافظ على صلاح المنظومة التعليمية، وإن كان هذا الإصلاح يعبر على بعض أبنائهم وأفرادهم. وحقيقة، لقد مللنا من هذه الأسطوانة المشروخة، فحين الكشف عن أى خلل أو فساد يطالب المسئول بالتكتم على المسئولين عن أى فساد بحجة استقرار البلد، وأنا مؤمن جدا بأن استقرار البلد لن يأتى إلا بكشف هؤلاء المخادعين الذين خدعوا المجتمع بشهاداتهم المضروبة.
نقلًا عن صحيفة الراى الكويتية

المقال تعليقًا على فضيحة الشهادات المزورة التى تضرب الكويت وتورط فيها وافد مصرى.